شكل المساعدات الأميركية للسلطة

قصر هشام في أريحا رمم بدعم أميركي

قصر هشام في أريحا رمم بدعم أميركي (الجزيرة)

عوض الرجوب-الخليل


تتلقى السلطة الفلسطينية مساعدات سنوية من الولايات المتحدة تقدر بنحو نصف مليار دولار، تقدم غالبيتها لقطاع الأمن ومشاريع البنية التحتية ودعم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).


ومع إعلان الكونغرس احتجاز نحو مائتي مليون دولار في 18 أغسطس/آب الماضي، ردا على إصرار الفلسطينيين على التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة، تضرر الكثير من المشاريع القائمة، وتم تسريح آلاف العمال والموظفين.


لكن عدول الكونغرس عن قراره وإعادة إطلاق هذه المساعدات الأسبوع الماضي، أحيا الأمل لدى الكثير من الشركات والمقاولين، فيما أكد محللون تحدثوا للجزيرة نت أن التلويح بتجميد المساعدات لم يكن قرارا جديا ولا يخدم حالة الاستقرار في المنطقة.


مساعدات سياسية
وحسب الدكتور منذر الدجاني الأستاذ في جامعة القدس فإن المساعدات الأميركية تقدم بواسطة وزارة الخارجية عبر الوكالة الاتحادية الأميركية للمساعدة على التنمية (مؤسسة usaid)، بعد إقرارها من الكونغرس.


وأوضح أن المساعدات تطرح على شكل مشروع قانون وتصرف للدول عبر "أجندة" يوافق عليها الكونغرس، مضيفا أن حجب المساعدات يتم بتصويت في الكونغرس الذي يستطيع مراجعة قرار الحجب. وقال إن "آلية حجب المساعدات تحتاج أشهرا وإجراءات مماثلة لآلية إقرارها نظرا لوجود مشاريع مقرة وأخرى قيد التنفيذ".


وشدد الدجاني على أن المساعدات الأميركية "سياسية مائة بالمائة"، واستشهد بتقديمها لدول ذات وضع اقتصادي جيد، وعدم منحها لدول ذات وضع اقتصادي سيئ" موضحا أن "المساعدات الأميركية للسلطة مرتبطة بالعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية".


كما شدد على أن جماعات المصالح هي التي تضغط على الكونغرس لإعطاء المساعدات وعدم إعطائها، مضيفا أنها لعبت دورا في إعادة إطلاق المساعدات للشعب الفلسطيني "لسبب بسيط هو أن المصلحة الإسرائيلية تتطلب ذلك".


وأوضح أن المساعدات أطلقت لأنها تعفي الاحتلال كونه سلطة محتلة من ضغوط تحمل مسؤولياته، وتقوم دول أخرى بدفع مصاريف هذا الاحتلال من جهة، ولأن إسرائيل لا تريد ضغوطا لإطلاق أموال الضرائب التي تحتجزها من جهة أخرى.


وقدمت الوكالة الأميركية للتنمية للفلسطينيين منذ عام 1994 حوالي ثلاثة مليارات دولار وذلك ضمن برامج في قطاعات المياه والصرف الصحي والبنية التحتية والتعليم والصحة والتنمية الاقتصادية والديمقراطية، وفق موقع الوكالة على الإنترنت.


ويؤكد رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين عادل عودة، أن تجميد المساعدات الأميركية ينعكس سلبا على شركات المقاولات وقطاع البناء والبنية التحتية بشكل خاص، مشيرا إلى أن المشاريع الأميركية تتركز في قطاعات البنية التحتية والشوارع والمدارس.

وأضاف أن الضرر يلحق أيضا بالمؤسسات والشركات التي تتعامل مع هذه الشركات، وبالتالي تسريح آلاف الموظفين والعمال والمهندسين والتجار ومستوردي البضائع والمواد الخام وغيرهم.


عودة: المشاريع الأميركية تتركز في قطاعات البنية التحتية والشوارع والمدارس (الجزيرة)
عودة: المشاريع الأميركية تتركز في قطاعات البنية التحتية والشوارع والمدارس (الجزيرة)

تشكيك في النوايا
من جهته يوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم أن المساعدات الأميركية تتركز على القطاع الأمني وتأهيل وتدريب وتسليح القوى الأمنية الفلسطينية، وتتم من خلال مؤسسات تُنشأ لهذا الغرض، موضحا أن معظم عقود هذه المساعدات تمنح لشركات أميركية لها فروع ومؤسسات ربحية وغير ربحية في فلسطين.


وبين أن الولايات المتحدة تقدم نحو ثلاثمائة مليون دولار سنويا للسلطة الفلسطينية، مشيرا إلى مساعدات أخرى تقدم لأونروا والمجتمع المدني، لكنها في مجموعها لا تصل في أحسن الأحوال إلى ستمائة مليون دولار.


وقال إن القليل من المساعدات الأميركية يذهب لتمويل العجز في الموازنة الجارية للسلطة وهو حوالي خمسين إلى ستين مليون دولار سنويا، وجزء لا بأس به لمشاريع البنية التحتية.


وشكك عبد الكريم في نية الولايات المتحدة حجب المساعدات عن السلطة، معتبرا ذلك مناورة هدفها التلويح بالضغط على السلطة من قبل أكبر مؤسسة تشريعية مؤيدة لإسرائيل في العالم.

ورأى أنه من الناحية الإستراتيجية لا تستطيع الولايات المتحدة دفع الفلسطينيين إلى حافة الهاوية "لأن ذلك يؤدي لفتح كل الخيارات أمام الفلسطينيين بما فيها المواجهة المسلحة مع إسرائيل".

وأضاف أنه "ليس في مصلحة إسرائيل وأميركا والغرب عدم الاستقرار في المنطقة كبؤرة توتر جديدة لحالات التوتر في العالم العربي".

المصدر : الجزيرة