الكعبة تزدان بكسوتين أيام الحج

الحج مشاعر من كل فج عميق

لكسوة الكعبة قصة يرتبط تاريخها بتاريخ الكعبة نفسها (الجزيرة نت)


سعيد حميدي-مكة المكرمة
 
يحظى حجاج بيت الله الحرام دون غيرهم برؤية الكعبة بكسوتين الأولى عند وصولهم مكة المكرمة قبل الثامن من ذي الحجة لأداء مناسك الحج والثانية عند إفاضتهم من منى للطواف حول الكعبة بقصد إتمام أركان الحج حيث تكون الكعبة قد تزينت بكسوتها المذهبة الجديدة في التاسع من ذي حجة وقت وقوف الحجاج بعرفة.
 
ولكسوة الكعبة قصة يرتبط تاريخها بتاريخ الكعبة نفسها، فقد كان العرب عبر التاريخ يتسابقون لنيل هذا الشرف، ويطلق اسم السادن على من يقوم بجميع أمور الكعبة من فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوارها.
 
والكسوة الحالية مصنوعة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود والفضة والذهب، ومكتوبة عليها آيات قرآنية ومزخرفة بزخارف إسلامية مطرزة، بكلفة إجمالية بلغت هذا العام 20 مليون ريال.
 
تاريخ قديم
وقد اقتصرت كسوة الكعبة قبل الإسلام على حصر من خوص النخيل، ثم استخدم الجلد في كسوتها والمنسوجات اليمنية، وفرضت قريش منذ عهد زعيمها قصي بن كلاب الكسوة على القبائل حسب ثرائها.
 
وكسا الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه أبو بكر الصديق الكعبة بالثياب اليمنية، وفي عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان استخدم القماش المصري المعروف بالقباطي وهو ثياب بيض رقيقة، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة كسا الكعبة كسوتين: إحداهما القباطي والأخرى من الديباج.
 
يذكر أن أول من كساها بالحرير الأسود هو الخليفة العباسي المهدي، لتنتقل الكسوة بعد ضعف العباسيين إلى الولاة المصريين، وأنشئ في 1818 مصنع دار كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" بالقاهرة.
 
وتوقف العمل بالمصنع في 1926 عندما قام الملك عبد العزيز بكسوتها بالحرير الأسود، وأنشأ في مكة مصنعا لصنع كسوة الكعبة.
 

كسوة الكعبة المشرفة تمر بمراحل تصنيع عديدة (الجزيرة نت)
كسوة الكعبة المشرفة تمر بمراحل تصنيع عديدة (الجزيرة نت)

تصنيع الكسوة

يتألف المصنع الحالي الموجود في أم الجود بمكة من ستة أقسام هي الحزام والنسيج اليدوي والصباغة والنسيج الآلي والطباعة والستارة الداخلية.
 
وتتكون الكسوة التي يبلغ ارتفاع ثوبها 14 مترا من خمس قطع تغطي كل واحدة وجها من أوجه الكعبة والقطعة الخامسة هي الستارة توضع على باب الكعبة المصنوع من الذهب.
 
يوضح مدير مصنع كسوة الكعبة المشرفة كمال سوادي في تصريحات صحفية أنه "جرى حياكة وخياطة 675 مترا مربعا من الحرير الخالص بعد معالجته وصبغه باللون الأسود وطرز يدويا بأسلاك الفضة المطلية بالذهب لستارة باب الكعبة وأربع قطع مكتوبة عليها سورة الإخلاص وحزام الكعبة بما يقارب 45 مترا طولا وست قطع تحت الحزام مطرزة بآيات قرآنية وستة عشر قنديلا وقطعة الإهداء".
 
تمر صناعة الكسوة بعدة مراحل هي صباغة الحرير الخام المستورد على هيئة شلل باللون الأسود أو الأحمر أو الأخضر، ومرحلة النسج بتحويل هذه الشلل المصبوغة إلى قماش الحرير المعد للتطريز والطباعة، أو إلى قماش الحرير المكون لقماش الكسوة.
 
ثم مرحلة الطباعة والتطريز، فمرحلة التجميع ويتم فيها تجميع قماش الحرير ليشكل جوانب الكسوة الأربعة ثم تثبت عليه قطع الحزام والستارة تمهيدا لتركيبها على الكعبة المشرفة.
 
وتتم هذه المراحل في جميع أقسام مصنع كسوة الكعبة المشرفة التي يعمل بها زهاء 240 موظفا من الكوادر المحلية الماهرة والمدربة.

إبدال كسوة الكعبة المشرفة (الجزيرة نت)
إبدال كسوة الكعبة المشرفة (الجزيرة نت)

سدنة الكعبة

تتولى السدانة أسرة بني شيبة الذين سلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاحها وقال لهم "خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم".
 
ولا يشترط أن يكون السادن الجديد هو ابن السادن السابق فمن الممكن أن يذهب المفتاح إلى ابن العم وهكذا فالسن هو الذي يحدد السادن.
 
ويحتفظ كبير السدنة الحالي الشيخ عبد العزيز الشيبي بمفتاح الكعبة ولا يجرؤ أحد على أن يدخل الكعبة إلا بإذنه. ويتم تسليم كسوة الكعبة الخارجية لكبير السدنة ليتم تركيبها على الكعبة في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام.
 
ويتم غسل الكعبة مرتين سنويا، في شهري شعبان وذي الحجة، ويستخدم لغسلها ماء زمزم ودهن العود وماء الورد، وتغسل الجدران الأربعة والأرضية، وتجفف ثم تعطر بدهن العود الثمين.
 
يقول الشيبي في وصف الكعبة من الداخل إنها أرض عادية وبها ثلاثة أعمدة وسقف، وفي السابق كان مسموحا بدخول الكعبة وتقديم الهدايا لتستخدم في غسيل الكعبة وإصلاح ما يحتاج لإصلاح منها، ويضيف في تصريح صحفي أن عملية إصلاح وترميم الكعبة أصبحت الآن تحظى باهتمام الدولة ولم تعد هناك حاجة لمثل هذه الهدايا.
 
ويتم تغيير ثوب الكعبة بكل سهولة هذه الأيام، فبحسب الشيبي فإن تغيير الكسوة في السابق كان يأخذ شهرا كاملا يبدأ في اليوم السابع من ذي الحجة وقت تسلم الثوب لتبدأ عملية تشبيك أطرافه على سطح الكعبة.
 
وفي اليوم التاسع تتم عملية إنزال الثوب الجديد ونزع الثوب القديم لتبدأ خياطة القطع التي تستمر عادة حتى اليوم العاشر أو الثاني عشر من شهر محرم، وكان معظم أفراد الأسرة يشاركون في استبدال الثوب إضافة إلى عدد من المتطوعين.
المصدر : الجزيرة