تتار القرم يحيون الذكرى الـ63 لترحيلهم القسري

نصب تذكاري لضحايا التهجير في شبه جزيرة القرم

نصب تذكاري لضحايا التهجير في شبه جزيرة القرم (الجزيرة نت)

محمد صفوان جولاق-أوكرانيا

أحيا تتار القرم في أوكرانيا أمس الجمعة الذكرى الـ63 لتهجيرهم القسري وترحيلهم من أراضيهم في أوكرانيا إلى مناطق ودول القوقاز في آسيا وشمال روسيا على يد سلطات الاتحاد السوفياتي آنذاك بزعامة ستالين.

وشهدت ساحة "ناخيموفا" وسط مدينة سيفاستوبيل جنوبي أوكرانيا، والتي تعتبر عاصمة شبه جزيرة القرم، تجمع المئات منهم، بحضور ممثلين عن عدد من شعوب شبه الجزيرة الذين شاركوا تتار القرم معاناة التهجير عام 1944. كما شارك في هذه الحشود عمدة المدينة سيرغي كونيتسينا.

وانطلق المشاركون من الساحة مشيا على الأقدام كحال من هجر منهم باتجاه محطة القطار التي بدأ عندها مسلسل تهجير مئات الألوف منهم قبل 63 عاما, ووضعوا أكاليل من الزهور على نصب تذكاري وضع خصيصا لتخليد ذكرى ضحايا التهجير في المحطة.

صورة تذكارية لبعض من هجروا من تتار القرم (الجزيرة نت)
صورة تذكارية لبعض من هجروا من تتار القرم (الجزيرة نت)

وكان 500 من تتار القرم قد تجمعوا مساء الخميس الماضي في ساحة لينين وسط المدينة، وأشعلوا نارا وشموعا على شكل شبه جزيرة القرم ووضعوا داخلها شموعا على شكل الرقم 63, وحملوا لافتات مناهضة للتهجير القسري وأعلاما خاصة بشعب تتار القرم.

وبدورهم أحيا تتار مدينة سيمفيروبيل الذكرى ووضعوا أكاليل من الزهور على نصب تذكاري خاص بهذه الذكرى.

قصة الترحيل
وكان مئات الألوف من تتار القرم، الذين يدين معظمهم بالإسلام ويشكلون نحو مليوني نسمة أي ما يعادل 5 إلى 7% من الشعب الأوكراني، قد هجروا عام 1944 قسرا عن أراضيهم إلى دول أوزباكستان وطاجاكستان وإلى الشمال الروسي البارد, وصودرت جميع أملاكهم.

وبررت القيادة السوفياتية قرار التهجير بحظر اعتناق الديانات وممارسة شعائرها, وبالسعي لإفساح المجال وتوزيع الأراضي على الطبقة الكادحة من عمال وفلاحين من عرق السلافيان الذين يعتبرون بمثابة سكان البلاد الأصليين.

وكانت طبيعة ذلك التهجير قاسية ومأساوية حيث لقي الآلاف منهم حتفه جراء البرد القارس، وأصيبوا بأمراض خطيرة معدية كالسل في القطارات التي كدسوا فيها بأعداد ضخمة.

ومن نجا من هؤلاء -حسب ما تؤكد المصادر التاريخية التترية- عاش حياة صعبة جدا في الدول التي هجر إليها، حيث تعرض عشرات الآلاف منهم للسجن أو الإعدام بسبب مناهضتهم للنظام آنذاك، وعاش الكثير منهم حياة أشبه بحياة الرعاة في جو شديد البرودة.

صورة لمسجد قبل هدمه في شبه جزيرة القرم (الجزيرة نت) 
صورة لمسجد قبل هدمه في شبه جزيرة القرم (الجزيرة نت) 

ولم تنته معاناة شعب تتار القرم حتى بعد استقلال أوكرانيا عام 1991 والسماح للمهجرين بالعودة، فقد وجد هؤلاء أن بيوتهم وأراضيهم تحولت إلى مؤسسات حكومية وفنادق وغير ذلك، وقد سلبت منهم من قبل كل الأوراق التي تثبت ملكيتهم لبيوتهم وأراضيهم، ولا يزال نحو 200 ألف منهم يعانون حتى اليوم مشاكل إثبات الجنسية التي سلبت منهم قبل عقود.

في هذا السياق قال رئيس مركز الرضوان الإسلامي في شبه جزيرة القرم سيران عاريفوف في حديث للجزيرة نت إن مأساة شعبه بدأت بخيانة من الدولة بسبب عنصريتها تجاه أبنائها من التتار، موضحا أن التهجير حدث فجأة وبسرعة دون سابق إنذار بعد أن كانت الأمور مستقرة، مشيرا إلى أن الكثير من علماء تتار القرم قتلوا نتيجة المأساة التي حلت بهم وأتلفت عمدا كتبهم التي حفظت دينهم وثقافتهم، ودمرت مساجدهم وبيوتهم.

وأشار إلى أن المأساة لم تنته بعد، فلا يزال الآلاف من هذا الشعب يعيشون حياة شبه بدائية بعيدا عن بيوتهم الأصلية، التي قال إنهم يرونها ويمرون بها لكنهم يمنعون من دخولها.

المصدر : الجزيرة