الصحافة الورقية تتراجع بموريتانيا والإلكترونية تزعج السلطات

من قمع الشرطة الأسبوع الماضي لتظاهرة تضامنية نظمها الصحفيون تضامنا مع زميل لهم معتقل بسبب مقال رأي.
الشرطة قمعت مظاهرة نظمها صحفيون قبل أسبوع تضامنا مع زميل لهم معتقل (الجزيرة نت)

أمين محمد-نواكشوط

مثلت الصحافة الإلكترونية التي تنامى تأثيرها في موريتانيا مؤخرا, إزعاجا للسلطات الرسمية, وسط مخاوف من احتمال تقليص هامش الحريات, خصوصا بعد حجب موقع تقدمي الإلكتروني الأسبوع الماضي واعتقال أحد محرريه، وإحالة عدد من الصحفيين إلى القضاء، وقمع مظاهرة صحفية.

ورغم أن عقدها الأول لم يكتمل بعد، ورغم أن أغلب عناوينها حديثة النشأة جدا إلا أن الصحافة الإلكترونية باتت اليوم تشغل الناس في موريتانيا, وأصبحت توصف في دوائر القرار السياسي بأنها "مزعجة جدا".

أيام عصيبة
في المقابل تعيش الصحافة الورقية في موريتانيا أياما عصيبة، حيث تراجعت أرقام التوزيع ودخل بعضها فيما وصف ببيات شتوي، وفضل آخرون مغادرة الحقل، بينما اختار البعض أن يحول صحيفته الورقية إلى إلكترونية.

وقد قللت المصادر الرسمية من أهمية تلك المخاوف, وقالت للجزيرة نت "لا نية لدى الحكومة في تقليص الهامش المتاح من الحريات".

واعتبرت المصادر أن الحكومة برهنت على ذلك بسرعة رفع الحجب عن موقع تقدمي، والإفراج عن الصحفي المعتقل، فضلا عن اعتذار المجلس العسكري عن ضرب الصحفيين وتكليف الجنرال محمد ولد عبد العزيز حكومته ببسط الحريات الصحفية.


"
تبدو مشكلة التكاليف المرتفعة للطباعة في موريتانيا، ومحدودية العون المقدم لها من الحكومة، بينما لا تحتاج الصحف الإلكترونية إلى كثير من ذلك
"

تحولات
ويقول مساعد رئيس تحرير وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة الحافظ ولد الغابد للجزيرة نت إن أهم هذه التحولات هو التوجه غير المتدرج نحو الصحف الإلكترونية مقابل عزوف بين عن الصحافة الورقية، وهو الأمر الذي تعزز بقوة بعد الانقلاب الأخير.

ويربط ولد الغابد هذه التحولات بالأوضاع السياسية التي أعقبت الانقلاب الأخير، لكنه اعتبر أن ما سماها جذور الاستهداف الصحفي بدأت في عهد الرئيس المخلوع حين تمت إحالة عدد من الصحفيين إلى القضاء تحت ذريعة الولوغ في أعراض الناس.

لكن الأخطر بحسب رأيه هو العودة في الأيام الماضية إلى مربع الاعتقالات بحق الصحفيين.

ويرجع مدير تحرير يومية السفير الموريتانية محمد سالم ولد الخليفة تنامي استهداف الصحفيين في الآونة الأخيرة إلى التوتر المسيطر على الساحة السياسية, ويشير في هذا الصدد إلى أن ذلك جر على الصحفيين تبعات إضافية.

ويتوقع ولد الخليفة ارتفاع مؤشر استهداف الصحفيين, طالما لم ينزع المتصارعون على السلطة برأيه إلى شيء من الهدوء والسكينة وتغليب التفاهم على التصادم.

المستقبل
ويعتقد رئيس تحرير الموقع الإخباري لمؤسسة صحراء ميديا التي تصدر عنها صحيفة "الأخبار" الورقية ويتبع لها موقع إلكتروني، البشير ولد ببانا أن الصحف الورقية بموريتانيا في طريقها للزوال بعد التزايد "المذهل" للمواقع الإلكترونية التي وصل عددها أخيرا إلى أكثر من مائة موقع.

وفي هذا السياق تبدو مشكلة التكاليف المرتفعة للطباعة في موريتانيا، ومحدودية العون المقدم لها من الحكومة، بينما لا تحتاج الصحف الإلكترونية إلى كثير من ذلك، لكنه يأخذ على أغلب الصحف الإلكترونية عدم مؤسسيتها، وضعف بنيتها رغم أنها مع ذلك تبقى مفضلة لدى شرائح واسعة من القراء.

المصدر : الجزيرة