40 سنة على معركة الكرامة والروايات تتباين بشأنها

الجزيرة نت / سلام كبها ويزبك من يسار الصورة

المؤرخان كبها ويزبك (من يسار الصورة) رسما صورة المعركة من جانبها العربي (الجزيرة نت)

وديع عواودة-حيفا

حلت الجمعة الذكرى الأربعون لمعركة الكرامة التي خاضها رجال المقاومة الفلسطينية يساندهم الجيش الأردني في الأغوار، وسط استمرار اختلاف الروايات حول ظروفها وملابساتها.

في المعركة التي جرت في 21 مارس/ آذار 1968 تمكنت المنظمات الفلسطينية والجيش الأردني من صد هجوم إسرائيلي واسع، محققين بذلك انتصارا معنويا كبيرا أتى مباشرة بعد نكسة يونيو/ حزيران 1967 وهزيمة جيوش ثلاث دول عربية.

ويشير المؤرخ مصطفى كبها إلى أن "الكرامة" شكلت إنجازا للمنظمات الفلسطينية، ونوه إلى أن الأردن حاول المشاركة في قطف ثمارها، حيث سارع الملك حسين لاعتلاء إحدى الدبابات الإسرائيلية الباقية في الميدان قائلا "أنا الفدائي الأول".

ويقول كبها المحاضر في جامعة بئر السبع والجامعة المفتوحة إن الكرامة كانت أول إنجاز عسكري عربي أمام إسرائيل منذ النكبة، وأضاف أن الخلاف على رواية وقائعها بين الفلسطينيين والأردنيين لم تنته.

"
يرى يزبك أن "الكرامة" أظهرت قوة إستراتيجية حرب العصابات وقال إن هناك وجه شبه كبيرا بينها وبين تجربة حزب الله
"

ويشدد كبها على أن "الكرامة" أبرزت الرموز الفلسطينية كالكوفية والعمل الفدائي، ونوه إلى أنها شقت الطريق أمام زعامة ياسر عرفات واعتراف العرب بها، ومهدت لصدور الاعتراف العربي بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974.

ويضيف أنه على أثرها زار عرفات القاهرة واستقبله الرئيس الراحل عبد الناصر الذي ساعدته "الكرامة" في نشر فكرة حرب التحرير الشعبية.

من جانبه يقول المؤرخ المحاضر في جامعة حيفا محمود يزبك إن "الكرامة" فاجأت العرب والإسرائيليين معا، إذ إنهم توقعوا أن تنجح إسرائيل باحتلال شرقي الأردن خلال ساعات بعدما تغلبت على الجيوش العربية في ستة أيام عام 1967.

انتهاء الأسطورة
ويوضح أن "الكرامة" أعادت الاعتبار ولو لوقت محدود للكرامة العربية بعدما وضعت علامة سؤال على أسطورة الجيش الذي لا يقهر ولفتت لبسالة المقاومة الفلسطينية ووحدات في الجيش الأردني ولأهمية الطوبوغرافيا في إحراز الانتصار.

ويلفت يزبك إلى أن "الكرامة" أنعشت الأمل لدى الشعوب العربية بعد النكسة وأعادت إليهم الروح، لكنها أشعلت ضوءا أحمر لدى بعض الأنظمة العربية التي خشيت على استقرار حكمها واعتبرها مقدمات لأحداث أيلول الأسود عام 1970.

ويرى يزبك أن "الكرامة" أظهرت قوة إستراتيجية حرب العصابات وقال إن هناك وجه شبه كبيرا بينها وبين تجربة حزب الله في حرب لبنان الثانية من ناحية طريقة القتال وأثرها على وعي طرفي النزاع.

وبشأن رواية المعركة يوضح يزبك أنه بخلاف محاولات احتكار "الكرامة" جاء الانتصار فيها ثمرة جهد مشترك فلسطيني أردني أمام عدو مشترك، وأضاف "على الطرفين التمسك بالرؤية المشتركة بدلا من الصراع التاريخي على روايتها".

"
يؤكد المؤرخ والباحث الإسرائيلي أبراهام زوهر أن "الكرامة" تشكل جرحا غائرا في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية ويشير إلى أن فشل الهجوم مرده حرب العصابات الفلسطينية ومشاركة المدفعية الأردنية وأخطاء الإسرائيليين
"

جرح إسرائيلي
من جانبه يؤكد المؤرخ والباحث الإسرائيلي أبراهام زوهر أن "الكرامة" تشكل جرحا غائرا في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية ويشير إلى أن فشل الهجوم مرده حرب العصابات الفلسطينية ومشاركة المدفعية الأردنية وأخطاء الإسرائيليين.

ويوضح زوهر الذي شارك بنفسه في الهجوم على الكرامة أن إسرائيل أبلغت الأردن مسبقا بالهجوم، لكن الجيش أخطأ حينما دفع بوحدة دبابات نحو عمق الأراضي الأردنية بدلا من بقائها على الحدود ما أثار شكوك الجيش الأردني بأنه يقف أمام محاولة لاجتياح المملكة فتصدى للمهاجمين.

ويرى زوهر أن "الكرامة" تشكل ذكرى مؤلمة للإسرائيليين فيما كرست انتصارا كبيرا في وعي الأردنيين والفلسطينيين، ويشير إلى أنها أسهمت في تعزيز قوة منظمة التحرير من جهة لكنها ضيقت هامش مناورتها في الأردن.

وقارب بين الكرامة التي سقط فيها 87 جنديا أردنيا و29 جنديا إسرائيليا وعدد قليل من الفدائيين وبين العدوان على لبنان وحرب فيتنام.

المصدر : الجزيرة