دفاع عن لغة الضاد بالمغرب

جانب من المشاركين في الندوة



مصطفى البقالي-الرباط

أجمع أكاديميون ومفكرون مغاربة على وجود ارتباط كبير بين اللغة العربية والهوية الحضارية والثقافية للمغرب، كما أكدوا ضرورة إعادة الاعتبار للغة الضاد في ظل وجود محاولات لتكريس الفرنسية لغة سياسة وثقافة واقتصاد.

ودعا المشاركون بالندوة العلمية التي نظمتها أكاديمية المملكة بالرباط على مدى يومين، إلى كشف وتصحيح "المغالطات" التي تروج لها بعض الجهات بخصوص ضعف العربية، وإعطائها "المكانة التي تستحقها" بسبب ما أبانته من قدرة كبيرة على مسايرة التطورات العلمية والثقافية المتسارعة بالعالم.

وعبر متدخلون في الندوة التي ناقشت موضوع "اللغة العربية في الخطاب الإعلامي والتشريعي والإداري بالمغرب" عن قلقهم على مستقبل العربية في الوقت الذي تسود فيه الغلبة للفرنسية في مجالات الإعلام والتشريع والإدارة، وهو ما اعتبروه تكريسا "لاستعمار ثقافي جديد".

عبد الكريم غلاب جرّم استبدال العامية أو الفرنسية بالعربية (الجزيرة نت)
عبد الكريم غلاب جرّم استبدال العامية أو الفرنسية بالعربية (الجزيرة نت)

عمل إجرامي
ووصف الأديب والمفكر عبد الكريم غلاب دعوات استبدال العامية أو الفرنسية بالعربية "عملا إجراميا" معتبرا أن العربية تستمد قوتها من كونها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، بالإضافة لدورها في توحيد المغرب مع ملايين العرب الموزعين عبر العالم.

وقال غلاب إن الصراع الذي يروج إعلاميا بخصوص وجود صراع بين العربية والعامية "مفتعل" معتبرا أنه لا يمكن في وقت من الأوقات أن تتحول العامية إلى لغة علم وثقافة.

وأشار إلى أن من يدافعون عن تمكين العامية ينطلقون من جهل بالعربية، بسبب تكوينهم اللغوي الفرنكفوني، وهو ما يجعلهم يعمدون إلى محاولة فرض العامية أو الفرنسية وسائل للتواصل، مؤكدا بالوقت ذاته وجود "خلفية أيديولوجية" تحاول إحداث اضطراب بين العربية الفصحى، واللهجة العامية والفرنسية.

في المقابل نفى وزير الإعلام السابق محمد العربي المساري وجود أي صراع بين العربية والعامية والفرنسية، بسبب وجود إمكانية استعمال كل واحدة منها في سياقات مختلفة.

واعتبر أنه في ظل إقرار سياسة تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب، فإن المعلنين يلزمون وسائل الإعلام باستعمال العامية على اعتبار أنها هي التي يجيدها جميع المغاربة على حد تعبيره.

وفي نفس الوقت أشار المساري في تصريح للجزيرة نت، إلى أن وسائل الإعلام المغربية الناطقة بالفرنسية، تتبوأ مراكز متأخرة في المشهد الإعلامي المغربي مقابل هيمنة وسائل الإعلام التي تستعمل العربية بنسبة تصل إلى حوالي 99%، وهو ما يؤكد حسب رأيه "الفشل الذريع" الذي لحق بدعاة فرض الفرنسية على الشعب المغربي.

فاطمة الحبابي: أسباب ضعف العربية مرتبطة بضعف داخلي ناتج عن الجهل (الجزيرة نت )
فاطمة الحبابي: أسباب ضعف العربية مرتبطة بضعف داخلي ناتج عن الجهل (الجزيرة نت )

أسباب
من جانبها اعتبرت الباحثة والأستاذة الجامعية فاطمة الجامعي الحبابي، أن أسباب ضعف العربية مرتبطة بضعف داخلي ناتج عن الجهل والإحساس بالإحباط لدى الشعوب العربية.

وأشارت في تصريح للجزيرة نت إلى أن محاولات بعض الدول فرض لغاتها على الشعوب الأخرى "أمر طبيعي" يدخل ضمن "التدافع الأبدي" بين الحضارات التي تهدف كل واحدة منها إلى غلق الطريق على الآخرين.

من جهتها أكدت الباحثة بعلم الاجتماع والأستاذة الجامعية رحمة بورقية في تصريح للجزيرة نت أن الدفاع عن العربية يمليه ما تحمله من قيم ثقافية وحضارية ودينية مرتبطة بها.

واعتبرت بورقية أن تمكين العربية وتقويتها لن تتأتى إلا بنقلها إلى "مواقع السلطة" التي حددتها في تكنولوجيا الإعلام والاقتصاد.

المصدر : الجزيرة