شح المياه في آسيا الوسطى ينذر بعواقب خطيرة

REUTERS/A boy drinks water from a broken pipe in the village of Sangtuda, about 150 km (94 miles) south of Dushanbe, May 28, 2008. Picture taken May 28, 2008.

طفل طاجيكي يشرب الماء من أنبوب مكسور بقريته جنوب العاصمة دوشنبه (رويترز-أرشيف)


تامر أبو العينين-سولوتورن
 
حذر خبراء إستراتيجيون من أن تفاقم أزمة المياه في آسيا الوسطى وتراخي المجتمع الدولي في التصدي لهذه المشكلة سيدفعان المنطقة إلى خضم مشكلات بيئية وإنسانية خطيرة تلقي بعواقبها على استقرار الأمن الأقليمي.

جاءت تلك التحذيرات الاثنين في افتتاح فعاليات المؤتمر السنوي للتعاون بين سويسرا وشرق أوروبا ووسط آسيا الذي خصص دورته هذا العام المنعقدة في مدينة سولوتورن السويسرية لوضع المشكلة أمام الخبراء لتقييم الموقف، وبحث الحلول الممكنة.

وفي كلمتها أمام المؤتمر، حذرت وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد من أن "عدم حل مشكلة نقص المياه في وسط آسيا ستنعكس على مشاريع توليد الطاقة والزراعة والاستهلاك الآدمي والمياه المطلوبة للصناعة، ما سيترك آثارا واضحة على الحياة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، وستزيد من مخاطر التوتر في المنطقة ما قد يدفع إلى حدوث موجات هجرة".

وأشارت إلى أن تلك المشكلات "قد ينظر المرء إليها على أنها إقليمية لكنها تترك آثارا دولية، مثلما هو الحال في إقليم دارفور".

 لوتيهارد تحذر من انعكاسات نقص المياه وسط آسيا على مشاريع للطاقة (الجزيرة نت)
 لوتيهارد تحذر من انعكاسات نقص المياه وسط آسيا على مشاريع للطاقة (الجزيرة نت)

واقع مؤلم
كما أكدت حرص بلادها على المشاركة في دعم تلك المنطقة "لما لدى سويسرا من خبرة في التعامل مع المياه سواء في المعالجة أو التوزيع وإدارة الأزمات وترشيد الاستهلاك"، وذلك في إطار ميزانية برامجها التنموية لعلاج مشكلات المياه في العالم التي تصل إلى نحو 60 مليون دولار سنويا من خلال الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.

وطبقا لتقديرات الخبراء يطول نقص المياه 33% من سكان قرغيزستان و18% من سكان أوزباكستان و41% من سكان طاجيكستان، أي ما يعادل حوالي 9 ملايين نسمة من أصل 38 مليونا هم سكان تلك الدول.

وتعتمد تلك الدول على المياه المنحدرة من الجبال وتصب في نهري سرداريا وأموداريا، لكن ارتفاع حرارة الأرض وتغير المناخ إلى شديد البرودة قليل المطر شتاء وجاف شديد الحرارة صيفا قلص من حجم المياه، التي لم تعد تكفي لتوليد الطاقة الكهربائية بشكل يناسب الاستهلاك.

وحسب الخبراء ستتراجع مع حلول العام 2035 كميات المياه في المنطقة بنسبة 12% عما هي عليه الآن، في حين سيؤدي النمو السكاني إلى زيادة الاستهلاك، ما يستدعي ضرورة التدخل سريعا للحيلولة دون وقوع أزمات محتملة.

ويشير دالر جوماييف -مدير إحدى شركات توليد الطاقة الطاجيكية- إلى تراجع إنتاج الكهرباء بنسبة 50% وزيادة سعرها ما جعل المواطنين يلجؤون إلى طرق بدائية للتدفئة.

 يوهانيس لين يؤكد على البعد الإستراتيجي لمنطقة آسيا الوسطى (الجزيرة نت)
 يوهانيس لين يؤكد على البعد الإستراتيجي لمنطقة آسيا الوسطى (الجزيرة نت)

بعد إستراتيجي

من جانبه، أوضح مدير مركز ولفنسون للتنمية الأميركي يوهانيس لين للجزيرة نت "إن تلك المنطقة ذات بعد إستراتيجي هام ولا يجب على المجتمع الدولي أن ينتظر حتى انطلاق شرارة التوتر ليبحث في سبل العلاج، لا سيما أن دول المنطقة تعاني من عدم استقرار داخلي".

كما انتقد عدم وجود آليات للإنذار المبكر حول الأوضاع في تلك المنطقة الإستراتيجية التي تضم في محيطها الواسع ما لا يقل عن 120 مليون نسمة، داعيا إلى ضرورة دعم دول المنطقة لتجاوز الأزمة بخطوات متأنية تعالج على المدى البعيد مشكلة الحصول على الطاقة والزراعة لضمان الاكتفاء الذاتي.

وفي حين يرى مدير مركز معلومات لجنة المياه بوسط آسيا فيكتور دوخوفني أن المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي  ذات "أغراض سياسية خفية"، يعتقد لين أن أي توترات في المنطقة ليست في مصلحة الدول الكبرى، محذرا من خطورة تسييس تلك المشكلات البيئية التي تمس شريحة عريضة من المواطنين ذوي الإمكانيات المحدودة.

المصدر : الجزيرة