التعليم الإسلامي يترسخ بأوروبا

صورة من نشاطات تلامذة مدرسة يونس امرا

تلامذة مدرسة إسلامية يقدمون نموذجا مغايرا للصورة النمطية عند الأوروبيين (الجزيرة نت)

نصر الدين الدجبي-أمستردام

بينما تتحرك الأحزاب اليمينية في أوروبا لتبني مشروعات سياسية تهدف إلى إلغاء تعليم الدين الإسلامي وإلغاء المدارس الإسلامية هناك, خلصت مقاربة حديثة عن التعليم الإسلامي في هولندا إلى أن هذا التعليم يترسخ بقدر تعايش المسلمين في أوروبا.

جاء ذلك في كتاب صدر عن المركز الثقافي الاجتماعي في هولندا، وهو أول كتاب يتناول مقاربة بالأسس الاجتماعية لمناهج التعليم الإسلامي في أوروبا معتمدا التعليم الإسلامي في هولندا نموذجا.

ويتناول أخصائي التعليم الإسلامي بهولندا محسن الزمزمي في كتابه السياق الثقافي الاجتماعي الذي احتضن نشأة وتطور التعليم الإسلامي، وقوفا عند مرحلة التأسيس وما صاحبها من حرص على المحافظة على الهوية للأجيال الأولى من المهاجرين، ثم ما تلاها من تحدي البحث عن الجودة للأجيال الجديدة.

ويرى الكاتب أن مطالب هذا الجيل الجديد تغيرت ولم يعد يكفيه مجرد البحث عن الهوية، بل يطمح إلى تحقيق التمازج بين الحفاظ على الهوية والجودة التعليمية.

وفي حوار مع الجزيرة نت, توقف الكاتب عند اختلاف تجارب المسلمين في أوروبا في العملية التعليمية الإسلامية، مشيرا إلى خصوصية كل بلد أوروبي.

وأشار بهذا الصدد إلى أن فرنسا مثلا لا تعترف بتمويل المدارس الإسلامية في حين تسمح بلجيكا بتدريس الإسلام دون السماح بوجود مدارس خاصة بالمسلمين، ولا توجد وصفة ألمانية أو سويسرية  جاهزة حيث إن الأمر متروك للمقاطعات، في حين تنفرد هولندا بتمويل المدارس الإسلامية تمويلا كاملا.

الزمزمي: مطالب الجيل الجديد تغيرت ولم يعد يكفيه مجرد البحث عن الهوية (الجزيرة نت)
الزمزمي: مطالب الجيل الجديد تغيرت ولم يعد يكفيه مجرد البحث عن الهوية (الجزيرة نت)

وأرجع الزمزمي تلك الخصوصية الهولندية لما يضمنه الدستور الهولندي من حرية التعليم للجميع، مبينا أنه إلى جانب المدارس العمومية تأسست مدارس مسيحية ويهودية وإسلامية، تخضع كلها لنظام التعليم الهولندي ويعطي الحق لهذه المدارس في أن تصبغ نظامها الداخلي ومناخها التربوي بصبغة هويتها الثقافية دون تدخل من الدولة وبخاصة الجانب الروحي منه.

ويصل عدد المدارس الإسلامية في هولندا إلى 44 مدرسة, أغلقت منها اثنتان لسوء الإدارة وضعف مستوى التعليم فيهما.

معوقات
وتحدث محسن الزمزمي للجزيرة نت عن معوقات عدة تقف دون تطور سريع للمدارس الإسلامية من بينها تنوع الخلفية الثقافية لتلاميذ المدارس الإسلامية مما يزيد في صعوبة تحقيق التكامل المنشود بين البيت والمدرسة.

كما أشار إلى أن الإطار الإداري أخذت منه العملية التأسيسية الوقت والجهد على حساب العناية بالجودة التربوية والتعليمية, معتبرا أن ضعف الجودة التعليمية بالمدارس الإسلامية يرجع إلى أسباب عدة من أهمها عدم وجود الكادر التعليمي المسلم المؤهل.

وحول الصورة السيئة التي علقت في ذهنية الأوروبيين حول المدارس الإسلامية، قال الزمزمي الذي عمل لمدة عقدين معلما وشارك بإعداد مناهج المدارس الإسلامية "إن التخطيط التربوي الجيد لمناهج التعليم الإسلامي في أوروبا يسهم بشكل كبير في إزاحة الصورة السيئة التي كرسها الإعلام والساسة اليمينيون".

وتناول الكتاب تجربة مدرسة "يونس أمره" بمدينة لاهاي الهولندية كنموذج, وتحدث عن أسلوب التعليم التعاوني الذي اعتمدته المدرسة كشكل من أشكال التعليم التي ترتقي بالأداء الدراسي للطفل وتكسبه المهارات الاجتماعية التي يحتاجها لاحقا للتعاون مع مواطنيه الهولنديين من أجل صالح المجتمع.

المصدر : الجزيرة