راند توصي بدعم الليبراليين على حساب الإسلاميين

تقرير أمريكي يوصي بدعم "القوى المسلمة المعتدلة" - الجزيرة نت

محمود جمعة-القاهرة
أصدرت مؤسسة "راند" الأميركية للأبحاث تقريرا بعنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلة"، رصد لصراع الغرب مع "العالم المسلم" وحركاته السياسية، مؤكدا أن هذا الصراع لن يحسم عسكريا بل ثقافيا.

التقرير الذي صدر نهاية الشهر الماضي وصدرت نسخته الإنجليزية أمس قدم مجموعة توصيات لصانع القرار الأميركي ووضع معايير لتعريف "الاعتدال" بالمفهوم الأميركي، وطالب واشنطن بدعم التيار العلماني الليبرالي في مواجهة صعود الإسلاميين سياسيا.

ويتوقع أن يجد التقرير الذي عقد المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة ندوة بشأنه تأثيرا وصدى كبيرين لدى صانع القرار في واشنطن، نظرا لأنه يقدم أفكارا وحلولا جديدة في وقت تعاني فيه الإدارة الأميركية من أزمة أفكار بعد فشل إستراتيجياتها في الشرق الأوسط خاصة في العراق وفلسطين.

تقرير مؤسسة راند الذي خرج في 10 فصول واستغرق إعداده 3 سنوات، طالب واشنطن بالإفادة من تجربة الحرب الباردة التي انتهت بسقوط النموذج الشيوعي، في "احتواء" الحركات الإسلامية، كما استعمل مصطلح العالم "المسلم" وليس "الإسلامي" بما يعني نقل الصراع مع مسلمي الغرب والدول غير الإسلامية.

التقرير أوصى واشنطن بتقريب الليبراليين العلمانيين على حساب الإسلاميين (الفرنسية-أرشيف)
التقرير أوصى واشنطن بتقريب الليبراليين العلمانيين على حساب الإسلاميين (الفرنسية-أرشيف)

وطالب التقرير الإدارة الأميركية بتركيز رسائلها الإعلامية على أطراف العالم الإسلامي مثل إندونيسيا والهند وماليزيا وأوروبا وأميركا بدلا من المركز المتمثل في المنطقة العربية، معتبرا أن التغيير في الأطراف أسهل ويحقق  مكاسب أكبر.

وصنف التقرير الجماعات في العالم الإسلامي إلى ثلاث، الأولى "العلمانيون الليبراليون"، والثانية "أعداء المشايخ" مثل تركيا وتونس، والثالثة "الإسلاميون الذين لا يرون مشكلة في أن تكون الديمقراطية حاكمة على الدين". 

وأوصى بالتعامل القوى مع الأولى والقليل مع الثانية وعدم التعامل مع المجموعة الأخيرة، وطالب كذلك بالتعامل مع "الإسلاميين التقليديين" وعرفهم بأنهم "الذين يقبلون بالصلاة في الأضرحة والقبور"، في إشارة واضحة للتيار الصوفي.

ويعرض التقرير في فصله الأول أهمية دور المسجد وأنه أصبح ساحة للمعارضة الإسلامية بعد تضييق الخناق الحكومي عليها، موصيا بدعم "الدعاة الجدد الذين يعملون خارج المساجد" والبرامج الإعلامية الإسلامية "المعتدلة".

وفي الفصل الثاني يرصد أوجه التشابه والاختلاف بين الحرب الباردة والصراع الحالي للغرب مع الإسلاميين، مقترحا استخدام الغرب لأساليب تلك الحرب مثل تجنيد مثقفين إسلاميين والإفادة من المهاجرين المسلمين في الغرب واستخدام منظمات المجتمع المدني لتقوية "المعتدلين" في مواجهة الإسلاميين.

التقرير دعا واشنطن لاستقطاب المثقفين الإسلاميين (الفرنسية-أرشيف)
التقرير دعا واشنطن لاستقطاب المثقفين الإسلاميين (الفرنسية-أرشيف)

وتطرق الفصلان الثالث والرابع لموضوع الديمقراطية، حيث اعترف التقرير بأن الدعوة الأميركية لتطبيق الديمقراطية في العالم الإسلامي يمكن أن تضعف حلفاء واشنطن الإستراتيجيين لأنها أفرزت صعودا سياسيا لمناهضي واشنطن.

أما الفصل الخامس فخصصه التقرير لتعريف "الاعتدال"، حيث وضع 11 سؤالا يتحدد وفق الإجابة عليها -بالمفهوم الأميركي- إطلاق صفة المعتدل أو المتطرف على الأشخاص والجماعات.

وتتعلق الأسئلة الـ11 بالموقف من العنف وتطبيق الديمقراطية وحرية الأديان وتعميم الشقين الجنائي والأخلاقي من الشريعة الإسلامية على القوانين المدنية والقبول بتولي شخصيات من الأقليات الدينية لمناصب رفيعة في الدول ذات الغالبية المسلمة والاعتراف بحقوق الإنسان العالمية.

وانتقد التقرير كذلك الأزهر الشريف وقال "إنه ليس الجهة الوحيدة لتخريج الفقهاء وإن هناك جهات أخرى مهملة إعلاميا تخرج فقهاء ودعاة أفضل من الأزهر".

وخصص التقرير الفصل الثامن للحديث عن الشرق الأوسط وحاجة واشنطن للتأكد من أن صراعها في هذه المنطقة هو صراع فكري وبالتالي لا يمكن حسمه عسكريا، مطالبا ببناء ديمقراطية في الشرق الأوسط على أساس علماني.

"
التقرير يدعو لاستخدام القطاع الخاص الأميركي لتنفيذ مشروع واشنطن بالمنطقة، والعمل على إبعاد شبهة العمالة عن المتعاونين، ونقل الصراع ليتحول إلى صراع بين الإسلاميين أنفسهم
"

ورصد التقرير في الفصل التاسع مشكلة اتهام المتعاونين مع واشنطن في مشروعها في العالم الإسلامي بـ"العمالة"، موصيا بتجنيد رجال دين مسلمين للبحث عن النصوص الشرعية والأدلة الفقهية التي تدعم بعض مواقف المعتدلين فيما يتعلق بقضايا حرية الرأي والاجتهاد وحقوق المرأة والأقليات وغيرها.

وقدم الفصل العاشر مجموعة من التوصيات النهائية لصانع القرار الأميركي، أهمها استخدام القطاع الخاص الأميركي وليس المؤسسات الحكومية لتنفيذ مشروع واشنطن بالمنطقة، والعمل على إبعاد شبهة العمالة عن المتعاونين، ونقل الصراع ليتحول إلى صراع بين الإسلاميين أنفسهم وأخيرا إنشاء جمعية عالمية لدعم "المعتدلين الإسلاميين" في مدينة ذات دلالة رمزية مثل "غرناطة"، دون تحديد رمزية تلك المدينة.

المصدر : الجزيرة