مخاوف في اليونان من انشقاق الكنيسة الأرثوذكسية

(FILES) -- File photo taken on October 3, 2007 shows Patriarch Alexy II of Moscow and of all Russia attending a mass at the Cathedrale Notre-Dame-de-Paris. A bishop

ألكسي الثاني طلب من ممثلي الكنائس الأرثوذكسية مقاطعة احتفالات كييف (الفرنسية-أرشيف)

شادي الأيوبي-أثينا

تسود حالة من التوتر الشديد هذه الأيام بين البطريركية المسكونية في إسطنبول وبطريركية روسيا بقيادة ألكسي الثاني، وذلك على خلفية ما أعلن من نية بطريرك الأولى حضور الاحتفالات التي ستقام في أوكرانيا السبت بمناسبة مرور 1020 سنة على اعتناق الشعوب الروسية للمسيحية.

ويعتبر بطريرك روسيا أن حضور البطريرك المسكوني احتفالات كييف هو "تتويج لجهود الانفصال السياسي" عن روسيا، التي يقوم بها الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو، و"الانفصال الكنسي" الذي قال إن بعض الكنائس الأوكرانية تقوم به.


دين وسياسة
وقد نفت البطريركية المسكونية وجود أي نية لديها للاعتراف بالكنائس الأوكرانية "الانفصالية"، معلنة أن الزيارة ستتم في موعدها دون أي تغيير.

ورغم أن الأزمة تبدو دينية، فإن السياسة والتاريخ يتداخلان بشكل كبير في عناصرها، إذ تعود جذور هذا الخلاف إلى قرون مضت، حيث يبدو أن الكنيسة الروسية تحاول كل جهدها أن تبقى مناطق كنسية مثل أوكرانيا تحت تبعيتها، بالموازاة مع مساعي الدولة الروسية للمحافظة على هيمنتها السياسية على جارتها.

ووجه بطريرك روسيا رسائل إلى جميع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية طالبا منهم عدم حضور احتفالات كييف، مضيفا أنه في حالة حضور البطريرك المسكوني فسيكون من الصعب تجنب حدوث انشقاق جديد في الكنيسة الأرثوذكسية على غرار انشقاق عام 1054 الذي أدى إلى انفصال الأرثوذكسية عن الكاثوليكية.


تحركات مكثفة
وتشهد وزارة الخارجية اليونانية تحركات مكثفة يحضرها السفير الروسي في أثينا أندريه فدوفين والمتخصص في الشؤون الكنسية في الخارجية اليونانية ثيوذوروس كاسيميس، للتخفيف من حدة الأزمة بين الكنيستين، وإن كان من غير المتوقع أن يصغي الطرفان لهذه الجهود.

وامتدت أبعاد الأزمة إلى أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في آسيا، حيث أصدر ما ميتروبوليت هونغ كونغ الأرثوذكسي بيانا نفى فيه ما وصفه باتهامات بطريركية روسيا للبطريركية المسكونية بالتعدي على حقوق الكنيسة الصينية المستقلة وتدمير وحدة الأرثوذكسية.

واتهم في المقابل الكنيسة الروسية بـ"تجاهل قرارات المجامع الكنسية بشكل فج"، و"إعلان استقلالية بعض الكنائس من جانب واحد على طريقة الإقطاع"، على حد تعبيره.


ليست مصادفة
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الكاتب في الشؤون الكنسية في صحيفة إليفثيروتيبيا اليومية اليونانية توماس تساتسيس، إنه ليس من المصادفة أن تجرى هذه الاحتفالات بعد أشهر قليلة من إخفاق أوكرانيا في دخول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

"
بطريرك روسيا قال إنه في حالة حضور البطريرك المسكوني فسيكون من الصعب تجنب حدوث انشقاق جديد في الكنيسة الأرثوذكسية على غرار انشقاق عام 1054 الذي أدى إلى انفصال الأرثوذكسية عن الكاثوليكية
"

وأشار إلى أن الأزمة وصلت إلى الكنائس الأرثوذكسية اليونانية، حيث أعلن أسقف قبرص خريسوستوموس وأسقف الإسكندرية ثيوذوروس أنهما لن يحضرا احتفالات أوكرانيا، بينما أعلن كل من أسقف اليونان إيرونيموس، وأسقف ألبانيا أناستاسيوس حضورهما، كما يعتقد تساتسيس أن بطريرك القدس ثيوفيلوس سيحضر الاحتفالات.

وتعذر على الجزيرة نت الحصول على رأي البطريركية المسكونية حول الأزمة، لغياب مسؤولي البطريركية الإعلاميين، بعضهم بسبب مرافقة البطريرك، والبعض الآخر بسبب العطلات الصيفية.

وتعود جذور الأزمة -حسب الكاتب اليوناني تساتسيس- إلى عام 1593 حيث منحت البطريركية المسكونية الاستقلالية لكنيسة روسيا، وحسب الاتفاق بين الكنيستين فإن حدود كنيسة روسيا كانت تشمل نصف أوكرانيا الحالية.

وقد حاول بطرس الأكبر -مع توسع رقعة إمبراطوريته عام 1721- إدخال أوكرانيا ضمن بطريركية روسيا، وضغط بشدة على البطريرك المسكوني آنذاك ذيونيسيوس الرابع لكن الأخير رفض الطلب.

المصدر : الجزيرة