زيارة شاقة للأسرى الفلسطينيين

عائلات أسرى فلسطينيين في اعتصام أمام أحد مقرات الصليب الأحمر

عائلات أسرى فلسطينيين في اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر (الجزيرة نت)

عوض الرجوب-الخليل

تتحمل عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية متاعب جمة أثناء زيارة أبنائها المعتقلين في السجون الإسرائيلية. وتتفاقم المعاناة مع دخول فصل الشتاء القارس نظرا لساعات الانتظار الطويلة في الحافلات على الحواجز.

ويتهم مختصون في شؤون الأسرى إدارات السجون الإسرائيلية بإعادة بعض عائلات الأسرى من أبواب السجون، والتنصت على الزوّار ومراقبتهم أثناء تحدثهم إلى ذويهم، أو معاقبة الأسرى لمخالفة بعض تعليمات الزيارة.

وبموجب التعليمات الإسرائيلية تتطلب زيارة الأسرى التقدم بطلبات للجنة الدولية للصليب الأحمر، تنقلها بدورها للجانب الإسرائيلي، لغرض الحصول على تصاريح الزيارة التي تمنح في الغالب للمسنين وتكون صلاحيتها لساعات النهار في يوم الزيارة ولمدة ثلاثة أشهر لمن يحالفهم الحظ، فيما ترفض تصاريح كثيرين بحجج مختلفة.


رحلة شاقة

منقذ أبو عطوان: ذوو الأسرى يتعرضون لشتى أنواع المعاناة أثناء زيارة أبنائهم (الجزيرة نت)
منقذ أبو عطوان: ذوو الأسرى يتعرضون لشتى أنواع المعاناة أثناء زيارة أبنائهم (الجزيرة نت)

تبدأ معاناة ذوي الأسرى من ساعات الفجر الأولى حيث يجتمعون أمام مقرات الصليب الأحمر في المحافظات الفلسطينية، ثم ينقلون بحافلات إلى المعابر الإسرائيلية، وينتظرون لساعات قبل التدقيق في هوياتهم وتفتيشهم تمهيدا لنقلهم إلى السجون بحافلات إسرائيلية تحرسها جيبات عسكرية إسرائيلية.

وتزداد المعاناة مع دخول فصل الشتاء وتدني درجات الحرارة لأقل من الصفر في بعض الأحيان، ثم خضوع الزوار للتفتيش المهين والدقيق على هذه المعابر، ما يولد آثارا نفسية وجسدية على الأسرى.

ويوضح الباحث في شؤون الأسرى منقذ أبو عطوان أن الأسرى داخل السجون يستعدون ليوم الزيارة وكأنه عيد، وتمتزج في نفوسهم مشاعر الفرحة والقلق للقاء ذويهم ورؤيتهم والتحدث إليهم ومعرفة آخر أخبار ذويهم الاجتماعية.

ويضيف أن الزيارة تستغرق 40 دقيقة، ولا تتم فيها المصافحة أو الملامسة، وإنما يضطر الطرفان للاكتفاء بنظرة من خلف الزجاج، حيث بجلس الأسرى وذووهم متقابلين في قاعة مستطيلة يفصل بينهما زجاج سميك، ويجري الحديث بسماعة تشبه سماعة هواتف الشوارع، يرافقها ضجيج المتحدثين الذين تتوزع أبصارهم بين ساعة العد التنازلي المعلقة على الحائط وأبنائهم الأسرى.

وتطرق أبو عطوان في حديثه للجزيرة نت إلى أشكال أخرى من المعاناة التي يتعرض لها الزوّار بينها "تمزيق بطاقاتهم الشخصية وإعادتهم إلى مدنهم، أو إخضاع الزوار للتفتيش الدقيق، وأحيانا يمنع البعض من دخول قاعة الزيارة رغم وصوله السجن بذرائع ودون ذرائع".

وكشف عن قيام إدارات السجون بالتنصت على الأسرى وذويهم طيلة فترة الزيارة، وقال إن مسؤولي السجون قاموا في بعض الحالات بفصل حرارة سماعة الهاتف بين الأسرى وذويهم عمدا، وذلك بعد تحدثهم عن صعوبة الوضع داخل السجن.

أما عن الأسرى أنفسهم فأوضح أنه يتم إبلاغهم بدورهم في الزيارة عند وصول ذويهم، ويجبرون على ارتداء زي السجن البنّي، ثم تُقيد أيديهم ويجمعون في غرفة انتظار ضيقة لحين وصول دورهم في الزيارة، فيما يبقى الجنود على مقربة منهم طيلة فترة الزيارة.


منع من الزيارة
من جهته يقول الأسير المحرر أمين عاشور من الخليل إن بعض الأسرى محرومون من الاتصال ومن الزيارة منذ عدة سنوات، وأوضح أن إدارات السجون استحدثت تصميما مغلقا لقاعات الزيارة هدفه الضغط على الأسرى وذويهم.

ويضيف أن مشاعر مختلطة من الفرح والقلق تنتاب الأسرى لأنهم يتوقعون إعادة بعضهم إلى غرفته دون السماح له برؤية ذويه، أو نقل بعضهم إلى زنازين العزل بحجة مخالفة تعليمات إدارة السجن، مشيرا إلى أن حالة من الحزن وشرود الذهن تغشى الأسرى لعدة ساعات أو أيام بعد انتهاء الزيارة.

بدوره يقول الحاج عوض يونس (54 عاما) إن ابنه مراد المحكوم بالسجن 38 عاما اعتقل عام 2002، ولم يسمح له بزيارته منذ ذلك الوقت، وأوضح أنه قد رفض طلبه للحصول على تصريح "بذرائع أمنية"، رغم وجود قانون يسمح للممنوعين أمنيا بزيارة ذويهم مرتين فقط في العام.

المصدر : الجزيرة