ساحة نافونا.. دين وسياحة وتاريخ
9/1/2011
غادة دعيبس-روما
تبلغ احتفالات الميلاد بالعالم المسيحي نهايتها في السادس من يناير/ كانون الثاني الذي يوافق ما يعرف بعيد الغطاس، لكن تخليد المدن الغربية لتلك المناسبة الدينية أصبح يتخذ طابعا فولكلوريا متمثلا بأسواق شعبية مبهرجة بزينتها وديكوراتها وحلوياتها وصناعاتها اليدوية.
وما يفسر ذلك الطابع الفولكلوري هو أن تلك المناسبة لها أصل وثني قبل أن تحمل اسم الإبيفيانيا (الظهور) متمثلة في شخصية رمزية هي ساحرة عجوز تطير على مكنستها الخشبية حاملة الهدايا إلى الأطفال.
وتعتبر ساحة نافونا وسط العاصمة الإيطالية روما، التي تختلط فيها الحضارة القديمة والحديثة، تجسيدا مكثفا ومليئا بالرموز لاحتفالات الغرب بتلك المناسبة إذ أنها تصبح مملوءة بكل ما تشتهيه العين من حلويات وأطعمة وصناعات يدوية ومجسمات، إلى جانب الساحرات مع مكانسهن وهداياهن والجرابات المليئة بالحلوى بشتى الأشكال والمقاييس.
فن باروكي
يلف الساحة ذات الشكل البيضاوي من جميع جهاتها مبان تتدلى من شرفاتها الأزهار والورود، ويفصل ما بينها أزقة تأخذ الزائر إلى عالم تاريخي عظيم يختلط بألوان الحياة العصرية الحديثة.
كانت هذه الساحة أصلاً مسرحاً كبيراً مفتوحاً على العامة محاطا بمدرج من الحجارة يتسع لـ15 ألف شخص لمشاهدة المسابقات الرياضية والعروض الدرامية والكوميدية، وهي خاصية من العهد الباروكّي الروماني.
وكانت تلك الساحة التي بناها الإمبراطور دوميتسيانو عام 86، حلبة للمسابقات الرياضية، حيث كانت تغلق جميع مداخلها وتغمر بالمياه بعلو نحو مترين لتصبح ساحة معركة بين سفن حقيقية.
وقد استمرت هذه المسابقة التقليدية حتى القرن الماضي، ومن هنا جاء اسمها "نافونا" من الكلمة اليونانية "آغون" ومعناها مسابقة رياضية.
" السوق الذي يقام كل عام في ساحة نافونا يعتبر أحد أهم تظاهرة شعبية في روما ينتظرها أهل المدينة والسائحون كل عام بلهف كبير لاكتشاف ما تحمله الساحرة من هدايا للكبار والصغار " |
احتفال مستمر
وتعتبر ساحة نافونا حاليا أحد أهم الأماكن التي يرتادها الناس للتنزه وقضاء أجمل الأوقات وأعينهم على جمال فنها التاريخي، مقبلين على مختلف أنواع البوظة أو جالسين أمام الرسامين لرسم ملامح وجوههم بعيدين عن هموم الدنيا ومتاعبها.
وما يزيد من رونق الساحة حضور فناني الشوارع البارعين، مجهزين بعدتهم لترى هنا من يقلد مايكل جاكسون وهناك من يقف صنماً كتوت عنخ آمون وبقربه مهرجون يرسمون الضحكة على وجوه المتفرجين.
المصدر : الجزيرة