أزمة اليورو تقلص مساعدات نهر البارد

من مخيم البارد بعد ترميم بعض البيوت.

٣١٩ أسرة عادت إلى منازلها الجديدة بمخيم نهر البارد

نقولا طعمة-مخيم نهر البارد

سيجد سكان مخيم نهر البارد شمالي لبنان أنفسهم مجبرين على التكيف مع واقع جديد فرضه اضطرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) تقليص بعض الخدمات المقدمة لهم بعد تراجع موارد الوكالة المقدمة من الاتحاد الأوروبي.

فقد أبلغ الأمين العام للوكالة في لبنان سلفاتوري لومباردو وفدا من الفصائل الفلسطينية اضطرار أونروا تقليص خدماتها نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي -أحد أهم الممولين للوكالة- وهو ما رفضته تلك الفصائل التي عبرت عن تخوفها من "نتائج مأساوية" للقرار.

وفي أولى ردود الفعل قال المسؤول في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أركان بدر -الذي شارك في اجتماع الفصائل مع ممثلي الوكالة- إن المدير العام لأونروا "أبلغنا خلال اجتماع مع الفصائل أن الوكالة تعتزم وقف الإغاثة للسكان الذين عادوا إلى بيوتهم في المخيم القديم لأن الاتحاد الأوروبي المانح للمساعدات، يرى أن الذي عاد إلى بيته لن يستطيع الاتحاد متابعة المساعدة له".

وأضاف بدر أنه ورغم مبرر الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي "شرحنا لوفد أونروا أسباب رفضنا للخطوة الأخيرة". وقال "عندنا خشية من أن يكون هذا الأمر بداية لاستهداف خطة الطوارئ المعمول بها حاليا منذ نكبة المخيم ٢٠٠٧".

وفي تداعيات القرار الأخير رأى المسؤول في التنظيم الفلسطيني أن "النتائج ستكون مأساوية لأن وضع العائلات المادي يحرمها من القدرة على العلاج والاستشفاء على حسابها، خلافا للسابق عندما كان العمل جاريا في السوق التجاري في المخيم قبل تدميره".

أركان بدر: نتائج تقليص المساعداتستكون مأساوية
أركان بدر: نتائج تقليص المساعداتستكون مأساوية

حالة الطوارئ
بدوره قال عماد عودة -وهو مكلف من فصائل المقاومة مسؤولية لجنة المتابعة الفنية للهيئة الأهلية المؤقتة- إن "الحديث يدور الآن عن تقليص المساعدة الغذائية لأهل نهر البارد، والخشية من أن تطال التقليصات مجالات أخرى مثل الصحة".

وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن "ممثلي الاتحاد الأوروبي يتجهون لتقليص كل المساعدات التي يقدمها بشكل عام، على اعتبار أن حالة الطوارئ يجب أن تنتهي بعد مرور خمس سنوات على الأزمة".

وأعلن عودة رفضه هذا الموقف الأوروبي، وقال "المخيم لم يخرج من حالة الطوارئ بسبب الحالة العسكرية التي تعزله عن جواره الذي كان المخيم يعتمد عليه في التجارة والعمل، ولا يمكن أن يعود العمل إلى طبيعته إلا بعد تواصله مع الجوار".

وأوضح أن "الاتحاد الأوروبي سيقلص الإغاثة السنوية الغذائية من 2.4 مليون يورو إلى مليون يورو فقط، وسيجري عملية مسح لتحديد من هم الأكثر فقرا لتقديم المساعدة لهم، وحجبها عن 60% من الأهالي".

أونروا وعدت باستمرار مساعدة الأسر التي لم تتسلم بيوتها
أونروا وعدت باستمرار مساعدة الأسر التي لم تتسلم بيوتها

الأزمة العالمية
في الجهة المقابلة ورغم مخاوف أونروا من تداعيات الأزمة العالمية ومن تقلص مواردها المالية، فإنها وعدت باستمرار مساعدة الأسر التي لم تتسلم بيوتها علما أن ٣١٩ أسرة فقط عادت إلى منازلها الجديدة.

ضمن هذا الإطار قالت هدى الترك -مساعدة مسؤول مكتب العلاقات العامة في المنظمة الدولية- "ستستمر أونروا طوال العام 2012 بتقديم المساعدات إلى العائلات التي ما زالت نازحة من أبناء مخيم نهر البارد لسبب وجيه، ولن تتغير المساعدات إلا بالنسبة إلى العائلات التي عادت إلى بيوتها في المخيم (بعد إعادة بنائها) أو في المنطقة المتاخمة للمخيم".

وأضافت للجزيرة نت "بالنسبة إلى بدل الإيجار، ستستمر العائلات التي ما زالت نازحة عن نهر البارد بتلقي بدل الإيجار، أما العائلات التي عادت إلى بيوتها بعد إعادة بنائها ومنها الـ319 عائلة التي تسلمت بيوتها في الرزمة الأولى فسيتوقف دفع بدل الإيجار لها”.

هدى الترك: بما أن التمويل غير مضمون باستمرار، تسعى أونروا إلى الإسراع في إعادة بناء المخيم ليعود القسم الأكبر من النازحين إلى بيوتهم في أسرع وقت ممكن

واقع صعب
أما فيما يخص المساعدات الغذائية، فقد كشفت الترك أن المنظمة الدولية "ستستمر في تقديمها طالما هناك حاجة لها، كما سيتم إجراء مسح للحالة الاجتماعية الاقتصادية للعائلات لتحديد الحاجة".

وأضافت "سيجري المسح مع العائلات التي عادت إلى بيوتها في مخيم نهر البارد والمنطقة المتاخمة. وفي هذا الوقت ستستمر أونروا بتقديم المساعدات والتغطية الصحية إلى جميع أبناء نهر البارد أكانوا من العائدين أو من الذين لا يزالون نازحين عن بيوتهم".

وأشارت إلى أن "مساعدات الإغاثة جاءت رداً على نتائج النزاع في نهر البارد لمساعدة العائلات التي عانت النزوح".

ويزيد من قساوة هذا الواقع بحسب الترك صعوبة استقطاب الموارد اللازمة للاستمرار في إغاثة النازحين عن مخيم نهر البارد، وقالت "بما أن التمويل غير مضمون باستمرار، تسعى أونروا إلى الإسراع في إعادة بناء المخيم ليعود القسم الأكبر من النازحين إلى بيوتهم في أسرع وقت ممكن".

تجدر الإشارة إلى أن اشتباكات دارت في المخيم ومحيطه لأكثر من ثلاثة أشهر، دفعت سكانه المقدر عددهم بـ31 ألفا إلى مغادرته والانتقال إلى مخيم البداوي ومناطق أخرى في شمالي لبنان.
 
وقد سيطر الجيش اللبناني على المخيم الذي دمر بشكل شبه كلي يوم 2 سبتمبر/أيلول 2007 بعد معارك ضارية أوقعت أكثر من 400 قتيل بينهم 168 جنديا لبنانيا.
المصدر : الجزيرة