قضاة موريتانيا يتهمون الحكومة بإهانتهم

على اليسار المحامي ابراهيم ولد أبتي، ثم بقية الموجودين في الصورة السابقة.

أمين محمد-نواكشوط

أثار قرار وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير فصل القاضي محمد الأمين ولد المختار ومعاقبة آخرين بعد حكمهم بتبرئة متهمين في ملف المخدرات جدلا واسعا في الساحة القضائية والسياسية الموريتانية وامتد السجال بشأنه إلى قبة البرلمان.

واتهمت هيئة المحامين الموريتانيين وزير العدل والسلطات الموريتانية بخرق مبدأ استقلالية القضاء وإهانة القضاة وتجاوز القوانين ذات الصلة بعد قرار الفصل.

رسائل خطيرة
وقالت نقابة المحامين في مؤتمر صحفي لها مساء اليوم إن فصل ومعاقبة القضاة على أحكام أصدروها وقناعات توصلوا لها يمثل رسائل خطيرة إلى كل القضاة مؤداها أن عليهم تبني ما تراه السلطات التنفيذية وإلا فإنهم معرضون للفصل التعسفي من وظائفهم.

وأضاف مسؤولو النقابة أن قرار فصل ولد المختار شابته عيوب في الشكل والمضمون جعلت منه قرارا غير قانوني، حيث لم يمر على المجلس الأعلى للقضاء وهو الجهة المختصة، وتم منع ثلاثة من أعضاء الهيئة التأديبية من حضور مداولات المجلس تحت ذريعة أنهم في عطلة قضائية.

وبررت الهيئة التأديبية قرارها بفصل ولد المختار بارتكابه "وقائع خطيرة تمس شرف المهنة" مع الامتناع عن تطبيق القانون، بدون أن تتحدث بشكل مفصل عن تلك الوقائع التي تصفها بالخطيرة.

وكان المجلس التأديبي التابع لوزارة العدل قد قضى بمعاقبة هيئة المحكمة التي حاكمت متهمين في ملف المخدرات وذلك بفصل رئيس المحكمة القاضي محمد الأمين ولد المختار عن العمل وتخفيض رتب قضاة الغرفة الأربعة الآخرين.

القاضي المفصول محمد الأمين ولد المختار(الجزيرة)
القاضي المفصول محمد الأمين ولد المختار(الجزيرة)

تعاط مريب
وقال نقيب المحامين أحمد سالم ولد بوحبيني للجزيرة نت إن تعاطي السلطات مع ملف المخدرات مريب ومثير للحيرة، ففي حين تخفف العقوبة المقررة على بعضهم ويصدر الرئيس الموريتاني عفوا رئاسيا عن بعضهم، تفرض على القضاة نهجا معينا في التعاطي مع ملفات بعضهم الآخر.

من جانبه يشير المحامي يربه ولد أحمد صالح إلى أن ما يصفها بالازدواجية والتناقض في تعاطي السلطات الموريتانية مع ملف المخدرات تتجسد في تساهل الادعاء العام في تقديم طلبات العقوبة بشأنهم، وفي العفو المتكرر عن بعضهم ثم تسعى بعد ذلك لتفرض على القضاة إدانة آخرين منهم دون بينة ولا أدلة كافية.

ولكن وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير تنصل من مسؤولية وزارته في إدانة القضاة خلال استجواب برلماني له، مشيرا إلى أن الهيئة التأديبية التي حكمت في حقهم هي المسؤولة عن تلك الأحكام دون تدخل من السلطات التنفيذية وهو ما يؤكد استقلالية القضاء بحسبه.

خلافات شخصية
ويجزم المحامون أن معاقبة الهيئة التي برأت متهمين بملف المخدرات جاء لأسباب غير مفهومة بسبب تعاطي السلطات المتساهل مع هؤلاء وعفوها المتكرر عن بعضهم.

ويكشف القاضي المفصول عن خلفيات أخرى تتعلق بخلافات شخصية مع رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني الذي سبق وأن طالبه بإعادة سجناء برئوا إلى السجن وهو ما رفضه بشكل قاطع.

ويقول ولد المختار إنه تصرف وفقا لقناعته الشخصية حين كان الملف المعروض أمامه خاليا من أي دليل، وأنه الآن يدفع الثمن جراء عدم خضوعه لرغبات السلطات التنفيذية.

ورغم تبرمه مما يصفه بالظلم الذي حل به فإنه يشير إلى أنه ليس استثناء في ساحة القضاء.

ويرى أن القضاة يعيشون أوضاعا صعبة، فهم مستثنون من حق التجمع وممنوعون حتى الآن من تشكيل أي إطار يحميهم من تعسف السلطات، مشيرا إلى أن نحو سبعين قاضيا تم الاستغناء عن خدماتهم في الفترة الأخيرة وأحيلوا إلى وزارة العدل دون سبب وجيه.

المصدر : الجزيرة