مأساة الأكاديميين العراقيين بين التصفية والتشرد

قاعة جامعية سورية
نزيف العلماء مستمر في العراق وجامعات الجوار تعجز عن استيعاب الأساتذة (الجزيرة نت)

 محمد الخضر-دمشق

 
من بين فصول المأساة العراقية النازفة ووسط مشهد اللجوء والتشرد، تأتي صورة العلماء وأساتذة الجامعات في العراق الذين اغتيل عدد كبير منهم وتمكن آخرون من النجاة بأرواحهم، وكأن القصد هو تفريغ العراق منهم.
 
ويقدر عدد العلماء وأساتذة الجامعات الذين هاجروا من العراق في أبريل/ نيسان 2003، أي بعد شهر من الغزو بنحو ثلاثة آلاف أستاذ في حين قتل نحو 300 آخرين، ويظل مصير العشرات مجهولا حسب اللجنة الدولية للتضامن مع الأساتذة الجامعيين.
 
وتعد سوريا أحد المعابر الرئيسية للاجئين العراقيين قبل أن تتجه أعداد قليلة منهم إلى دول أخرى بحثا عن العمل وخاصة الأكاديميين وأصحاب المؤهلات العلمية العالية.
 
تصفية منظمة
يقول نقيب المحامين العراقيين المنتخب الدكتور ضياء السعدي إن النخب العلمية في بلاده تتعرض منذ الاحتلال الأميركي لتصفية منظمة أفرغت العراق من هذه الشريحة المهمة.
 
 ويؤكد السعدي أن هذا النزيف يشكل خسارة كبيرة للعراق ويهدد حاضره ومستقبله. وتابع أن المطلوب هو التركيز على هذه الخطة الجهنمية الهادفة إلى القضاء كليا على هذه الشريحة الحيوية لبناء حضارة ومستقبل العراق.
 
ويضيف أن الاستهداف بات علنيا من خلال العصابات المنظمة التي تقف وراءها دول معروفة.
 
أما أستاذ القانون بجامعة النهرين الدكتور علي الدليمي فيقول إن العمليات تهدف إلى القضاء على الطليعة التي تقف في مخططات الاحتلال وعملائه، وربط هذا المخطط بالولايات المتحدة وإسرائيل وقوى إقليمية أخرى تريد تدمير العراق.
 
وأكد الدليمي أن الجامعات العراقية أفرغت من كوادرها التدريسية ويديرها حاليا من تبقى من حملة الماجستير والدبلوم. وتابع قائلا إن الطالب لا يحصل على الساعات المحددة لكل مقرر، ما أفرغ العملية التدريسية من جوهرها. واتهم الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو بتجاهل هذه الجرائم بحق العلم والعلماء.
 
بدوره أشار الدكتور محمود .ج إلى أنه شخصيا نجا بأعجوبة من مجزرة راح ضحيتها خمسة من زملائه العام الماضي في أحد أحياء بغداد، بينما أصيب هو في ساقه.
 
وأشار إلى مقتل عدد كبير منهم وفرار الآخرين إلى سوريا والأردن ومنهما إلى دول عربية وأوروبية.
 
بطالة العلماء
الوجه الآخر لمعاناة العلماء والأكاديميين الهاربين من العراق يكمن في عدم توفر فرص العمل.
 
ويقول الدليمي إن كثيرا من العلماء والباحثين جاؤوا إلى سوريا، إلا أنهم سرعان ما غادروها إلى جامعات في الأردن واليمن ودول المغرب العربي.
 
وحول الفرص المتاحة في سوريا يقول الدليمي إنها ضئيلة جدا وتكاد تنحصر في جامعتين "الدولية السورية" وصاحبها أكاديمي عراقي و"المأمون" في مدينة القامشلي أقصى شمال شرق البلاد.
 
وبدوره يشير أستاذ الاقتصاد الإسلامي الدكتور أحمد نايف إلى أنه فشل في الحصول على فرصة للتدريس في الجامعات السورية رغم وجوده بدمشق منذ عام 2003.
 
وقال نايف إنه يعمل حاليا في المجال الإعلامي كي يتمكن من تأمين تكاليف المعيشة رغم قلقه الدائم من الابتعاد عن مجال التدريس وتطوير معارفه.
 
ويلفت الدكتور السعدي إلى وجود عقبات كبيرة أمام عمل الأكاديميين العراقيين في الدول العربية عموما. كما يلفت إلى تعرضهم للاستغلال من خلال الأجور المتدنية التي تعرض عليهم مقارنة بالمؤهلات التي يحملونها.
 
ويضيف أن هناك صعوبات أمام فئات أخرى كالأطباء والمهندسين تمنعهم من العمل في سوريا والأردن بسبب قوانين التوظيف، مشيرا إلى أن كثيرين منهم يتجهون إلى أعمال لا تناسبهم والعدد الأقل يتمكن من الهجرة.
المصدر : الجزيرة