حكايات بغدادية من داخل الكتل الإسمنتية

1ــ كتل الكونكريت لم تمنع الأطفال من التنقل

أطفال بغداد يتسلقون كتل الكونكريت (الجزيرة نت) 

فاضل مشعل-بغداد

تراوح بغداد التي تضم 872 حيا سكنيا ويقطنها أكثر من سبعة ملايين نسمة بين كتلة كونكريتية (إسمنتية) وأخرى تعزل أحياءها الواحد عن الآخر رغم أن الأمن بدأ يعود إلى المدينة.

وتمتد بغداد -التي يعود تأسيسها إلى سنة 145 هجرية على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور- على طول 45 كلم وعرض خمسين كلم, على شكل مساكن تتراوح مساحة الواحد منها بين ستين مترا وأكثر من ألفي متر، وفقا لما يقوله المهندس المعماري حسن سليم للجزيرة نت.

ويقول سليم إن سكان بغداد رغم أزمة السكن الحادة يفضلون العيش في مساكن مستقلة حتى إذا كانت مساحاتها صغيرة على السكن العمودي أو الشقق.

وبعودة سريعة إلى المراحل التاريخية لتأسيس بغداد, يقول سليم إن الخليفة أبو جعفر المنصور اختار بغداد عاصمة لدولة العباسيين لموقعها بين دجلة والفرات وهما حصنان يقيانها من هجومات الأعداء.

ويشهد التاريخ لدار السلام أو المدينة المدورة أو بغداد -اسمها الحالي، وهو مكان قرية بابلية قديمة تقع بالقرب من موقع الكرخ الذي اختاره المنصور مقرا لسكنه- بكثرة دورها ومنازلها وشوارعها ومحالها.

ويقول أستاذ التأريخ في الجامعة المستنصرية نعمة سلطان إن الخطيب البغدادي يصف بغداد قائلا "لم يكن لبغداد في الدنيا نظير, في جلالة قدرها وسعة أطرافها وكثرة دورها ومنازلها ودروبها وشوارعها ومحالها وسككها وخاناتها وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظلالها وأفيائها واعتدال صيفها وشتائها وصحة ربيعها وخريفها".

 العبور بين كتل الكونكريت يحتاج إلى الحصول على موافقة الأمن
 العبور بين كتل الكونكريت يحتاج إلى الحصول على موافقة الأمن

22 احتلالا
ولسكان المدينة التي خضعت طيلة تاريخها الطويل إلى اثنين وعشرين احتلالا أجنبيا آخرها الاحتلال الأميركي, آراء عن سير الحياة فيها.

ويقول دخيل علي مزبان -من سكان مدينة الصدر،  الضاحية الشرقية لبغداد- "أصبحنا نعيش داخل سجن بعد أن تم تقطيع المدينة بكتل الكونكريت بدءا من ساحة 55 وحتى منطقة الأولى.

ويتابع أن مدينة الصدر أضحت محاطة بكتل "الكونكريت من جميع الجهات حتى أن كلف الكونكريت الذي يحيط المدينة وغيرها يمكن أن يبني مدينة كبيرة.. رغم أنه جلب الأمن لسكان هذه الأحياء".

والكونكريت نفسه يقطع مناطق الأعظمية -شمالي بغداد- والسيدية والعامرية وحي الجهاد وحي العامل وحي الخضراء والمنصور وجميعها غربي المدينة.

ويشرح مقدم الشرطة عماد أكرم طبيعة تنقل السكان داخل هذه الأحياء والقادمين إليها من أماكن أخرى بقوله "يتنقل السكان بين هذه الأحياء عبر طرق محددة تشرف عليها نقاط تفتيش حيث يخضعون فيها إلى التفتيش الدقيق ولا يسمح لدخول الغرباء إلى تلك المناطق ما لم يكونوا معروفين من سكان تلك الأحياء".

وأضاف "أن سيارات معينة تقوم بالتنقل بين تلك المناطق لضمان عدم تسرب المخربين إليها وهذه متطلبات خطة فرض القانون التي جلبت الأمن إلى المدينة وأوقفت بوادر الحرب الطائفية فيها".

المصدر : الجزيرة