رفض بمصر لتقرير الحريات الأميركي

تصميم/ الضغوط الأميركية على مصر
 

محمود جمعة-القاهرة


طلب مفكرون ومثقفون مسلمون وأقباط من مجمع البحوث الإسلامية إصدار بيان يعبر عن موقف المسلمين والأقباط من تقرير الخارجية الأميركية حول أوضاع الحريات الدينية في مصر، وما ذكره من ادعاءات حول عدم وجود حريات دينية فيها وممارسة التمييز ضد الأقباط.
 
وكان من المقرر صدور بيان مشترك من قبل مثقفين ومفكرين مسلمين وأقباط إزاء التقرير، لكن المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا قال للجزيرة نت إنه تم الاتفاق على بيان يصدر من مجمع البحوث في الأزهر الشريف "باعتبار أنه يعبر عن موقفنا جميعا كمسلمين وأقباط".
 
وكان شيخ الأزهر قد شكل لجنة من مجمع البحوث تضم علماء ومفكرين للاتصال بممثلي الكنيسة في مصر لإصدار بيان مشترك بشأن التقرير الأميركي، وعرضه على الجلسة الخاصة التي يعقدها المجمع لهذا الغرض اليوم الاثنين.
 
وقد انتقد تقرير الخارجية الأميركية ما سماه "التمييز" ضد الأقباط والبهائيين في مصر. وقال إن "المسيحيين والبهائيين يواجهون تمييزا على المستوى الفردي والجماعي، وخصوصا في الحصول على وظائف حكومية"، وذكر التقرير أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر يتعرضون لـ"اعتقالات تعسفية وضغوط من قبل السلطة".
 
وبدورها -ولأول مرة- رحبت الكنائس المصرية الثلاث بالتقرير، وتحدثت عن وجود تمييز ضد المسيحيين في مصر، وحملت الحكومة مسؤولية وجود مصر في القائمة السوداء "بسبب إهمال الانتقادات السابقة وتجاهل علاجها".
 
ونقلت صحف محلية عن أساقفة أرثوذكس قولهم إن "هذه التقارير تسيء إلى مصر في الخارج، وإن المسؤولين المصريين يعرفون ذلك جيدا، لكن تجاهلهم التقارير السابقة أعطى الأميركيين الحق في التدخل بمثل هذه التقارير"، مشيرين إلى أن تقارير الحريات الأميركية منذ صدورها وهي تدين التمييز ضد المسيحيين في مصر ولم يتغير شيء.
 

 العوا: تقرير الحريات الأميركي ترفضه كل الدول بشكل عام  (الجزيرة-أرشيف)
 العوا: تقرير الحريات الأميركي ترفضه كل الدول بشكل عام  (الجزيرة-أرشيف)

تدخل أجنبي

وشدد الدكتور سليم العوا على أن تقرير الحريات الأميركي ترفضه كل الدول بشكل عام "لأنه تدخل أجنبي في شؤون داخلية، وتعطي واشنطن به نفسها حق الرقابة والنقد والتوجيه في ما لا تملكه، وبالتالي من واجب كل مصري رفض هذا التدخل والوقوف في مواجهته".
 
وأضاف "إذا كانت الحكومات لديها ضرورات تمنعها من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة سياسيا وفكريا وثقافيا، فنحن كجماعة وطنية ليست لدينا هذه الضرورات ونستطيع الرد بمسلمينا وأقباطنا، استجابة لنداء الكرامة الوطنية الطليق من أي قيد أو حسابات أو مصالح".
 
وقال العوا إن "ما يتعرض له الأقباط وكثير من المسلمين في شأن الأوضاع الدينية داخل الوطن يحل بأيدٍ وطنية صرفة، وعبر طاولة حوار مصرية خالصة، يسودها مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وسيادة القانون على الكافة، على المسجد والكنيسة، وعلى المسلم والقبطي، وعلى الحاكم والمحكوم".
 
