الصومال.. حطام حقوق الإنسان

لحاجة عائشة يواجه المصابون في مقديشو صعوبات للوصول الى المستشفي
معاناة المدنيين الصوماليين تتدهور بشكل مستمر (الجزيرة نت)

جبريل يوسف علي-مقديشو

 
تتفاقم معاناة المدنيين في الصومال يوما بعد يوم بعدما أصبحوا ضحية عنف متواصل أضيف إلى الفقر والجفاف. كما يعاني الجرحى منهم نتيجة للعنف في مقديشو صعوبات متعددة قبل الوصول إلى المستشفيات حيث تدني مستوى الخدمات المقدمة وتردي الحالة الأمنية، إضافة إلى طول المسافة وسوء حالة الطرقات والشوارع, الأمر الذي يرفع أعداد الوفيات.
 
ويشكو المدنيون في مقديشو من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان تتعلق بعدم احترام الأطراف الأهداف المدنية أثناء الاشتباكات واستباحة المليشيات لممتلكاتهم وأعراضهم أو حتى أرواحهم دون محاسبة قانونية أو شرعية.
 
أغلب الحوادث الإجرامية ضد المدنيين تحدث في مقديشو بسبب انتشار المليشيات العسكرية غير النظامية وغياب المحاكم القضائية والمحاسبة القانونية الفعالة, إضافة إلى انتشار الغطاء القبلي لمرتكبي الجرائم وتغاضي السلطات عنها لأسباب قبلية أو نتيجة الفساد الإداري, حسب ما قال كثيرون من مواطني المدينة.
 
كما تعاني المدينة من عمليات اغتيال مجهولة وحالات تخويف للمواطنين, إضافة إلى انتشار عمليات تضييق للحريات سواء حرية التعبير أو حرية الصحافة، في انتهاك صريح لكرامة الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه.
 
أيان علي أحمد سيدة صومالية تعيش في مخيمات النازحين بضواحي مقديشو، تقول للجزيرة نت "فقدت اثنين من أطفالي وزوجي بسبب قذيفة سقطت على منزلي في مقديشو، وتعرضت جارتي لاعتداء وحشي من جانب شبان لا أود أن أشير إلى الجهة التي ينتمون إليها، وعندما تركت منزلي وحضرت إلى هنا لم أجد ما يغطي تكاليف المعيشة ونعيش على ما يقدمه لنا برنامج الغذاء العالمي".
 
وردا على سؤال بشأن عدم إبلاغ الجهات المسؤولة بعد حادث التعدي على جارتها, قال أيان إنهم يدركون أن ملاحقة هؤلاء فيها مخاطر كبيرة, مشيرة إلى أنه ستتم ملاحقتهم "عندما تعود العدالة".
 

المصابون جراء المواجهات يفتقرون للرعاية (الجزيرة نت)
المصابون جراء المواجهات يفتقرون للرعاية (الجزيرة نت)

مجرد نموذج
أيان نموذج لآلاف النساء اللائي فقدن أزواجهن بسبب العنف في مقديشو فأصبحن يواجهن مصاعب الحياة دون معين. كما أن جارتها نموذج لمئات الفتيات الصوماليات اللائي تعرضن لحوادث اغتصاب وانتهاك لأعراضهن.
 
كانت الحركات الإسلامية المسلحة قد أعدمت مغتصبين رجما بالحجارة في مناطق متفرقة من الصومال, رغم انتقادات لهذه الأحكام عبر الطعن في الأدلة المتوافرة وغياب الدفاع.
 
حاجة عائشة برو حسين حكت معاناتها للجزيرة نت، تقول "جئت إلى هنا بعدما قطعت مسافة 20 كلم هربا من مقديشو، وفقدت اثنين من أحفادي".
 
تشكو عائشة من مرض السكري ولا تتحمل سماع أصوات القذائف، لذا فضلت البقاء هنا حيث صعوبة الحياة بدلا من العيش في مقديشو حيث القتل والقصف والخوف.
 
أما  المصابون جراء المواجهات, فيواجهون في مقديشو أسوا المصاعب بسبب قلة سيارات الإسعاف لنقل الجرحى وإغلاق معظم شوارع المدينة أثناء المعارك.
 
يقول علي عداوي أحد المصابين في الأعمال المسلحة للجزيرة نت "أصبت بشظايا من قذيفة سقطت على شارع بحي سنعا شمال مقديشو في الساعة الحادية عشرة صباحا، ولكني وصلت المستشفي في الرابعة عصرا بسبب تأخر سيارة الإسعاف وإغلاق الشوارع, وأشعر أني أحسن حالا من الكثيرين الذين لا يتمكنون من الخروج من مناطق المواجهات فيموتون داخل المنازل أو تصلهم سيارة الإسعاف بعد يوم أو يومين عندما تنخفض وتيرة العنف".
 
وبينما يتمسك كل طرف في الصومال بموقفه, مع تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن معاناة المدنيين, تبدوالأمور في طريقها إلى مزيد من التدهور.
 
ولم يقف الأمر عند هذا الحد, بل امتد ليصيب الحركة التجارية للأسواق, إضافة إلى تشرد آلاف الأطفال وتزايد حركة النزوح وتراجع عجلة التعليم بمختلف مراحله.
المصدر : الجزيرة