حدود تجريم الجمعيات الأجنبية في مصر

Egyptian soldiers stand guard in front of the US National Democratic Institute, an NGO (non-governmental) rights group in downtown Cairo on December 29, 2011. Egyptian police were searching the Cairo offices of American and Egyptian rights group following orders by the prosecution service which is investigating how the rights groups are financed. AFP PHOTO /FILIPPO MONTEFORTE

مجدي بدوي

تثير الردود الغربية الغاضبة من اقتحام رجال النيابة وقوات من الجيش والشرطة المصرية الخميس الماضي 17 مقرا من مقار المنظمات المحلية والدولية غير الحكومية العاملة في مصر التي توصف بأنها منظمات مدافعة عن الديمقراطية، العديد من الأسئلة حول عدد تلك المنظمات وطبيعة عملها وحجم تأثيرها وتوقيت الحملة عليها.

وتقول الأرقام الرسمية إن عدد الجمعيات والمنظمات الأهلية والأجنبية العاملة في مصر يبلغ 36333 منظمة وجمعية، يحكمها قانون خاص يستلزم بعد الموافقة الأمنية على الترخيص لها الكشف عن مصادر تمويلها.

وعلى الرغم من ذلك توجد جمعيات ليس لديها تراخيص من وزارة التضامن أو وزارة التعاون الدولي, وتحصل على تمويل دون الإخطار عن الأموال التي تتلقاها وأوجه إنفاقها.

وتحقق السلطات المصرية منذ مدة مع 400 جمعية ومنظمة في تهم تتعلق بالتمويل والترخيص وتتهمها بأنها وراء اضطرابات سياسية في البلاد عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك في شباط/فبراير الماضي، ويرى مراقبون أن الحملة على تلك الجمعيات والمنظمات جاءت في هذا الإطار.

لكن إثارة الضجة بهذا الحجم جاءت بعد أن وصلت التحقيقات عددا من مقار المنظمات الغربية خصوصا الأميركية منها، وربط ذلك بالمساعدات الأميركية العسكرية لمصر.

 إثارة الضجة بهذا الحجم جاءت بعد أن وصلت التحقيقات عددا من مقار المنظمات الغربية خصوصا الأميركية منها، وربط ذلك بالمساعدات الأميركية العسكرية لمصر

تباين
وكشف تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها وزارة العدل المصرية حول التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر عن تقديم الجانب الأميركي 65 مليون دولار لمنظمات غير معروفة تحت شعار "تطوير الديمقراطية"، منها 40 مليون دولار لمنظمتين فقط هما معهد الحزب الديمقراطي ومعهد الحزب الجمهوري اللذان يعملان في مصر مخالفين للقانون.

وأشار التقرير إلى إصرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في القاهرة على المضي قدما في تخصيص 150 مليون دولار لمنظمات المجتمع المدني برغم رفض الحكومة المصرية لذلك.

وأوضح التقرير وجود تحركات مكثفة من الجانب الأميركي لتمويل مشروعات مماثلة، تنفذها منظمات غير حكومية تابعة لدول سلوفاكيا، وبولندا، وجمهورية التشيك، داخل مصر، واستضافة مؤسسة سلوفاكية نشطاء مصريين في لقاءات بُحث خلال أحدها الحدّ من نفوذ المؤسستين العسكرية والدينية.

الحملة
ومن بين المقار التي شملتها الحملة التي نفذتها السلطات المصرية الخميس الماضي مقار المعهد الجمهوري الدولي الأميركي، والمعهد الديمقراطي الأميركي، ومؤسسة بيت الحرية الأميركية (فريدم هاوس) التي تعمل بالقاهرة من دون ترخيص رسمي من الحكومة المصرية، ومركز آخر يعمل وفقا للقانون الفرنسي وغير مقيد بوزارة التضامن بوصفه جمعية أهلية.

وذكرت مصادر قضائية مصرية أن وزارتي الخارجية والتعاون الدولي رفضتا منذ عام 2006 منح التراخيص اللازمة لعمل هذه المؤسسات على الأراضي المصرية, وجمدت عملها وأنشطتها مدة عامين.

وشملت الحملة أيضا مقار المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة بالمنيل، ومرصد الموازنة العامة بمدينة 6 أكتوبر, بالإضافة إلى ورود معلومات عن فحص مقر مؤسسة فريدريش ناومان وفريدريش إيدناور الألمانيتين.

وقام رجال النيابة وقوات الجيش والشرطة بالتحفظ على أوراق ومستندات لهذه المؤسسات ومصادرة عدد من أجهزة الكمبيوتر في سابقة هي الأولى من نوعها بعد ثورة 25 يناير.


اقتطعت الولايات المتحدة 100 مليون دولار من المعونة الاقتصادية, وضختها في تمويل عدد من المراكز, في الشهور الستة الماضية

"

تحايل
ويرى مسؤولون  في القضاء المصري أنه بعد ثورة 25 يناير, تحايلت المؤسسات الأميركية على القوانين المصرية, وافتتحت عدة مراكز لها في محافظات القاهرة, والجيزة, وأسيوط, والإسكندرية, والأقصر, مخالفة للقوانين ولسيادة الدولة.

 وقامت الولايات المتحدة بتمويل هذه المراكز باقتطاع 100 مليون دولار من المعونة الاقتصادية, وضختها في تمويل هذه المراكز في الشهور الستة الماضية فقط.

ويفيد المسؤولون بأن الخارجية الأميركية جددت طلبها للحكومة المصرية بفتح فروع لتلك المؤسسات, لكن طلبها رُفض مجددا, وبرغم ذلك توسعت في فتح المكاتب المخالفة للقانون المصري.

التمويل
ومع التزايد المطّرد لتلك المنظمات والجمعيات والتنوع الكبير في أنشطتها برزت قضية التمويل إحدى القضايا الخلافية.

ويرى المعارضون للتمويل الأجنبي أنه أمر غير مشروع ويعتبرونه اختراقا ومدخلا لممارسة الضغوط، وتقويضا للسيادة الوطنية.

وينبهون إلى أن غالبية الجهات المُمَوِّلة أوروبية وأميركية, وأن كثيرا منها مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بحكومات الدول التي تنتمي إليها، وبالتالي فقيامها بتمويل منظمات غير حكومية في العالم الثالث, سواء كانت تنموية أو حقوقية, لا يمكن أن ينفصل عن مصالح تلك الدول.

على الجانب الآخر يرى المدافعون عن التمويل الأجنبي أنه يكون مقبولاً إذا لم يتدخل المموِّل الأجنبي بأي شكل من الأشكال في القرارات المتعلقة بالنشاط وبمجالات إنفاق الميزانية.

وفي هذا الإطار أيضا يجري التمييز بين المنظمات الحقوقية المصرية والأجنبية، فالمنظمات المصرية لديها ترخيص بالعمل، أما المنظمات الأجنبية التي لم يرخص لها فلا يحق لها العمل في مصر لأنه ينبغي تطبيق القانون باحترام.
_______________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة