مأزق إسرائيل.. لا سلم ولا حرب

الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في مقابلته مع المنار

نصر الله قال إن إسرائيل اليوم في مأزق إستراتيجي (الجزيرة نت)

نقولا طعمة-بيروت

باتت إسرائيل في مأزق إستراتيجي على المستوى العسكري والسياسي حيث أرهقتها صواريخ حزب الله في حربها الأخيرة على لبنان عام 2006، ولا تستطيع المضي إلى سلام في ظل بنيتها السياسية والأيديولوجية.

هذا ما أجمع عليه محللون في حديثهم للجزيرة نت تعليقا على ما قاله الأمين العام لـحزب الله حسن نصر الله الأسبوع الماضي لقناة المنار من أن "إسرائيل اليوم في مأزق إستراتيجي، لا هي قادرة على صنع ما يسمونه السلام، ولا هي قادرة على صنع حرب ساعة تشاء".

فعلى المستوى العسكري، تحدث العميد المتقاعد وليد سكرية للجزيرة نت مؤكدا أنها حقا في مأزق عسكري لأكثر من سبب.

من هذه الأسباب "انكشاف جبهتها الداخلية لأول مرة أمام الصواريخ، ففي كل الحروب السابقة لم تمس الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ قيامها، والآن أصبحت ساحة حرب وسيسقط عليها آلاف الصواريخ التي تطال بنيتها الاقتصادية والصناعية ومجتمعها المدني كما يمكن أن تدمر مطاراتها ويخرج سلاح الطيران من المعركة. كل ذلك يقيد حريتها في الذهاب إلى الحرب".

كما أنها عاجزة عن الوصول إلى حرب حاسمة مع المقاومة، تحقق بها أهدافها السياسية خلافا لحروبها التي استطاعت بها تدمير الجيوش النظامية، أما مع المقاومة فهي لا تستطيع ذلك بل عليها كسر إرادة المجتمع المقاوم الذي لو احتلت أرضه سينتقل إلى حرب عصابات تغرق إسرائيل في استنزاف يعرض قوتها وجبهتها الداخلية للنار والصواريخ".

وتابع سكرية موضحا أن "إسرائيل تريد حربا خاطفة وهذه عقيدتها العسكرية، وجيشها يتكون من التعبئة المدنية. تريد حسما سريعا للمعركة ليعود الجنود لأعمالهم، لكن مع حرب المقاومة، حتى لو احتلت الأرض، ستواجه حرب استنزاف طويلة تنعكس على اقتصادها وإنتاجيتها".

وخلص قائلا "إنها مكبلة اليدين منذ حرب تموز، وهذا ما قصده قائد المقاومة حسن نصر الله". 

"
ما كان مقبولا عند الصهيونية عندما كانت علمانية لم يعد مقبولا لدى صهيونية أكثر تدينا
"
حلمي موسى

سياسيا
وعلى المستوى السياسي، حلل المفكر روجيه نبعة كلام نصر الله في أن إسرائيل لا تريد السلام خصوصا مع الحكومة الحالية.

وقال للجزيرة نت إن "الاسرائيليين يريدون استكمال مشروعهم حتى القدس، وتدمير ما أمكن من الضفة، ولا يريدون أن يعطوا دولة فلسطينية. أما عدم قدرتهم الذهاب إلى الحرب، فله سببان: أولا، لم يستوعب الجيش الإسرائيلي الضربة التي تلقاها في حرب ٢٠٠٦، والجيش الاسرائيلي في مأزق مواجهة مجتمع بأسره ضد دولتهم".

وأوضح أن "الحرب ضد مجتمع ليست كالحرب على جبهة. هناك ما يسمى معركة حسم في الحروب بين الدول. لكن معركة ضد مجتمع لا يمكن أن تكون حاسمة".

السبب الثاني برأي نبعة "أن هناك اعتراضا غربيا متنامِيا على حرب إسرائيلية جديدة بعد حربها على لبنان وغزة. والظروف التي كانت متوافرة أيام بوش انتهت. ومن يتابع  الصحافة العالمية يلمس بوضوح كم اتسع الرأي العام المعارض لإسرائيل وأصبح ٣٠٪ في أميركا بعد أن كان ٥٪ سابقا".

أما المحلل السياسي المتخصص في الملف الفلسطيني حلمي موسى فتناول صعوبة دخول إسرائيل في عملية سلام من وجهة نظر البنية السياسية والأيديولوجية لإسرائيل.

وقال للجزيرة نت إن "هناك تناقضا حادا بالنسبة لإسرائيل بين التوجه الداخلي المتصاعد نحو مزيد من الفاشية، ومزيد من التوجه الديني انعكاسه حكم اليمين الأيديولوجي في إسرائيل وليس اليمين البراغماتي".

وما كان مقبولا عند الصهيونية عندما كانت علمانية -يضيف موسى- لم يعد مقبولا لدى صهيونية أكثر تدينا. وأي حل بالنسبة لهم من دون القدس والخليل ونابلس فيه مشكلة كبيرة. وعندما اقتربت إسرائيل من اتفاقية سلام زمن -رئيس حكومة إسرائيل الراحل إسحق- رابين كان سببه الحكم الأكثر يسارية في تاريخ إسرائيل ووصل إلى الحكم بأصوات عربية".

وأعرب عن اعتقاده "أن إسرائيل لم تتقدم نحو السلام لأن عناصر اكتمال دولتها لم يكن ناجزا، فكل المواقع الدينية اليهودية كانت خارج حدودها قبل ١٩٦٧، تضاف إليها القوة الضاربة الكبيرة التي امتلكتها آنذاك. كل ذلك لم يتح فرصة لسلام يفرضه توازن قوي معين، يرفده توازن قوي داخلي إسرائيلي. واليوم هناك غلبة كاملة لليمين الإسرائيلي المتدين ما يجعل عملية السلام متعذرة".

المصدر : الجزيرة