ورفض العوا القول بأنه يتحفظ على مواقف بعض القيادات الكنسية من الاضطرابات التي تخلفها مشاكل الأقباط، وقال "الأقباط أحرار في اختيار قادتهم، لكني تحفظت على تصريحات لبعض هذه القيادات كانت خاطئة"، في إشارة إلى تصريحات الأنبا بيشوي نائب البابا التي قال فيها إن المسلمين ضيوف على الأقباط في مصر.

 
بعيدا عن الحكومة
ونفى العوا ما تردد عن إيعاز الحكومة المصرية للأزهر بالاستعانة بمفكرين ومثقفين مسلمين وأقباط لإصدار بيان, وقال "نحن كجماعة وطنية امتدت على مدار تاريخ مصر تحمل ضمير الأمة وتعبر عن إرادة وحدة الوطن، تشكلت من مختلف الأطياف, والحكومة لا تعلم عن تحركاتنا ولا ننسق معها".
 
واعتبر العوا أن تأخر المثقفين المسلمين والأقباط في الرد على التقرير إلى ما بعد الرد الرسمي المصري، جاء "مراعاة للترتيب الأدبي والبروتوكولي وآداب التعامل مع الدولة".
 
وتعليقا على امتناع الكنيسة المصرية عن إصدار بيان رسمي للرد على التقرير الأميركي, قال العوا "لا أعرف لماذا لم ترد الكنيسة لكني أقول إن عليهم أن يردوا، وان يكونوا أول من يتصدى للمغالطات والأكاذيب حول واقع الأقباط في مصر المنتشرة على بعض الفضائيات ومواقع الإنترنت".
 

جورج إسحق: التقرير الأميركي يثير الفتن والضغائن بين أبناء مصر  (الجزيرة-أرشيف)
جورج إسحق: التقرير الأميركي يثير الفتن والضغائن بين أبناء مصر  (الجزيرة-أرشيف)

فتنة مرفوضة

أما المفكر القبطي جورج إسحق القيادي في حركة كفاية فاعتبر أن التقرير يثير الفتن والضغائن بين أبناء مصر، "وهذا ما يحتم الرفض التام له باعتباره تدخلا سافرا في الشأن الوطني المصري".
 
وقال إسحق للجزيرة نت "إننا كمثقفين تشاورنا وفوضنا مجمع البحوث لإصدار بيان وطني يعبر عن رأي الجماعة الوطنية المصرية بكافة عناصرها"، مشيرا إلى أن المثقفين الأقباط لديهم تراث كبير من الكتابات والبحوث والدراسات التي ترفض هذه التقارير من سنوات.
 
وحول ترحيب الكنيسة المصرية بالتقرير، قال إسحق "نحن نتحدث عن حقوق تتعلق بالمدنيين المصريين مسلمين وأقباط وبهائيين وشيعة، ونحن نرفض أي مساس بحقوق المدنيين المصريين، وندعو إلى معالجات وطنية لأي مشكلات".
ورأى إسحق أن المثقفين لن يكتفوا بإصدار بيان شجب وإدانة، بل إنهم بصدد تشكيل لجنة مشتركة تضم عددا من المهتمين بالشأن العام ممن لهم مصداقية لبحث الأمر.
 
صمت قبطي
وفي المقابل، رفض الأنبا مرقص أسقف أبرشية شبرا الخيمة التعليق على الموضوع، وقال للجزيرة نت إنه ملتزم بقرار البابا شنودة الذي اتخذه إبان أزمة "كاميليا شحاتة" بعدم الإدلاء مطلقا بأي تصريحات لوسائل الإعلام في أي قضايا تتعلق بالأقباط، وأكد أنه وكافة القيادات الكنسية "ملتزمة بهذا الأمر لحين صدور قرار آخر من البابا".
 
كما اعتذر الأب مكاري ونان عن التصريح للجزيرة نت "احتراما لقرار البابا"، كما أنه "أخذ عهدا على نفسه بعدم الحديث في الأمور السياسية، خاصة التي تتعلق بالأقباط في مصر"، فيما لم يجب الأنبا أرميا والأنبا يوئنس سكرتيرا البابا شنودة على هواتفهما.
المصدر : الجزيرة