مرارة السجن لا تضاهى.. جسديا أو عقليا

السجن يدمر الإنسان جسديا وعقليا، وذكرياته التعيسة تظل ماثلة أمام الشخص حتى بعد 30 عاما من إطلاق سراحه.
هذا ما توصل إليه د. دانيال غونين في دراسة يتيمة حول عواقب الحبس على جسد وعقل المعتقلين والتي نشرها عام 1991 في كتاب "صحة المساجين.. العلاج وظروف المعيشة في الزنزانة".
وقد نشر المرصد الدولي للسجون ورقة في موقع ميديابارت الفرنسي بعنوان "السجن بعيون السجناء.. عندما يكتب المعتقلون" خصصه لشهادات خالصة لسجناء دونوا معاناتهم بأنفسهم.
فها هو السجين (كي إي) يصف ما مر به قائلا "لا شك لدي أن رأس مالي الحياتي قد تضاءل كثيرا بعد أن قضيت هنا 12 سنة، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها الخمول والتبغ والأغذية منخفضة الجودة ونقصان الفيتامينات والأملاح، وكذلك القلق والاضطرابات العصبية والعقاقير التي استخدمها لعلاج تلك الاضطرابات والتي إن نفعت في جانب أضرت في جوانب أخرى، ناهيك عن كون وزني تراجع إلى 53 كيلوغراما مع أن طولي متر و80 سنتيمترا".
وفي السجن نفقد القدرة على التذوق ولا طعم لما نأكله، نفقد حاسة الشم واللمس، ولكن الأهم أنك تفقد بصرك، إذ يؤدي عدم رؤية شيء إلا تلك النوافذ والشبابيك الحديدية المثبتة عليها إلى تعتيم الخلايا البصرية.
والواقع أن جميع الحواس تضمر باستثناء السمع الذي يتطور بسبب الضوضاء في كل مكان.
في عالم سوء الحظ هذا، أي شيء يمكن أن يزعزع استقرارك "إذ أننا لا نحس أننا نعاقب وإنما نشعر أن قرارا قد صدر باقتلاعنا من جذورنا، ولذلك فأنا دائما أخشى من حتمية ماثلة أمامي كل حين هي الانتهاء في مصحة عقلية، وعليه فإني أسعى إلى أن أعيش الحاضر كحلم، كما لو كان هو الماضي أي أني أحلم بحياتي بدلاً من أن أعيشها".
أما السجين (جي في) فيلخص معاناته قائلا "أعتقد أنه لا يوجد أسوأ من السجن من حيث المعاناة النفسية: فالحبس وحده رهيب للغاية، أضف إلى ذلك الإساءة اللفظية والجسدية، والسلوك المرضي للسجناء الآخرين.. إلخ".
البعض ينتهي به الأمر مدمنا للمهدئات أو مضادات الاكتئاب أو أنواع من المخدرات، ونهاية المطاف ينتحر البعض ويعيش آخرون مع احتمال الانهيار في أي وقت.
وبدوره يقول (بي أل) واصفا وضعه "فقدت خلال 48 ساعة 3 كلغ، و5 كلغ في أربعة أيام فقط، وخلال شهرين فقدت 17 كلغ، وفي يناير/كانون الثاني وحتى أوائل فبراير/شباط كنت أبكي كل يوم".