الإضراب عن الطعام يفضح ممارسات إسرائيل

رائد صلاح - قائد الحركة الإسلامية في إسرائيل ( في الوسط )

عوض الرجوب-فلسطين المحتلة

التقت الجزيرة نت رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الشيخ رائد صلاح المعتقل في السجون الإسرائيلية أثناء وجوده في محكمة حيفا، وذلك عبر مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات الإسلامية (إحدى مؤسسات الحركة الإسلامية) فكان معه هذا الحوار:


· بداية لماذا أعلنتم الإضراب عن الطعام؟ وما هي مطالبكم من هذا الإضراب؟ وما فرص تحقيق هذه المطالب؟

لقد أعلنا الإضراب المفتوح عن الطعام بعدما اجتمعت لدينا عشرات القرائن التي باتت تؤكد لنا أن اعتقالنا ظلم صارخ ومتواصل ومتصاعد منذ أول لحظة اعتقالنا وحتى الآن, وهو اعتقال ما زالت تصرّ عليه المخابرات الإسرائيلية وفق قانون القضاء الإسرائيلي.

وكان قد وجب على النيابة أن تطلق سراحنا أو أن تطالب بمواصلة اعتقالنا في بيوتنا بعد أن مضى على اعتقالنا تسعة أشهر، إذا لم يصدر القضاء حكمه الأخير في قضيتنا!! إلا أن النيابة توجهت إلى المحكمة العليا وطالبت بمواصلة اعتقالنا لفترة استثنائية لمدة ثلاثة أشهر، فصادقت المحكمة على هذا الطلب، ثم طالبت النيابة بمواصلة اعتقالنا لفترة استثنائية ثانية ثم ثالثة وصادقت المحكمة العليا على ذلك!!

"
بعض الخبراء اليهود الذين أدلوا بشهادتهم في المحكمة لتعزيز موقف النيابة ضدنا لم يترددوا في القول إن الله تعالى قد أخطأ عندما خلق المسلمين
"

وها هي النيابة تستعد لمواصلة اعتقالنا لفترة استثنائية رابعة، وقد تواصل طلب اعتقالنا لمرة خامسة وسادسة وأكثر. وواضح جدا أن من تقف وراء ذلك هي المخابرات الإسرائيلية. وقد تطوع رئيس الحكومة شارون وضم جهوده إلى جهود المخابرات بهدف مواصلة اعتقالنا، فقد صرح مرتين في الفترة الماضية أن إيران تحاول تجنيد عملاء لها من فلسطينيي 48 بواسطة الحركة الإسلامية!

واضح أن هذا التصريح ضرب من الكذب الرخيص، ومع ذلك فقد تطوع رئيس الدولة بضم جهوده إلى جهود شارون وصرح في رمضان الماضي بنفس تصريح شارون.

ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلن المجلس الوزاري أنه قرر إخراج الحركة الإسلامية أو بعض مؤسساتها عن القانون، بمعنى آخر أنه أثبت علينا تهمه الكاذبة غيابيا، ثم حدد العقوبة وأعلن عنها غيابيا قبل أن يقول القضاء كلمته الأخيرة، وهذا ما يجعل مواصلة محاكمتنا ومواصلة الاستماع إلى عشرات الشهود ومواصلة عرض مئات الملفات مسرحية مكشوفة لا قيمة لها.

يضاف إلى ذلك أن كل من يحضر جلسة واحدة من جلسات محاكمتنا يدرك أن محاكمتنا ليست مخابراتية وسياسية فحسب، وإنما هي محاكمة للإسلام وقيم القرآن ومحاولة لوصم الزكاة وكفالة اليتيم وعون الفقير والمريض والدعوة إلى الله وإقامة المؤسسات التعليمية والصحية بأنها تجسد البنية التحتية للإرهاب، وهذا يعني أن الحركة الإسلامية صاحبة هذه الأعمال والمبادرات تقود إلى الإرهاب مباشرة. علما بأن كل أعمالنا ومبادراتنا تمت بواسطة جمعيات ومؤسسات قانونية ذات عمل مكشوف من الألف إلى الياء وتخضع لرقابة وزارة الداخلية الإسرائيلية.

والأبشع من ذلك أن بعض الخبراء اليهود الذين أدلوا بشهادتهم في المحكمة لتعزيز موقف النيابة لم يترددوا في القول إن الله تعالى -حاشا لله- أخطأ عندما خلق المسلمين، أو إن بعض آيات القرآن تدعو إلى الإرهاب!! وإن القرآن والسنة النبوية مصدران يغذيان الكراهية والعداء!!

على ضوء تراكم كل ذلك لم نجد مناصا من ضرورة الإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام بهدف فضح هذه الممارسات الإسرائيلية الظالمة والرخيصة والانتصار للقرآن الكريم والإسلام العظيم. ولعل صوت العدل يرتفع بعد أن غاب عن قضيتنا 18 شهرا حتى الآن.

انتهاكات داخل السجن
· تحدثتم في تصريحات سابقة عن وجود انتهاكات بحقكم داخل السجن، ما هي هذه الانتهاكات؟ وهل تحصلون على محاكمة عادلة؟

بداية نؤكد أن مجرد مواصلة اعتقالنا ظلما وعدوانا هو انتهاك بشع لحقوقنا، ثم إننا لسنا معتقلين كأي اعتقال، بل نحن نعاني من الاعتقال الانفرادي، بمعنى أنه لا يجوز لنا الاختلاط مع أي معتقل آخر، وهذا ما يجعلنا محرومين من أداء صلاة الجماعة والجمعة والعيد إلا في حدود عددنا نحن الخمسة فقط، وهذا ما يجعلنا محرومين من الاتصال الهاتفي بالأهل كباقي المعتقلين أو الالتقاء بهم دون حواجز أثناء زيارتهم لنا في المعتقل. كما لا يسمح لنا بالخروج من غرفة اعتقالنا إلا مرة واحدة في اليوم ولمدة ساعة واحدة فقط نقضيها في ساحة المعتقل.. كل هذا يجعلني أقول بلا تردد إننا لا نحصل على محاكمة عادلة لأننا ما دمنا معتقلين فلا نستطيع إعداد الوثائق والشهود وتقديمهم للمحكمة بهدف إبراز كذب المخابرات الرخيص وفضح ألاعيب رئيس الحكومة ورئيس الدولة وطاقم النيابة، بمعنى أننا محرومون من الحق الكامل للدفاع عن أنفسنا مع كل تقديرنا للدور الرائع الذي يقوم به طاقم محامينا.

استدعاء الشهود
· إلى أين وصلت قضيتكم في المحاكم الإسرائيلية؟ وكم من الوقت يمكن أن تستغرق؟

"
الحركة الإسلامية لا تزال تقوى يوما بعد يوم بعد هذه الإغلاقات وإجراءات اعتقالنا، ولا أبالغ إذا قلت إنها باتت تملك من رصيد الدعم الشعبي والنشاط المؤسساتي والالتفاف المناصر ما لا تملكه أية حركة فلسطينية في مسيرة مجتمع فلسطينيي 48
"

لا تزال النيابة تستدعي الشهود من طرفها بهدف تعزيز ادعاءاتها الكاذبة، وحتى الآن فقد استدعت ما يزيد عن 70 شاهدا ويتوقع أن تستدعي عشرات آخرين. ثم بعد ذلك ستأتي مرحلة الدفاع ويتوقع أن يستدعي طاقم محامينا أكثر من 150 شاهدا، ولذلك يمكن أن تتواصل جلسات محاكمتنا سنوات معدودة ريثما يقول القضاء حكمه الأخير.

دعم الإرهاب
· ما هي أهم التهم الموجهة إليكم؟ وما دور طاقم الدفاع عنكم في تفنيدها؟

النيابة وبضغط من المخابرات تحاول أن تعتبر كل نشاطنا دعما للإرهاب، وبذلك تطمع في تحويل كل نشاطنا إلى تهم، ولذلك فهي تحاول أن تدَّعي –كاذبة- أن مشاريع الإغاثة وكفالة الأيتام وعون الأرامل والمرضى والفقراء وبناء المدارس والمستشفيات التي نقوم بها هي دعم "للإرهاب الفلسطيني" وأن لنا علاقة مشبوهة مع إيران ومؤسسة الأقصى في ألمانيا والإنتربال في بريطانيا وحملة ائتلاف الخير.

لذلك فإن طاقم دفاعنا تنتظرهم سنوات من العمل الشاق والمتواصل المحفوف بالمفاجآت الكثيرة والحاجة الملحة إلى استدعاء الخبراء في شؤون الإسلام ودور المؤسسات الإنسانية ودور الحركة الإسلامية وواقع الشعب الفلسطيني وأبعاد الظلم التاريخي الذي ما زلنا نعاني منه منذ نكبة فلسطين عام 1948.

العلاقة مع إيران
· ربطت بعض الجهات الإسرائيلية بين الحركة الإسلامية وإيران، فما ردكم على ذلك؟ وما الهدف من هذا الربط؟

هي فرية رخيصة تولى كبر إشاعتها رئيسا الحكومة والدولة، والهدف في نظري مزدوج، فمن جهة تحاول المؤسسة الإسرائيلية أن تدعي أن إيران لا تحاول مد نشاطها ليس إلى الضفة الغربية وقطاع غزة فحسب، بل تحاول تجنيد عملاء لها من بين فلسطينيي 48 أي في ما تسميه المؤسسة الإسرائيلية بمصطلح "العمق الإسرائيلي"، وهذا من شأنه أن يعزز مطلب المؤسسة الإسرائيلية على صعيد حلفائها الخارجيين أنه لابد من ضرب إيران.

ومن جهة أخرى تطمح المؤسسة الإسرائيلية من وراء هذا الادعاء الكاذب إلى اصطناع الذرائع لإخراج الحركة الإسلامية عن القانون أو حل بعض مؤسساتها والزج ببعض العاملين في السجون كما هو عليه حالنا الآن.

ضغوطات متتالية
· إلى أي مدى تتعرض مؤسسات الحركة الإسلامية للمضايقات من قبل السلطات الإسرائيلية؟ وكيف تسير الأمور في غيابكم؟

خلال السنوات الماضية أغلقت المؤسسة الإسرائيلية جمعية الإغاثة الإسلامية ثم أغلقت جمعية اليتيم والسجين ثم أغلقت لجنة الإغاثة الإنسانية. وخلال ذلك أغلقت مكاتب صحيفة صوت الحق والحرية لفترات محدودة، وها هي تهدد بإغلاق مؤسسة الأقصى ومؤسسة الإغاثة الإنسانية، ولا تزال تحاصر مسيرة كلية الدعوة والعلوم الإسلامية وترفض الاعتراف بها بهدف إفشالها.

ولكن أقولها بكل يقين إن الحركة الإسلامية لا تزال تقوى يوما بعد يوم، بعد كل هذه السلسلة من الإغلاقات وإجراءات اعتقالنا. ولا أبالغ إذا قلت إنها باتت تملك من رصيد الدعم الشعبي والنشاط المؤسساتي والالتفاف المناصر ما لا تملكه أية حركة فلسطينية في مسيرة مجتمع فلسطينيي 48.

خطر ديمغرافي
· ما تصوركم لمستقبل العلاقة بين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر والحكومة الإسرائيلية؟

"
مراكز الأبحاث الإسرائيلية تسعى لاعتبارنا خطرا ديمغرافيا مقلقا بات يهدد صبغة يهودية الدولة في نظرها، ولذلك لابد من علاج جذري لهذا الخطر
"

مراكز الأبحاث الإسرائيلية باتت تسعى لاعتبارنا خطرا ديمغرافيا مقلقا جدا وبات يهدد صبغة يهودية الدولة في نظرها، ولذلك لابد من علاج جذري لهذا الخطر. هذه الخواطر الإسرائيلية ما زالت تقوى حتى تحولت إلى مشاريع عمل لدى بعض الأحزاب الإسرائيلية التي تبنتها وبدأت تطالب بترحيلنا وتطرح برامج عمل مقترحة لكيفية الترحيل. وهذا يعني أن المؤسسة الإسرائيلية تسير في اتجاه سياسة صدامية معنا، ما يفرض علينا أن نتبنى إستراتيجية البقاء والصمود على أرضنا وفي بيوتنا مهما كلف الثمن بإذن الله تعالى.

قلق حول الأقصى
· كنتم دائما من السباقين للدفاع عن المسجد الأقصى ومتابعة قضاياه، فكيف تتابعون أخباره؟ وما الجديد فيما يتعلق بالإجراءات الإسرائيلية في محيطه وداخله؟

ما زلنا نتابع كل جديد فيما يتعلق بالمسجد الأقصى من خلال ما يتيسر لنا من وسائل الإعلام، وآخر ما وقفنا عليه -وهو أمر مقلق جدا- ما كتبته الصحف العبرية في الأسبوعين الماضيين من أن السؤال المطروح اليوم ليس هل الأقصى في خطر أم لا؟! إذ بات من المؤكد –وفق ادعاء هذه الصحف– أن الخطر لا محالة واقع على المسجد، وإنما السؤال هو متى وكيف؟! وأنا بدوري أسأل هل يدفعنا ذلك على الصعيد الإسلامي والعربي لأن نستيقظ أم لا؟!

عرفات صفي بالتسميم
· كيف تنظرون لمستقبل العلاقة الفلسطينية الداخلية بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات؟

أنا ما زلت على قناعة بأن الرئيس ياسر عرفات رحمه الله قد تعرض للتصفية بواسطة تسميمه، وهذا يعني أن على القيادة الفلسطينية أن تلقي القبض على تلك الأيدي التي خططت أو نفذت الجريمة. ولا شك في أن بعضها أيد فلسطينية للأسف الشديد. وأخشى ما أخشاه أن تطوى صفحة هذا الموضوع الهام جدا وكأن شيئا لم يكن، وأن تبقى هذه الأيدي الفلسطينية التي خططت أو نفذت هذه الجريمة في دائرة صناعة القرار، وبذلك يتشكل ورم سرطاني في جسم المسيرة الفلسطينية، وهذا في نظري أخطر شيء في مستقبل العلاقة الفلسطينية إلا أن يعالج الأمر معالجة جذرية جادة بلا تهادن.

نبوءات التوراة والعراق
· من التطورات الهامة التي وقعت أثناء وجودكم في السجن احتلال العراق، فكيف تنظرون لمستقبل هذا البلد في ظل الاحتلال الأميركي؟

لقد اجتهدت أثناء وجودي في المعتقل أن أتابع كل التطورات الهامة التي وقعت على العراق، وما زلت أجتهد أن أكتب سلسلة مقالات حول هذا الموضوع تحت عنوان "دروس من الفلوجة".

وخلاصة ما يمكن قوله أن بوش الابن بعدما أعلن تجديد الحملات الصليبية، ها هو يرسل غارة عسكرية إلى أفغانستان ثم أعاد ترتيب مرتزقة هذه الغارة وأرسلهم إلى العراق بدافع تمازج بين المصلحة الأميركية والمصلحة الصهيونية، وبدافع تمازج بين الهوس الديني والهوس السياسي في هذه الغارة "البوشارونية"، فهم يخططون لإعادة رسم خارطة العالم الإسلامي والعربي على قواعد "سايكس بيكو" جديدة يحقق المصلحة الصهيوأميركية فقط، وهم يخططون لتحقيق نبوءاتهم التوراتية وفق ما يدعون. ولكن أنا على يقين أن كل هذا المخطط اللئيم سيتحطم على أرض العراق بإذن الله تعالى، وإن غدا لناظره قريب.
_____________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة