تفاؤل عربي بمستقبل العلاقة بالهند

r_India's Prime Minister Manmohan Singh (R) speaks with Amre Moussa, secretary-general of the League of Arab States, during their meeting in New Delhi December 2, 2008
رئيس وزراء الهند مانموهان سينغ (يمين) مستقبلا عمرو موسي في نيودلهي (رويترز-أرشيف)

سامر علاوي-نيودلهي

 
العلاقات بين شبه القارة الهندية والعالم العربي ذات جذور ضاربة في التاريخ والثقافة والسياسة والاقتصاد والدين وقد لا تنافسها أي علاقة أخرى بين حضارتين في التاريخ.
 
وهناك حاجة ماسة للبناء على هذا التراث العريق في العلاقات المميزة التي عرفت منذ حضارتي بابل ووادي النيل مرورا بشبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.
 
بهذه الكلمات مهد أحمد الوحيشي سفير الجامعة العربية في نيودلهي لحديثه عن مستقبل العلاقة بين منطقتي جنوبي آسيا وغربيها.
 
وقال إن العلاقات بين العالم العربي وشبه القارة الهندية تعدت التنسيق التكتيكي السياسي الذي مثله عهد نهرو/ عبد الناصر في الربع الثالث من القرن الماضي بعد استقلال مصر والهند إلى الحوار الإستراتيجي متعدد المجالات والمستويات في الآونة الأخيرة.
 
واعترف الوحيشي في حديثه للجزيرة نت بأن السنوات الأخيرة شهدت تركيزا على العلاقات الاقتصادية، مشيرا في ذلك إلى نموذج دبي، إلا أنه أضاف أن منتدى التعاون العربي الهندي الذي أسس في العام 2008 سعى إلى إعادة العلاقات إلى توازنها في مختلف المجالات والمسارات.
 

سفير الجامعة العربية في نيودلهي د. أحمد الوحيشي (الجزيرة نت)
سفير الجامعة العربية في نيودلهي د. أحمد الوحيشي (الجزيرة نت)

آليات ناجحة

وقال إن مذكرة التفاهم الموقعة في هذا الاتجاه انتهجت آليات عمل تسير بخطط متوازية وصفها بالناجحة مع آليات لتنفيذ هذه الخطط، ومن ذلك العلاقات الثقافية وتشكيل المنتدى الثقافي الهندي العربي بمشاركة المئات من المثقفين والفنانين والكتاب من الطرفين.
 
وتجنب السفير الوحيشي الخوض في المسائل الداخلية الهندية التي تتعلق بوضع المسلمين الهنود باعتبارها مسألة داخلية أو الصراع الهندي الباكستاني الذي قال إن اتفاقيات ثنائية بين البلدين تحكمه.
 
من جانبه اعتبر الخبير في العلاقات العربية الهندية الدكتور ذِكر الله أن المسلمين في الهند لا يواجهون مشكلة سياسية تستدعي تدخلا عربيا حيث إنهم بحكم المواطنة يشاركون في الدوائر السياسية والانتخابات ويحتلون مناصب عليا مثل نائب رئيس الجمهورية حاليا.
 

لكن ذِكر الله الذي شغل منصب سفير الهند لدى السلطة الفلسطينية أشاد بالمواقف العربية الداعمة للمسلمين كمواطنين هنود يشكلون ثاني أكبر تجمع للجالية المسلمة في العالم، مشيرا إلى أن بعثة الحج الهندية التي تقدر بحوالي 150 ألف حاج سنويا تعد ثاني أكبر بعثة بعد إندونيسيا.
 
المسألة النووية
وفيما يتعلق بالمسألة النووية يرى رئيس بعثة الجامعة العربية في نيودلهي، أن هناك تطورا في الموقف الهندي من معارضة المطالبة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشمال بما يشمل إسرائيل إلى امتناع نيودلهي عن التصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 
واعتبر ذلك أحد ثمرات الحوار الإستراتيجي العربي الهندي الذي بدأ قبل سنتين، حيث تعهدت نيودلهي بألا تكون علاقاتها مع أية دولة على حساب المصالح العربية أو علاقاتها بالعالم العربي.
 
وفيما اعتبر الدكتور ذِكر الله في تصريحاته للجزيرة نت أن ذلك يجسد طبيعة العلاقة العربية الهندية فإن السفير أحمد الوحيشي اعتبره فن الممكن في عالم يخضع حاليا للمصالح.

يساريون هنود في مظاهرة مناهضة لإسرائيل في نيودلهي (الفرنسية-أرشيف)
يساريون هنود في مظاهرة مناهضة لإسرائيل في نيودلهي (الفرنسية-أرشيف)

القضية الفلسطينية


وعلى الرغم من العلاقات الإسرائيلية الهندية المتنامية فإن الدكتور ذِكر الله الذي يترأس حاليا المعهد العربي الهندي في نيودلهي، يرى أن علاقات الهند بإسرائيل لم تؤثر في تغيير موقف نيودلهي المبدئي الداعم للقضايا العربية وهو الموقف الذي يرجع إلى ما قبل الاستقلال، بتمثيل محمد علي جوهر في القدس حيث توفي فيها ودفن في باحة المسجد الأقصى في العام 1923.
 
وأضاف أن هناك مواقف كثيرة لا تحصى في هذا الاتجاه، وقد أثر وجود تجمعات وجاليات كبيرة من أصول عربية في الهند كما هو الحال في مدينة حيدر آباد وموقف المسلمين عموما فيها في ضبط مواقف السياسة الهندية تجاه القضايا العربية خاصة فلسطين منذ بداية القضية.
 
ويتفق كثير من المؤرخين الهنود على أن المهاتما غاندي -الأب المؤسس للهند الحالية- وضع حجر الزاوية في منطلقات السياسة الهندية تجاه القضية الفلسطينية بقوله "إن فلسطين للفلسطينيين كما أن بريطانيا للبريطانيين وفرنسا للفرنسيين".
 
ويشير سفير الجامعة العربية بنيودلهي في ذلك إلى دعم الهند قرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مؤخرا بإدانة إسرائيل بعد الاعتداء على أسطول الحرية وسفينة مرمرة التركية، ودعم مقترح تشكيل لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في الاعتداء، وهو موقف متقدم على قرار مجلس الأمن الذي نص على تشكيل لجنة "نزيهة".
المصدر : الجزيرة