إتلاف وثائق تدين معاوني صالح

مقر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بصنعاء (الجزيرة نت )

مقر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بصنعاء (الجزيرة نت )

إبراهيم القديمي-صنعاء

أعربت أوساط اقتصادية وبرلمانية في اليمن عن قلقها البالغ مما سمته "جريمة إتلاف وثائق" تدين كبار معاوني الرئيس علي عبدا لله صالح بالسطو على المال العام بطرق غير مشروعة.

واعتبرت الأوساط أن إتلاف هذه الوثائق تدمير للاقتصاد اليمني وقطع للطريق أمام مستقبل جيل طموح ينشد التغيير لبناء يمن جديد.

وجاءت هذه المخاوف بعد أن كشفت مصادر مطلعة ورفيعة في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن فريقا يتبع جهاز الأمن القومي الملحق إداريا برئاسة الجمهورية يعكف حاليا في المقر الرئيسي للجهاز بصنعاء على مراجعة وفرز ملفات ووثائق تدين كبار المسؤولين الموالين للنظام بنهب أموال طائلة.

ونقل موقع مأرب برس عن المصادر قولها "إن فريق الأمن القومي قام بتدمير مئات الوثائق والمستندات خلال الأيام الماضية وفاء لتلك الشخصيات التي ساندت صالح وخوفا من وقوع أي وثائق في يد شباب الثورة أو أي حكومة انتقالية قادمة تودي بهم إلى الملاحقات القضائية والسجون".

ووفقا للمصادر فإن تلك الوثائق تعد أدلة دامغة على تورط مئات المسؤولين في نظام صالح بقضايا فساد مالي كبير كان الرئيس صالح يجمد التحقيق فيها سنويا.

وتشمل قائمة المتهمين وزراء ورؤساء مؤسسات حكومية ووكلاء وزارات ومديرين عامين ونافذين كبارا تثبت الوثائق المتلفة تورطهم في نهب وسرقة مليارات الريالات (ملايين الدولارات) من وزارتهم ومؤسساتهم التي كانوا يديرونها خلال السنوات الماضية بحسب المصادر.

عبد المعز دبوان: إتلاف الوثائق يتسبب في أضرار مادية ومعنوية بالغة للشعب (الجزيرة نت)
عبد المعز دبوان: إتلاف الوثائق يتسبب في أضرار مادية ومعنوية بالغة للشعب (الجزيرة نت)

كارثة وطنية
ويعتقد المراقبون أن إتلاف هذه الوثائق سيفقد اليمن ثروات هائلة تم اختلاسها بطرق غير قانونية ومحرمة.

فالمدير التنفيذي لمنظمة برلمانيين ضد الفساد عبد المعز دبوان يرى أن عملية الإتلاف ستتسبب في أضرار مادية ومعنوية بالغة للشعب الذي يعتقد أن هؤلاء المسؤولين فاسدون وناهبون للمال العام والثروات الكامنة فوق الأرض وباطنها.

وأوضح دبوان للجزيرة نت أن إخفاء الأدلة يضع مسؤولي الجهاز المركزي أمام المساءلة القانونية مستقبلا.

وقال كان الأحرى بهم أن يفضحوا هؤلاء المتهمين بدلا من التستر على ارتكاب جرائمهم وإخفاء الأدلة الدامغة بتورطهم.

من جهته اعتبر رئيس المنتدى الوطني للنزاهة وحماية المال العام الدكتور محمد جبران أن إتلاف الوثائق جريمة أعظم من السرقة نفسها.

وأشار إلى أن عملية الإتلاف ستضر بالاقتصاد وأخلاق المهنة وهاجم قيادات الجهاز المركزي مؤكدا أن سماحهم لفريق الأمن القومي بالاطلاع على وثائق هي ملك للشعب وللأجيال عمل غير أخلاقي.

وقال جبران في حديث للجزيرة نت "إن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة جهة مهنية تنفيذية بمثابة المحاسب القانوني للشعب اليمني على حكومته ومتابعة مهامها وأدائها ويتولى حماية المال العام".

وفي رأيه فإن جميع الوثائق التي بحوزة الجهاز لا يجوز إتلافها بأي حال، حيث إن المسؤولين فيه يصبحون غير مؤتمنين على القيام بأي مهام مستقبلية.

تدمير الاقتصاد
أما الكاتب الصحفي عبد الباري طاهر فقد حذر من مغبة إتلاف الوثائق وعده تدميرا لاقتصاد اليمن ومقوماته وقطعا للطريق أمام المستقبل.

وطالب طاهر في حديث للجزيرة نت بوقف هذه التصرفات "غير القانونية" وقال لا بد أن يتنبه المهتمون ومنظمات المجتمع المدني إلى نشر هذه الفضائح أمام الرأي العام ووضع نظام صالح أمام مصيره الحتمي.

وأضاف أن المهلة الزمنية التي أعطيت للنظام من قبل دول الخليج والمراوحة في الموقف الدولي ستؤدي إلى إتلاف ما تبقى من أدلة تثبت تورط عناصره في تبديد ثروات الأمة.

 يحيى زهرة ينفي قيام الجهاز المركزي بتمكين أي جهة من الاطلاع على وثائقه
 يحيى زهرة ينفي قيام الجهاز المركزي بتمكين أي جهة من الاطلاع على وثائقه

نفي رسمي
في مقابل ذلك نفى وكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يحيى زهرة تلك الاتهامات جملة وتفصيلا.

وأكد للجزيرة نت أن الجهاز المركزي مؤسسة حكومية مستقلة ترفع تقاريرها سنويا بحياد وموضوعية وشفافية تامة إلى مجلس النواب.

وجدد التأكيد على أن الوثائق والمخالفات والخروقات المالية تحال للنيابة في حينه وتاريخه أول بأول، نافيا أن يقوم الجهاز بتمكين أي جهة من الاطلاع على وثائقه فضلا عن تسريبها أو إتلافها، واتهم المعارضة بترديد هذه الاتهامات من قبيل المكايدات السياسية ليس إلا.

لكن المواطن عبد الرب أبو بكر وهو من شباب الثورة يدحض ردود وكيل الجهاز ويؤكد أن الجهاز منذ تأسيسه لم يقم بمحاكمة أي مسؤول، مشيرا إلى أنه مجرد ديكور شكلي لواجهة النظام حاله حال هيئة مكافحة الفساد.

وكانت منظمة "برلمانيون ضد الفساد" قد كشفت في وقت سابق عن عمليات إتلاف وإخفاء لكمّ هائل من الوثائق والمستندات المهمة التي تدين النظام اليمني.

ووفقا للمنظمة فإن عمليات الإتلاف جرت في مرافق حكومية منها "رئاسة الجمهورية ووزارة الأوقاف ومصلحة عقارات وأراضي الدولة"، وتحتوي على وثائق تتعلق باتفاقيات النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية إلى جانب إثبات حق الدولة في الأراضي والعقارات.

المصدر : الجزيرة