المرأة الموريتانية لا تشكو الاضطهاد

من الحضور النسوي لاحتفالية هذا العام بعيد المرأة

المرأة الموريتانية سجلت حضورا سياسيا فاق حضور شقيقاتها العربيات (الجزيرة)

أمين محمد-نواكشوط


لا تشكو المرأة الموريتانية كثيرا من تمييز يمارس ضدها، أو من تهميش يقضم حقوقها، بل من المفارقات أن رجالا أسسوا قبل فترة جمعية للدفاع عن رجال موريتانيا في ظل "السيطرة الطاغية بلا حدود" للمرأة في بلاد شنقيط.

نساء موريتانيا نتيجة لذلك بتن يفاخرن نظيراتهن العربيات ليس فقط بسبب الحظوة الاجتماعية التي يحزنها من قديم الزمان، والتي لم تزدها الأيام إلا عمقا وقوة، وإنما أيضا بسبب ما أضفنه في العقدين الأخيرين من حضور سياسي لافت جعلهن في صدارة النساء العربيات مشاركة وحضورا سياسيا.

ولعل الحضور السياسي للمرأة الموريتانية يترجم بشكل أوضح عبر المكانة المتميزة التي تتمتع بها، فهي تحوز على 20% على الأقل من المنتخبين في غرفتي البرلمان، وهي نفس النسبة التي تحظى بها النساء الكنديات اللائي ناضلن قرونا من أجل تحقيق مكسب كهذا.

المرأة الموريتانية عامل مؤثر في نتائج الانتخابات (الجزيرة-أرشيف)
المرأة الموريتانية عامل مؤثر في نتائج الانتخابات (الجزيرة-أرشيف)

كما أنها أيضا سجلت مكسبا آخر في إطار مشاركتها السياسية يتمثل في الحصول على أكثر من 20% من الحقائب الوزارية بمعدل ست وزارات هامة، من بينها حقيبة الخارجية التي تشغلها الناها بنت مكناس وهي أول وزيرة خارجية في العالم العربي، بل وهي السيدة الوحيدة التي تشغل حاليا منصبا كهذا في عالمنا العربي.

وتمتد المكاسب السياسية للمرأة الموريتانية إلى الحضور على مستوى السلك الدبلوماسي والسفارات الخارجية، وإدارة المحافظات الداخلية، وشغل المناصب القيادية في أغلب الإدارات المحلية، هذا فضلا عن أن أربعة نساء على الأقل يتولين رئاسة أحزاب سياسية.

مبالغة
ويرى الباحث الاجتماعي المتخصص في قضايا المرأة سيدي ولد سيد أحمد البكاي أنه بالإضافة إلى الحضور السياسي الكبير، فإن المرأة الموريتانية تتمتع أيضا بمكانة اجتماعية متفردة ، ففضلا عن كونها أميرة الأسرة ومالكة زمامها بلا منازع، فهي أيضا لها مكانتها في سوق العمل وتحظى في إطار معاملاتها التجارية بكامل الاحترام.

ويعيد ولد البكاي في حديثه للجزيرة نت هذه المكانة إلى خصوصية المرأة بالمجتمع الصحراوي الذي يتميز بأنه مجتمع أمومي، يعطي دورا زائدا للمرأة، ويحيطها بهالة من "التقدير المبالغ فيه" وهو ما يفسر أيضا بعض العادات التي درج عليها هذا المجتمع من قبيل استقبال المطلقات في بيوت أهلهن بالفرحة والزغاريد، واستقلال الذمة المالية للمرأة.

سيدي ولد البكاي (الجزيرة نت)
سيدي ولد البكاي (الجزيرة نت)

ورغم تلك المكانة التي لا يختلف عليها اثنان إلا أن قطاعات واسعة من النساء لا زالت تدعوا إلى تعزيز هذه المكاسب وتعميقها خصوصا في المجالات السياسية والاقتصادية، كما أن ممثل الاتحاد الأوروبي بموريتانيا هانس جورج جيرستانلوير دعا في بيان له إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة لأن التمييز بينهما لا زال ظاهرة موجودة في موريتانيا.

لكن الصحفي المهتم بالشؤون الاجتماعية سعيد ولد حبيب لا يوافق على ذلك الرأي ويعتقد أن للمرأة الموريتانية سلطة قوية، ونفوذا كبيرا أحيانا يتجاوز سلطان الرجل، وهو هنا لا يعني بالمرأة الزوجة فقط ، وإنما أيضا الأم والأخوات والخالات والعمات والبنات، وبمعنى أشمل كل الأسماء المؤنثة في العائلة.

خلفيات
وبشأن خلفيات وأسباب هذه الوضعية يوضح ولد حبيب أن المرأة لم تكتسب هذه الجلبة والقدسية لقوة بدنية أو اعتبارات دينية، بل إنها بالأساس أمور تعارف عليها المجتمع الموريتاني القديم بسبب انصهار العادات الثقافية العربية مع الأفريقية والبربرية.

ونتيجة لذلك باتت المرأة العربية في المجتمع الموريتاني تتمتع بسلطة لا متناهية في محيطها الذكوري، بخلاف الموريتانيات من أصول افريقية، اللواتي لا يتمتعن بنفوذ أكبر في المؤسسة الصغيرة المسماة بالأسرة.

وتبعا لذلك -يضيف ولد حبيب- فإن الاستجابة التلقائية من طرف الرجل الموريتاني لرغبات النساء العربيات ليست استجابة تلقائية وإنما هي نابعة في الأصل من هالة عطف وشحنة استضعاف من الجنس الخشن للجنس اللطيف تحولت مع مرور الوقت إلى ميثاق غير مكتوب يمنح المرأة كل شيء في سبيل أن تكون راضية وسعيدة.

المصدر : الجزيرة