حكاية لاجئ في مخيم الشوشة بتونس

حكاية لاجئ في مخيم الشوشة - مخيم الشوشة- إيمان مهذب

مخيم الشوشة في الحدود التونسية الليبية (الجزيرة نت)

إيمان مهذب-مخيم الشوشة

لم يكن الباكستاني وسيم يعلم أن بقاءه في مخيم الشوشة على الحدود التونسية الليبية سيتواصل لعدة أشهر، فهو لم يتوقع يوما أن يجد نفسه وعائلته الصغيرة في بلد لم يختره وأمام قدر لم يتوقع حدوثه.

حكاية وسيم البالغ من العمر 33 عاما لا تختلف عن حكاية الآلاف من اللاجئين المقيمين في مخيم الشوشة الواقع بمدينة بنقردان التونسية (جنوب شرق) فكل اللاجئين بهذا المخيم أجبرتهم الحرب الليبية على الهرب برا أو بحرا بحثا عن ملاذ آمن، ولئن اختلفت التفاصيل فإن الجميع بهذا المخيم يتقاسم المشاغل والأحلام ذاتها.

قرابة 3500 لاجئ من جنسيات مختلفة يجدون أنفسهم اليوم أمام مستقبل غامض، فعلى الرغم من أن الحرب الليبية قد انتهت وبدأت الأوضاع في الاستقرار إلا أن الكثير من هؤلاء اللاجئين لا يرغب في العودة إلى ليبيا ولا إلى بلدانهم الأصلية، بل يحلم بالهجرة أو اللجوء إلى أي بلد أوروبي.

اللاجئ الباكستاني وسيم: لا أفكر في العودة لليبيا لأن الوضع غير مستقر (الجزيرة نت) 
اللاجئ الباكستاني وسيم: لا أفكر في العودة لليبيا لأن الوضع غير مستقر (الجزيرة نت) 

رحلة الهرب
أمام المخيم وقبالة الطريق المؤدية إلى الحدود التونسية الليبية جلس وسيم مع صديقه الباكستاني فايز، ليواصل النقاش معه حول بعض الإجراءات التي ستمكنه من الاتصال بالسفارة الباكستانية بالعاصمة تونس، وبعد أن تردد في الحديث قال للجزيرة نت "لم أكن أتوقع يوما أن يحدث كل هذا.. فحياتي في ليبيا كانت مستقرة إلى أن بدأت الثورة التي قلبت كل الموازين".

ويشير وسيم الذي قضى 22 عاما في ليبيا كعامل في شركة خاصة إلى أنه لم يقرر الرحيل من ليبيا إلا حين "اشتدت ضربات حلف الشمال الأطلسي (ناتو) على العاصمة طرابلس، الأمر الذي أجبره وزوجته وابنه الرضيع على مغادرة البلاد بحرا.

وعن تفاصيل الرحلة يقول وسيم "لقد قررنا الرحيل بحرا لأن الوضع على الحدود البرية كان متأزما، وقد دفعنا مبلغا يفوق الألف دولار لترحيلنا نحو إيطاليا.. ولكن بعد أن قضينا خمسة أيام في البحر إلى أن نفدت كل المؤونة والماء وجدنا أنفسنا أمام سواحل جزيرة جربة التونسية لنرحل منها إلى مدينة صفاقس (جنوب) فإلى المخيمات على الحدود التونسية الليبية".

لاجئون أفارقة يمضون الوقت في اللعب أمام المخيم (الجزيرة نت)
لاجئون أفارقة يمضون الوقت في اللعب أمام المخيم (الجزيرة نت)

حياة المخيم
ويواصل وسيم الحديث بينما يواصل عدد من اللاجئين الأفارقة اللعب، على أنغام الموسيقى المنبعثة من أحد المحلات الصغيرة التي تبيع التبغ وبعض الملابس والسلع المختلفة، ويقول للجزيرة نت "حياة المخيم أفضل من الحرب، لكنها ليست الحياة التي ننشد أو التي نتمنى أن نعيش.. ستكون هذه الفترة مرحلية، وعلى الرغم من أننا لا نعرف وجهتنا القادمة إلا أننا نأمل أن نعيش حياة لائقة".

وعلى الرغم من أن وسيم عاش في ليبيا سنوات طويلة إلا أنه لا ينوي العودة للعيش فيها الآن معللا ذلك بعدم استقرار الوضع، حتى إنه لا يفكر كذلك في العودة إلى باكستان بلده الأم.

ويضيف وسيم "ليبيا ليست مستقرة وبعض الظروف تجعلني ألغي التفكير في العودة لباكستان والكثير مثلي لا يرغبون في العودة إلى ليبيا ولا إلى بلدانهم الأصلية التي يعاني بعضها من الحروب والمجاعة والفقر".

ويشير المتحدث ذاته إلى أن الأيام في مخيم الشوشة تتشابه، ولا شيء يجعلها مختلفة عن سابقاتها سوى تغير الفصول والتقلبات المناخية.

وكغيره من اللاجئين يحاول وسيم تمضية الوقت بالجلوس في المقهى المجاور للمخيم أو لعب كرة القدم أو الاعتناء بابنه البالغ من العمر سنة واحدة.. في انتظار أن يغادر المخيم في اتجاه بلد آخر يبدأ فيه حياة جديدة.

المصدر : الجزيرة