أرشيف حرب 73 يكشف إسرائيل

epa01523776 Egyptian soldiers deploy in zodiacs on the River Nile during a renactment and celebration commemorating the 6th of October War (Yom Kippur War) in Maadi, south of Cairo 17 October 2008.
صورة أرشيفية لاحتفال قوات مصرية بذكرى حرب أكتوبر (الأوروبية-أرشيف)

وديع عواودة-حيفا 

 
تثير محاضر حرب أكتوبر/تشرين الأول الأرشيفية المنشورة تباعا في إسرائيل ضجة واسعة في الرأي العام وتبدد أساطير إسرائيلية، فيما يرى البعض أنها ترجح أنها كانت "حرب تحريك لا حرب تحرير"، وفق تعبير منتقدي الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي اتهم بخوض الحرب بغية الصلح.

ومنذ يومين كشف أرشيف الدولة الرسمي في إسرائيل عن ثماني وثائق -اعتبرت سرية للغاية- تتعلق بحرب تشرين/ أكتوبر قبل 37 سنة، يستدل منها بوضوح على حالة الذعر والبلبلة التي عصفت بإسرائيل عقب شن مصر وسوريا الهجوم على إسرائيل في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973.

وتكشف الوثائق حالة شبه الانهيار التي لازمت حينها وزير الدفاع موشيه ديان الذي نقل للحكومة تقارير عن تحسن قدرة العرب على القتال، وعن تفوقهم الكمي إلى حد تهديد إسرائيل بالفناء. ووفق أحد المحاضر يقول ديان إن "الحرب تدور على أرض إسرائيل برمتها. فقدنا السيطرة على خط القنال، والأردن سينضم للحرب".

كما تكشف المحاضر عن دعوة ديان الجيش لترك الجرحى ينزفون في ساحة الحرب وعدم إنقاذهم إذا كانت المهمة خطيرة، حفاظا على القوات من النيران المصرية والسورية التي سجلت انتصارات مفاجئة في الأيام الأولى من الحرب.
 
undefinedوتؤكد المحاضر بالتلميح رواية إسرائيلية -كشف عنها منذ ثلاث سنوات- عن تجنيد الموساد لأشرف مروان صهر الرئيس المصري الراحل عبد الناصر والمستشار الخاص لخليفته السادات، والذي أبلغ إسرائيل بقرار الحرب قبل ساعات قليلة من شنها وفق مصادر إسرائيلية، فيما اعتبرته مصادر إسرائيلية أخرى عميلا مزدوجا.
 
وتشير المحاضر التي سينشر المزيد منها إلى أن رئيسة وزراء إسرائيل وقتها غولدا مائير خططت لزيارة خاطفة وسرية لواشنطن طالبة النجدة لإنقاذ إسرائيل، كما تداولت مع زملائها إمكانية فتح الترسانة النووية واستهداف دمشق.

تلميح بالنووي
وقال المعلق البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت نحوم برنيع الأربعاء إن المحاضر تعكس عمق الهلع الذي ألم بإسرائيل وقتها، مشيرا إلى أنها ألمحت لتداول إسرائيل ردود فعل لم تبحث من قبل أبدا، في إشارة للسلاح النووي خلال الأيام الأولى للحرب.

 
ويتابع برنيع "تظهر المحاضر كم كانت إسرائيل متعلقة بالولايات المتحدة بشكل مطلق، بدءا من التزود بالسلاح عبر قطار جوي، وانتهاء بالتصويت في الأمم المتحدة، وقد رغبت إسرائيل جدا في وقف إطلاق النار، لكنها تظاهرت بالعكس خشية أن يدرك العرب والعالم خطورة الوضع الناشئ".
 
أما المعلق البارز في "معاريف" بن كسبيت فقال إن البروتوكولات التاريخية تبدد الهالة الأسطورية حول وزير الدفاع ديان القائد المظفر الذي انتصر على العرب في حرب 67 خلال ستة أيام. وأشار كسبيت إلى تحطم أسطورة أخرى حول أخلاقية الجيش الإسرائيلي الذي طالما ادعى أنه لا يترك الجرحى في الميدان.

كبها: الأرشيف يؤكد أن حرب السادات كانت لتحريك الوضع السياسي لا لتحرير الأرض  (الجزيرة نت)
كبها: الأرشيف يؤكد أن حرب السادات كانت لتحريك الوضع السياسي لا لتحرير الأرض  (الجزيرة نت)

فرصة مهدورة
ويؤكد المؤرخ مصطفى كبها أن هذا الأرشيف ساهم في حسم الجدل فيما إذا كانت 6 أكتوبر/تشرين الأول "حرب تحرير أم تحريك"، مرجحا كفة الثانية أي أن حرب السادات كانت لتحريك الوضع السياسي لا لتحرير الأرض.

 
وتابع في حديث للجزيرة نت أنه "كان الكل مدركا لحالة الارتباك التي أصابت القيادة الإسرائيلية بمستوييها السياسي والعسكري عقب اندلاع حرب أكتوبر/تشرين الأول، والمنجزات الهائلة التي حققها الجيشان المصري والسوري، ولكن لم يكن ذلك موثقا حتى الآن".

وأوضح كبها أن المحاضر الجديدة "تأتي على ما تبقى من أسطورة وزير الحرب الراحل موشيه ديان، وبددت ما تبقى من الهالة العسكرية التي نسجت حوله".

تحريك لا تحرير
وأشار كبها إلى أن المحاضر ساهمت في تأكيد الحجم الكبير لإضاعة الفرصة من قبل مصر في تلك الحرب، والخوف الكبير غير المبرر من قبل الرئيس السادات, وأضاف أن المحاضر ترجح كفة القول بأن حرب أكتوبر/تشرين الأول كانت بهدف التحريك لا التحرير، خاصة بعد الاطلاع على مكالمات السادات ووزير الخارجية الأميركي حينها هنري كيسنجر.

 
وبالنسبة لدور المحاضر الأرشيفية في تبيان حجم التضحيات المصرية، قال "لا يستطيع المراقب تجاهل هذه الحقيقة، فمصر قدمت 67 ألف شهيد في حروبها مع إسرائيل حتى تم تحييد دورها لاحقا".
المصدر : الجزيرة