السلاح النووي.. فزاعة واشنطن لابتزاز تعاون باكستان

AFP - Pakistani soldiers stand guard on road at Gulabad, in the troubled Malakand agency, on May 16, 2009. Pakistan's military said that 47 militants were killed over the last 24 hours of its air and ground offensive against the Taliban in three northwestern districts. AFP PHOTO/Tariq

محللون اعتبروا أن غرض واشنطن هو الضغط على الجيش الباكستاني (الفرنسية-أرشيف)

محمد أعماري-الجزيرة نت

ترددت في الأيام الأخيرة تقارير إعلامية تفيد بأن واشنطن قلقة من احتمال وصول حركة طالبان أو تنظيم القاعدة إلى الترسانة النووية الباكستانية، وتحدث بعضها عن خطط عسكرية أميركية سرية للاستيلاء على هذه الترسانة في حال سيطرة أحد التنظيمين على البلاد.

وقد نسبت قناة فوكس الأميركية نهاية الأسبوع الماضي لمصدر في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) قوله إن خطة السيطرة على أسلحة باكستان النووية تعدها وحدة عسكرية خاصة فائقة السرية تسمى القيادة المشتركة للعمليات الخاصة.

أنباء مماثلة تحدثت عنها قناة سي إن إن الأميركية، كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين قولهم إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مايك مولين أكد في جلسة استماع بالكونغرس الأميركي الخميس الماضي أن باكستان تسعى لتوسيع ترسانتها النووية.


لعبة سياسية
كثير من المحللين والمتتبعين عبروا عن صعوبة تصديق مثل هذه التقارير، معتبرين أن باكستان أبعد ما تكون عن السقوط بأيدي طالبان والقاعدة، إضافة إلى التعاون الأمني الوثيق بين واشنطن وإسلام آباد، التي تؤكد باستمرار أن ترسانتها النووية في مأمن.

الجيش الباكستاني يفرض نظاما أمنيا صارما على أسلحته النووية (الفرنسية-أرشيف)
الجيش الباكستاني يفرض نظاما أمنيا صارما على أسلحته النووية (الفرنسية-أرشيف)

الخبير بالشؤون الإستراتيجية والأمن القومي ورئيس مركز الدراسات الأميركية والعربية الدكتور منذر سليمان يؤكد أن هذه التصريحات الأميركية ما هي إلا "ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية على باكستان لابتزاز المزيد من التعاون الأمني والعسكري".

كما أن هذا التلويح المستمر بخطر سقوط السلاح النووي الباكستاني في أيدي من تسميهم واشنطن "متطرفين"، غرضه –بنظر سليمان- كسب تأييد الكونغرس الأميركي لمشروع القانون الذي أحالته عليه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ويقضي بصرف مساعدات مالية من الخزينة الأميركية لصالح الحكومة الباكستانية.

فمقترح القانون ينص على مضاعفة المساعدات الأميركية للحكومة الباكستانية إلى ثلاثة أضعاف في غضون السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى 7.5 مليارات دولار.

ومن جهته يرى الكاتب الصحفي الباكستاني علي أحمد مهر أن الأميركيين "يبدون القلق متى شاؤوا ويعبرون عن الارتياح متى شاؤوا"، مضيفا أن التصريحات الأميركية الأخيرة "لعبة سياسية للضغط على باكستان"، وأن المسؤولين العسكريين والسياسيين الأميركيين يدلون بمثل هذه التصريحات "كلما احتاجوا لخدمة من الجيش أو الحكومة الباكستانيين".

ويرى مهر أن الأسلوب نفسه استخدمته إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 "من أجل إرغام باكستان" على الانخراط في ما تسميه الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب".


لا خطر
ويؤكد مهر أن السبب الرئيسي في هذه التصريحات هو "الرغبة في الضغط على باكستان لتحقيق عدة أهداف، أولها قبول الخطة الأميركية التي تريد من خلالها واشنطن التنسيق مع إسلام آباد لشن عمليات عسكرية مشتركة ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة بمنطقة القبائل على الحدود مع أفغانستان".

ويضيف أن من هذه الأهداف أيضا الضغط على الجيش الباكستاني "كي يكون جادا في قتاله مع حركة طالبان باكستان في وادي سوات" غربي البلاد.

ويعتقد سليمان أنه لا خطر مباشرا على الترسانة النووية لإسلام آباد لأن الولايات المتحدة سبق لها أن أبرمت اتفاقات أمنية وعسكرية مع الحكومات الباكستانية السابقة، لضمان سلامة السلاح النووي الباكستاني.

الدكتور منذر سليمان قال إنه لا خطر على السلاح النووي الباكستاني (الجزيرة نت-أرشيف)
الدكتور منذر سليمان قال إنه لا خطر على السلاح النووي الباكستاني (الجزيرة نت-أرشيف)

فلن يكون هناك أي خطر –برأيه- "إلا إذا حدثت فوضى سياسية عارمة بباكستان وسقط النظام وانقسم البلد وتشتت قدرات الجيش الباكستاني، وهو احتمال ضعيف جدا، ولن يسمح بحدوثه لا الباكستانيون ولا الأميركيون".

هذا إضافة إلى أن باكستان والولايات المتحدة –يقول سليمان- وضعتا خطط طوارئ لضمان عدم وصول أي قوة أخرى غير الجيش الباكستاني إلى السلاح النووي، ونظاما أمنيا صارما لحمايته.

النظام كشف عن جزء يسير منه رئيس قسم الخطط العسكرية الإستراتيجية العميد خالد كيدوي في مؤتمر صحفي يوم السبت الماضي، حيث أوضح أنّ هناك عشرة آلاف عسكري مكلفين بحماية المنشآت النووية الباكستانية، ضمنهم عملاء مختصون يتولون نقل تقاريرهم إلى مصالح الاستخبارات.

وأضاف كيدوي أن نحو ألفي موظف يعملون في تلك المنشآت لا يصلون إلى مواقع عملهم إلا بعد أن يخضعوا لسلسلة من التفتيشات الأمنية الدقيقة، فضلا عن كون تعيينهم لا يتمّ إلا بعد التأكّد من خلفياتهم الفكرية.

المصدر : الجزيرة + وكالات