مرضى غزة بين الموت والخيانة

مرضى عائدون من معبر بيت حانون الاسرائيلي

مرضى من قطاع غزة عائدون من معبر بيت حانون الإسرائيلي (الجزيرة نت)

ضياء الكحلوت-غزة

لم يتوقع الشاب الغزي محمد إبراهيم أن تتلاشى جهود عام كامل بذلها في محاولة البحث عن "تحويلة علاج"، على معبر إسرائيلي يخيره فيه ضباط المخابرات الإسرائيلية بين "الخيانة" و"الموت".

إبراهيم (31 عاما) الذي تمكن من الحصول على تحويلة للعلاج من تشوه في جهازه البولي بالعاصمة الأردنية عمان، تحطمت آماله على معبر بيت حانون (إيريز) عندما ساومته المخابرات الإسرائيلية وخيرته بين "التعاون معها وتزويدها بمعلومات عن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة" وبالتالي العلاج وبين "الموت مرضًا".

ويروي إبراهيم للجزيرة نت حكاية رحلة بحثه عن العلاج وانتهائها بخيارات مخابرات الدولة العبرية، قائلاً "أجريت أربع عمليات في مصر وخمس في قطاع غزة لعلاج عدم انتظام التبول وضيق الحالب وتشوه الجهاز البولي والتناسلي ولكنها فشلت.. لم يبق أمامي من فرصة سوى العلاج في الأردن".

ويضيف إبراهيم "بدأت إجراءات تحويلة العلاج في الخارج منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر يناير/كانون الثاني عام 2009 وبعد عناء وجهود قاسية حصلت على التحويلة أواخر عام 2009".

ويتابع إبراهيم "لم يتوقف الأمر هنا فلكي أتمكن من السفر يجب أن أحصل على عدم ممانعة من السلطات الأردنية وحصلت عليها وقدمت أوراقي للسفر عبر معبر بيت حانون (إيريز) وفي بداية شهر مايو/أيار 2010 كان موعد الانطلاق فخرجت في الصباح الباكر وحين وصلت لبوابة المعبر على الجانب الإسرائيلي أخبروني أن هناك مقابلة يجب أن أخضع لها".

يونس: الاحتلال الإسرائيلي يستغل حاجة المرضى والطلاب الفلسطينيين (الجزيرة نت)
يونس: الاحتلال الإسرائيلي يستغل حاجة المرضى والطلاب الفلسطينيين (الجزيرة نت)

الموت أو الخيانة
سكت إبراهيم للحظات قبل أن يواصل رواية قصته قائلا إنه عندما دخل إحدى غرف المعبر وجد شخصين من المخابرات ودار مع أحدهما الحوار التالي: سأله الضابط هل تريد أن تسافر وتتلقى العلاج؟ فأجاب: نعم. فكان الرد الإسرائيلي "إذا أردت السفر عليك أن تصبح جاسوسًا لصالحنا وإذا رفضت فارجع إلى أهلك ومت عندهم من المرض".

فرد عليهم الشاب الغزي "أريد أن أموت ستين مرة ولا يأتي يوم أسجَّل فيه خائنا"، فرد عليه الضابط "اذهب إلى غزة ومت هناك".

ويحاول الاحتلال الإسرائيلي تجنيد أكبر عدد من العملاء في قطاع غزة لصالحه من خلال مساومة المرضى والطلبة المضطرين للسفر عبر معبر بيت حانون (إيريز)، بحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان.

"
عصام يونس: ابتزاز المرضى يرتقي إلى مستوى أكثر خطورة من جرائم الحرب ويستوجب ملاحقة ومحاكمة كل من أمر به ومن تغاضى عنه

"

جريمة أخلاقية
وقال مدير المركز عصام يونس "إن ابتزاز المرضى شكل قديم جديد لآلية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع المدنيين في قطاع غزة فهو يستخدم حاجتهم الشديدة سواء لتلقي العلاج أو التعليم أو العمل ليجندهم لصالحه".

وأضاف يونس للجزيرة نت "كل من يمر عبر حاجز بيت حانون (إيريز) يمكن أن يتعرض للابتزاز والمساومة بين البقاء على قيد الحياة والعمالة وهذا من أبشع أشكال ممارسة الأمن لأنه يستغل حاجة الناس بشكل رخيص".

وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى أن المراكز الحقوقية في غزة عملت على فضح هذه القضية وطالبت كل من يتعرض للابتزاز بأن يبلغ المؤسسات الحقوقية ليتم تعرية إسرائيل أمام المجتمع الدولي.

وأكد يونس أن ابتزاز المرضى يرتقي إلى مستوى أكثر خطورة من جرائم الحرب ويستوجب ملاحقة ومحاكمة كل من أمر به ومن تغاضى عنه، مشددًا على أنها جريمة أخلاقية وسياسية وقانونية كبيرة وخطيرة.

المصدر : الجزيرة