بابا نويل يتحول لشعار استهلاكي في أعياد الميلاد

بابا نويل
 
مع حلول أعياد الميلاد ورأس السنة تظهر شخصية سانتا كلوز أو (بابا نويل) في حياة المواطن الأوروبي بشكل كبير, وتكاد تلاحقه في كل مكان في الإعلانات أو المحلات التجارية, خاصة في صفوف الأطفال الذين يسعون لمقابلته ويترقبون هداياه الرمزية بهذه المناسبة.
 
ومع انحسار الاهتمام بالدين في المجتمعات الأوروبية, أهمل الرأي العام التعرف على هوية هذا الرجل الذي يحمل هداياه على كتفه ويشق الجبال المليئة بالثلوج لتوزيعها, والذي أصبح شعارا لاقتراب مواسم التسوق والبحث عن الأسعار المناسبة والتخفيضات المتاحة.
 
شخصية حقيقية
وقد اهتم متحف الثقافات في بازل بسويسرا بالبحث عن أصول بابا نويل, فوجد أنه شخصية حقيقية, استغلتها أطراف دينية كثيرة عبر التاريخ لتحقيق أهداف معينة, إلى أن تحولت إلى رمز تجاري.
 
وحسب المعرض الذي يقيمه المتحف بمناسبة أعياد الميلاد, فإن سانتا كلوز كان أسقفا في الفترة ما بين عامي 330 و350 ميلادية بمدينة ديمري التي كانت تعرف قديما باسم باتارا بمنطقة أنطاليا بجنوب غربي تركيا.
 
undefined
واشتهر كلوز (بابا نويل) برعاية الفقراء واليتامى, خاصة في أعياد الميلاد وليالي الشتاء, ونسبت إليه روايات عن معجزات للتغلب على بعض الكوارث, حيث يرى المؤرخون أن ظهور مثل تلك الأساطير كان حتميا في تلك الفترة لتكتسب الشخصية قدسية واهتماما كبيرين.
 
ووجد المتحف في بحثه للتسلسل التاريخي لانتقال اسم سانتا كلوز, بأن الأميرة الألمانية تيوفانو هي أول من أمر بنقل قصصه في خدمة الفقراء إلى الثقافة الألمانية, وذلك في العام 972 ميلادي, ثم انتقل الاهتمام به إلى باري في جنوبي إيطاليا التي انطلق منها إلى العالمية.
 
وبحكم قوة الكنيسة ورغبتها في الهيمنة على الثقافة الأوربية آنذاك, شدت كاتدرائية تحمل اسم "سانتا كلوز دي بور" وتحولت في العام 1100 إلى أهم مركز ثقافي في أوروبا, خاصة بعد أن استولى فرسان المعبد على بقية رفات سانتا كلوز من قبره في تركيا ونقلوها إلى باري بإيطاليا في العام 1087, ثم حصلت فرنسا على بعض من تلك الرفات.
 
وبحلول العام 1500 ميلادي كانت أوروبا كلها تضم ما بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف كنيسة تحمل اسم سانتا كلوز, دون أن تذكر أي منها أصله التركي, وحقيقة قصته.
 
فضل البروتستانت
ويشير بعض المؤرخين إلى أن أتباع المذهب البروتستانتي هم وراء الاهتمام الكبير بربط سانتا كلوز بعيد الميلاد ورأس السنة, من خلال تأثير الاقتصاد وذلك لمنافسة الاهتمام الكاثوليكي بطفل عيد الميلاد الذي كان يرمز للسيد المسيح عليه السلام.
 
بعدها نجح البروتستانت في القضاء على هذا التقليد الكاثوليكي تدريجيا, إذ لم يعد الاهتمام بالسيد المسيح هو محور الاحتفال بعيد الميلاد, بل طغت صورة سانتا كلوز على جميع مظاهر الاحتفال.
 
وبالنسبة لشكل سانتا كلوز المعروف به فقد بدأ في العام 1847 على يد الكاتب الألماني مورتيس فون شفيند بعد أن قرر إعادة صياغة القصص المثارة حوله في قالب جديد.
 
أما أول انتشار سريع لصورته فكان عام 1863 في الولايات المتحدة على يد الرسام الألماني توماس ناشت الذي يعود الفضل إليه في وصفه بأنه أحد سكان القطب الشمالي يعيش بين غابات الصنوبر.
 
ومع انتشار الرأسمالية في أوروبا وأميركا تحول سانتا كلوز إلى شعار يستخدم في الدعاية, فكانت شركة كوكاكولا أول من استخدمه في إعلاناتها في العام 1931.
ـــــــــــ
مراسل الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة