خطة شارون.. حقيقة أم وهم؟

-

أنس زكي

فرضت خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لما يطلق عليه الانسحاب من غزة نفسها على الساحة خلال الأيام الماضية قبل أن ينتهي الأمر بموافقة الكنيست عليها وسط هالة إعلامية إسرائيلية كبيرة تصورها باعتبارها تنازلا كبيرا من شارون الذي أصبح بين عشية وضحاها "بطلا من أبطال السلام".

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية تمرير الخطة "بالانتصار الشخصي لشارون" الذي وصفته صحيفة هآرتس بأنه صامد كالصخر في وجه الضغوط، مستغربة أن "الرجل الذي زرع الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات نجح في تغيير موقفه كليا".

وقبل محاولة التقصي عن جدوى هذه الخطة للجانب الفلسطيني نذكر بأنها تنص على سحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وإخلاء المستوطنات الموجودة فيه من ثمانية آلاف مستوطن وكذلك أربع مستوطنات معزولة شمال الضفة الغربية، على أن يتم إخلاء المستوطنات المعنية على مراحل، تحتاج كل منها لموافقة من الحكومة الإسرائيلية، وتنتهي هذه العملية في سبتمبر/أيلول 2005.

بيد أن الخطة تضمن سيطرة إسرائيل على الحدود مع مصر كما تضمن سيطرتها بحرا وجوا على القطاع وتسمح لها بالدخول إلى القطاع في أي لحظة. هذا فضلا عن أنها تنص على ضمانات الرئيس الأميركي جورج بوش بعدم العودة إلى حدود 1967 وكذا عدم السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين، كما تتضمن سيطرة إسرائيل على الكتل الاستيطانية الكبرى بالضفة الغربية.

كمين لا انسحاب
وبالنظر إلى ردود الأفعال الفلسطينية على إقرار الخطة فقد شهدت ترحيبا حذرا من البعض، بينما جاهر آخرون بأنها لا تعدو أن تكون كمينا منصوبا للقيادة والشعب الفلسطينيين مشيرين إلى أن التجارب السابقة تؤكد أن الهدف الرئيسي بالنسبة لشارون هو التهام أكبر جزء من أراضي الضفة الغربية.

وفي تصريحات للجزيرة نت رفض مدير معهد الإعلام والسياسات الفلسطينية مصطفى البرغوثي بشكل حازم الحديث عن انسحاب إسرائيلي قائلا إن شارون يخطط لتحويل غزة إلى سجن حقيقي مع إحاطته بالوجود العسكري بما في ذلك الحدود الجنوبية مع مصر، وهو ما يفسر عمليات هدم المنازل التي دأب الاحتلال الإسرائيلي عليها في السنوات القليلة الأخيرة.

وقال إن الخطة تمثل غطاء لتبرير كارثة كبرى تتضمن ضم وتهويد معظم الضفة الغربية، لافتا النظر إلى أن شارون يريد إخراج المستوطنين من قطاع غزة بعد أن أصبح وجودهم يمثل تكلفة مالية وأمنية كبيرة فضلا عن ندرة المياه الصالحة للشرب في القطاع.

ومن وجهة نظر البرغوثي فإن شارون يحاول فرض حله النهائي على القضية محاولا إجبار الفلسطينيين على الرحيل، والقضاء على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في الوقت الذي يتحدث فيه عن هذه الدولة.


undefinedأهمية التنفيذ

وكانت السلطة الفلسطينية أبدت ترحيبا حذرا بخطة شارون لكنها أكدت أن الأهم هو التنفيذ على الأرض، بينما ذكّر نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني  بأن تصويت الحكومة الإسرائيلية والكنيست على اتفاقية واي ريفر (1998) لم يحل دون بقائها خارج دائرة التنفيذ.

وفي نفس الاتجاه قلل رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح من أهمية الخطة التي لا تتضمن انسحابا حقيقيا -من وجهة نظره- مؤكدا أنه مما يثير المزيد من الشكوك العقلية العدوانية لشارون، فضلا عما تزامن مع إقرار الخطة من تصاعد للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة. 

____________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة