ناشونال إنترست: هل يبرم ترامب وبوتين صفقة بشأن سوريا؟

هل يبرم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين صفقة بشأن سوريا أثناء قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) المزمع انعقادها غدا الاثنين في هلسنكي بفنلندا؟ وما أهداف كل طرف في ظل الحرب التي تعصف بسوريا منذ سنوات؟ وكيف يكون شكل هذه الصفقة لو تمت؟

في هذا الإطار، يقول الكاتبان ستيفن هيدمان ومايكل أوهانلون -في مقال تحليلي نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية- إن سوريا ستكون جدول أعمال القمة التي ستجمع الرئيسين الأميركي ترامب والروسي بوتين في هلسنكي، وإن ترامب سبق أن أبدى اهتمامه بتخفيض الوجود العسكري الأميركي في هذه الحرب المأساوية الطويلة.

ويضيف المقال أن ترامب في المقابل سيطلب من بوتين احتواء النفوذ الإيراني في سوريا، وهو طلب يشكل هدية كبيرة، في ظل حجم هذا النفوذ والدور الحاسم الذي لعبته طهران لصالح نظام الأسد.

وإذا ما حصل ترامب على وعد من بوتين بتنفيذ هذا الطلب، بالإضافة إلى مزيد من التقدم في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شرقي سوريا؛ فإن ترامب قد يعلن عندئذ عن إنجاز المهمة وانسحاب الولايات المتحدة من كامل سوريا.

صفقة وخطأ
بيد أن المقال يضيف أن الصفقة إذا ما تمت بهذه الطريقة، فإنها ستمثل خطأ كبيرا، وذلك لأن روسيا سبق أن نقضت الكثير من التزاماتها في هذا السياق، حيث إن موسكو كانت تقصف مواقع المعارضة في جنوب غرب سوريا في الأيام الأخيرة بالرغم من أنها وقعت اتفاقا لتخفيض التصعيد مع الولايات المتحدة والأردن.

كما أن النفوذ الروسي على إيران أو حتى على نظام الأسد يعتبر أمرا مشكوكا فيه، ومثال ذلك رفض إيران والنظام السوري الاستجابة لتصريح بوتين الأخير القاضي بضرورة مغادرة القوات الأجنبية لسوريا.

ويضيف المقال أن الولايات المتحدة إذا ما تخلت عن أي دور في سوريا، فإنها ستقوض الفرصة الأخيرة أمامها لتحديد مسار الصراع في البلاد.

لكن الولايات المتحدة تحتاج إلى الاهتمام بمصالحها وبحلفائها، حتى تمنع ظهور نسخة ثانية من تنظيم الدولة الإسلامية.

مساعدات
وذكر المقال أن المساعدات الأميركية والدولية يجب أن تبدأ بالتدفق إلى المناطق التي تحتاج إليها في سوريا، وهي المناطق غير الخاضعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وألا يتم تقديم هذه المساعدات إلى نظام الأسد.

وأما إذا ما بدت الولايات المتحدة غير مهتمة بنتيجة الصراع في سوريا، فإن الأمر سيصبح صعبا جدا عليها، وذلك إذا ما أرادت مساعدة إسرائيل والأردن وتركيا ولبنان في ظل تداعيات الحرب النهائية في البلاد أو بشأن إعادة اللاجئين أو نقلهم.

ويضيف أن الأمر سيصبح أكثر صعوبة على الولايات المتحدة أيضا في ما يتعلق بالتأثير على شكل أي بنية أمنية إقليمية مستقبلية، أو تخفيف تأثير الأطراف المعادية في الشرق الأوسط.

ويعتبر أمرا واقعيا أن تساعد الولايات المتحدة في حماية شركائها الأكراد في شمال سوريا وشرقها، كما يمكن للولايات المتحدة تأمين بعض الحماية المحدودة والاستقلال المؤقت لقوات المعارضة الصديقة والسكان الذين تمثلهم في أماكن أخرى.

كما يعتبر من المهم البدء بإعادة الإعمار وعودة النازحين في أجزاء من سوريا خارج سيطرة النظام، ويعتبر من الممكن كذلك العمل مع الدول الأخرى لمحاولة الضغط على الأسد، الأمر الذي يقلل من احتمالات ظهور نسخة ثانية من تنظيم الدولة الإسلامية، ويحد من نفوذ إيران في سوريا، بل إن من شأن هذا توفير بعض التوقعات لمعالجة الآثار الإستراتيجية لانتصار النظام على النطاق الأوسع.

إستراتيجية
ويقول المقال إن العناصر الأساسية للإستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق الأهداف السابقة -من دون توسيع دور القوت الأميركية في الصراع- يجب أن تشمل إدراك أن عملية جنيف لا تستبدل الأسد بحكومة منتخبة أو حكومة تمثل الوحدة الوطنية.

ويضيف أنه ينبغي للولايات المتحدة الإبقاء على القوات الأميركية المنتشرة الآن في سوريا، وذلك للمساعدة في إعادة الإعمار وضمان بقاء المناطق المستقلة آمنة حتى رحيل الأسد.

كما ينبغي للولايات المتحدة إعادة التمويل الأميركي لبرامج الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة على الفور.

كما يجب الإبقاء على وجود القوات الجوية الأميركية والقوات الجوية التابعة للتحالف، وذلك للرد على أي هجمات يشنها النظام السوري أو إيران على مواقع أميركية أو مواقع تابعة لأصدقاء الولايات المتحدة.

بيد أنه لا يمكن للولايات المتحدة التأكد من أن روسيا ستوافق على مثل هذه الصفقة، أو التأكد من إمكانية موسكو للمساعدة في تنفيذها؛ لكن روسيا لديها حوافز لإنهاء هذه الحرب المدمرة.

ويذكر المقال أن هذه الخطة البراغماتية لسوريا من شأنها أن تحمي أصدقاء الولايات المتحدة وحلفاءها، وذلك في الوقت الذي تسمح فيه بإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وهو ما من شأنه التقليل من احتمالات استيلاء المتطرفين على مناطق جديدة.

ويختتم بالقول إن هذه خطة تعتبر أفضل من الثقة بروسيا لطرد إيران من سوريا أو الوثوق بالأسد لإظهار رحمة بالشعب السوري، محذرا من أن ظهور نسخة ثانية من تنظيم الدولة أو حركة مشابهة متطرفة قد تكون النتيجة لأي رحيل أميركي مفاجئ من سوريا، وهو ما يمكن تجنبه.

المصدر : الجزيرة + ناشونال إنترست