سلفيت مدينة فلسطينية تطاردها نفايات المستوطنين

سفوح سلفيت المطلة على مستوطنة ارئيل
قرب سلفيت من المستوطنات فاقم معاناة أهلها (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

تكشف الظروف التي تعيشها مدينة سلفيت بالضفة الغربية عن وجه جديد للمعاناة التي فرضت على الفلسطينيين بسبب الاحتلال, وتحديدا بسبب المستوطنات اليهودية التي حاصرتهم من كل مكان بمساعدة الجدار العازل.

هذه المرة كانت نفايات المستوطنات ومخلفات المصانع بالمستوطنات القريبة سببا آخر من أسباب المعاناة التي أضيفت إلى إجراءات الاحتلال.

مدينة سلفيت تتأرجح وسط الضفة الغربية بين مستوطناتها  الـ17 وأراضيها المصادرة والجدار العازل الذي يخترق المنطقة.

وطبقا للإحصائيات العالمية يستمر مدى التلوث الهوائي حتى مسافة 600 كيلومتر, ومن ثم فإن وضع مدينة سلفيت القريبة من مستوطنة "بركان" الصناعية بنحو 2-3 كيلومترات فقط يثير العديد من علامات الاستفهام حول وضع سكان هذه المنطقة من الناحية الصحية والبيئية.

تقاسيم وجه عثمان محمد بلاسمه- أبو حسن (75 عاما) تحكي معاناة التغريب من كفار سابا عام 1948 وملاحقة الاحتلال في سلفيت.

أبو حسن ما زال يقطن سفوح منطقة الشعب الواقعة غرب المدينة، فلم تبرح خطواته المكان للحظة رغم رحيل أهل المنطقة عنها بسبب تلوث الهواء الناتج عن مصانع مستوطنة "بركان" ونتيجة الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومصادرة أراضيهم.

مأساة مستمرة
يقول ابو حسن "ما فيه طير بيقدر يعلي فوق مستوطنة بركان"، بسبب تلوث الهواء والغازات السامة التي تطلقها المستوطنة غير الروائح الكريهة واعتداء المستوطنين الدائم. يشير أبو حسن إلى مصادرة 300 دونم من عزبته ويتحدث عن اعتداءات عليه وعلى أولاده وبناته وأحفاده. كما يتحدث أبو حسن عن قتل المستوطنين لابنه المتزوج حديثا عام 2005.

ورغم المخاطر المتعاظمة واصل أبو حسن وحده دون عائلته وأولاده الصمود وأصر على البقاء في أرضه بين روابي تلال سلفيت وذكريات الحنين.

بدوره يوضح إبراهيم أشتية أحد المواطنين الذين تركوا المكان عنوة أن المواطنين لم يستطيعوا تحمل الدخان والروائح وهجمات المستوطنين المسلحين ومداهمات قوات الاحتلال للبيوت، "فتركوا الأرض وسكنوا بالمدينة والقرى المحيطة".

undefined

أما بقية منطقة الشعب كما يقول أشتية فمهددة بالمصادرة حتى المياه يتم شراؤها، ما أجبر أهالي المنطقة البالغ عددهم 500 مواطن على هجر المنطقة.

تلوث متعمد
ويكشف أشرف زهد مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية سلفيت في حديث للجزيرة نت عن وجود أكثر من 17 مستوطنة تحيط بالمدينة، وإحداها تعد من كبرى المناطق الصناعية وهي مستوطنة "بركان".

هذه المستوطنة كما يقول زهد ينتج بها أكثر من 70 صناعة خطيرة منها الأسلحة والجلود والبطاريات والكيماويات والدهان, وغيرها من الصناعات الملوثة التي تنتج الرصاص والكروم والزرنيخ وملوثات كيماوية أخرى تضر بالهواء والماء والتربة.

ويشير زهد إلى أن مخلفات المياه الناتجة عن مستوطنة أرئيل كبرى مستوطنات الضفة الغربية التي يبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة تصب في أراضي قرية بورقين القريبة من المدينة. وقد تسبب ذلك في تلوث كيميائي مؤخرا لمياه مدينة سلفيت يقول زهد إن إسرائيل أبلغت به سكان المستوطنات فقط.

كما يكشف مدير دائرة الصحة بالمدينة عن حالات إصابة بمرض فقر الدم ومرض السرطان خاصة في قرية بورقين نتيجة التلوث, إضافة إلى ما يعانيه المواطنون من قطعان الخنازير البرية التي تطلقها المستوطنات وتدمر المحاصيل الزراعية وتسبب الخوف للمواطنين وتحد من حركتهم.

نداء عاجل
ويناشد زهد المؤسسات والجهات الحقوقية والصحية في العالم للمساعدة في كبح الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته على المدينة ووقف نشاطاته الصناعية التي أضرت بكل شيء "حتى نبع مياه المطوي في المدينة التي يعتمد عليها 40% حوالي 15 ألف نسمة بات مهددا بالتلوث الكيماوي".

وكما يقول زهد تفاقم المعطيات الصحية والبيئة الوضع وتزيد نسبة أمراض الرئة والسرطان والجلطات إضافة إلى الأمراض النفسية.

المصدر : الجزيرة