نوبل للسلام بين التسييس والاستقلالية

Amnesty International's demonstrators hold pictures of the 2010 Nobel Price Liu Xiaobo during a demonstration to protest against the state visit to France by Chinese President Hu Jintao on November 5, 2010 in Nice southern France
متظاهرون يطالبون بإطلاق المنشق الصيني الفائز بنوبل ليو شياوبو (الفرنسية-أرشيف)

سمير شطارة-أوسلو

 
بينما تجري الاستعدادات في النرويج لتسليم جائزة نوبل للسلام لهذا العام, ثارت تساؤلات متجددة عن مدى تسييس أو استقلالية الجائزة التي سيغيب عنها الفائز بها وهو المعارض الصيني ليو شياوبو الذي يقبع حاليا في أحد سجون الصين لاتهامه بالتخريب.
 
ومن المتوقع أن يقرأ شخص بعض أعمال ليو أمام مقعد خال إلا من صورة الفائز لتمثله في ذلك الاحتفال الذي أثار حفيظة الصين باعتباره سياسيا بحتا.
 
ووفق المحلل الصيني المخضرم ويل لام القريب من الحكومة الصينية فإن العلاقات الصينية النرويجية ستتجه للبرود والتجميد، خاصة في العامين القادمين وهي فترة بقاء الرئيس الصيني على رأس الحكومة الصينية والتي ستنتهي في أكتوبر/تشرين الأول 2012.
 
 ياغلاند: ردة فعل الصين ستكون مؤقتة وليست طويلة (الجزيرة نت)
 ياغلاند: ردة فعل الصين ستكون مؤقتة وليست طويلة (الجزيرة نت)

وقال لام إن القيادات الصينية تعتقد أن جائزة نوبل جائزة أميركية غربية تسعى إلى أهداف سياسية محضة، ولا علاقة لها بصناعة السلام.

 
مقاطعة
في الوقت ذاته تضامنت أكثر من 19 دولة ضمنيا مع الصين. وبحسب موقع وزارة الخارجية الصينية التي اعتبرت منح المعارض الصيني الجائزة جريمة بحقها، فإن عدد الدول التي لن تشارك داخل النرويج وخارجها يزيد عن مائة دولة.
 
وكشف رئيس لجنة نوبل للسلام توروبيون ياغلاند أن عدد الدول قابل للزيادة نظرا لما تمارسه الصين من تهديد وضغط على بعض الدول في حال حضورها مراسم تسليم جائزة نوبل.
 
والدول التي لها تمثيل دبلوماسي في العاصمة النرويجية أوسلو ورفضت المشاركة -وفق لجنة نوبل- هي: الصين وروسيا وكولومبيا وتونس وإيران والمغرب والسعودية وباكستان والعراق وصربيا وفيتنام وأفغانستان وفنزويلا والفلبين ومصر والسودان وأوكرانيا وكوبا وكزاخستان.
 
اتهامات التسييس
وفي إطار دفاعه عن منح الجائزة هذا العام للصيني ليو، خفف رئيس لجنة نوبل ياغلاند من حدة التوتر وتدهور العلاقات النرويجية الصينية، مؤكدا أن ردة فعل الصين "المبالغة" ستكون مؤقتة وليست طويلة.
 
وأضاف "لجنة نوبل منحت الجائزة للصيني ليو انطلاقا من دفاعها عن حقوق الإنسان، وأنها تعتقد أنها بذلك دخلت حربا ضروسا من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية". وقال إن "الديمقراطية وجدت ليس للقتال مع بعض بعضا، وإنما لمواجهة الدكتاتورية".
 
وأكد أن قرار اللجنة بعيد كل البعد عن المراكز السياسية في النرويج، وأن تدارس أي اسم يكون في أجواء سرية وبعيدة عن أي ضغوط سياسية، وتأتي وفقا لوصية ألفرد نوبل.
 
ورفضَ اتهامات بتسييس الجائزة منذ توليه رئاسة لجنة نوبل قبل عامين، حيث استهلها بمنحها للرئيس الأميركي باراك أوباما، وألحقها بمنحها للمعارض الصيني.
 
وقال إن منح الجائزة لأوباما جاء بعد مفاوضات مع روسيا بشأن الإستراتيجيات النووية وإن "ما قام به لم يقم به بوش، وعليه يستحق جائزة نوبل". ورفض في الوقت ذاته ربط منح المعارض الصيني بتقربه للولايات المتحدة والغرب.
 
في المقابل اتهم المحامي والقانوني فريدريك هافرميل رئيس لجنة نوبل للسلام بتسييس الجائزة والذهاب بعيدا عن روح وصية ألفرد نوبل.
 
وقال فريدريك الذي ألف عدة كتب قانونية حول وصية نوبل، للجزيرة نت إن اللجنة ابتعدت كثيراً عن مسارها، وإنها خرقت القانون النرويجي ووصية نوبل بمنحها عدة شخصيات في السنوات الماضية، خاصة عندما مُنحت لأوباما.
 
فريدريك هافرميل: اللجنة ابتعدت كثيرا عن مسارها (الجزيرة نت) 
فريدريك هافرميل: اللجنة ابتعدت كثيرا عن مسارها (الجزيرة نت) 

ورأى أن الجائزة بدأت تفقد قيمتها ورونقها، وأنها بدأت بالفساد بعد انتهاء الحرب الباردة، "حيث أخذت طابع التسييس وفقدان الشفافية"، وتساءل مستغربا "كيف لنا أن نقتنع أن الجائزة تخلو من مدلولات سياسية أو تخلو من التسييس والقائمون عليها سياسيون ولهم انتماءاتهم السياسية المعروفة؟".

 
واتهم المحامي -وهو مختص بجائزة نوبل من الجانب القانوني- لجنة نوبل بتقربها من الولايات المتحدة والغرب لتحقيق المزيد من المكاسب والمناصب الدولية، مؤكداً أن رئيس لجنة نوبل الذي ينتمي لجناح اليمين لحزب العمال الحاكم قد شغل منصب رئيس البرلمان لفترة طويلة ولم يتركه إلا لرئاسة لجنة نوبل وعمله أمينا عاما للمجلس الأوروبي لحقوق الإنسان ببروكسل.
 
تأزم العلاقات
وقد ألقت الجائزة بظلال على العلاقات النرويجية الصينية، خاصة على الصعيد الاقتصادي، إذ تعتبر النرويج أكثر الدول الأوروبية توقيعا لاتفاقيات تجارية متبادلة مع الصين.
 
وكان من المفترض أن يمثل النرويج وزير تجارتها تروند غيسكا للتوقيع على أكبر اتفاقية تجارية مع نظيره الصيني مطلع العام القادم، لكن السلطات الصينية أجلت الموعد لوقت غير محدد بذريعة ضيق الوقت.
 
كما رفضت بكين استقبال وزيرة الأسماك والشواطئ النرويجية مرتين متتاليتين نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي لذات السبب.
 
وتعد الصين أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم لسمك السلمون النرويجي، فقرابة 50% من صادرات سمك السلمون للأسواق العالمية تذهب للصين. كما تعتبر الصين بوابة المأكولات البحرية لآسيا، لذا تتجه أنظار الدول المصدرة عادة نحو الصين.
المصدر : الجزيرة