بقمة هلسنكي.. هل يوقع ترامب وبوتين صفقة بشأن سوريا؟

عمل كومبو يضم ترامب وبوتين والأسد
الرؤساء (من اليمين) الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد والأميركي دونالد ترامب (الأوروبية)

يقول الكاتبان صموئيل تشاراب وجيفير مارتيني في مقال نشرته لهما مجلة فورين بوليسي الأميركية إنه يجب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يوقع صفقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن سوريا في قمة هلسنكي المرتقبة.

ويضيف المقال أن الولايات المتحدة لن تحصل على كل ما تريد في سوريا، بيد أنه سيكون من الحكمة محاولتها حماية مصالحها المتبقية في سوريا قبل فوات الأوان.

ويشير الكاتبان إلى أن ثمة مزاعم بأن ترامب يدرس إبرام صفقة مع بوتين بشأن سوريا، وذلك في قمتهما المزمع انعقادها في 16 من الشهر الجاري في هلسنكي بفنلندا.

وتعتبر هذه الخطوة -إذا تمت- تطورا إيجابيا، خاصة في ظل الهجوم المتواصل الذي يشنه نظام الرئيس السوري بشار الأسد على واحدة من المناطق القليلة المتبقية تحت سيطرة المعارضة، الأمر الذي يؤكد الحاجة الملحة إلى أن تسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد حل دبلوماسي للأزمة السورية، إذا أرادت الحفاظ على مصالحها في النزاع، أو الحفاظ على المكاسب التي تحققت عقب إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، ومن أجل التمكن من محاولة تقييد النفوذ الإيراني في البلاد.

‪قافلة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء استعراض في شوارع الرقة بسوريا منتصف 2014‬  (رويترز)
‪قافلة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء استعراض في شوارع الرقة بسوريا منتصف 2014‬ (رويترز)

أهداف وهزيمة
ويضيف المقال أن الولايات المتحدة تمتعت برفاهية في سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية، لكن هذه الحالة ستختفي قريبا، فلقد كانت أولوية واشنطن العليا تتمثل في هزيمة الدولة الإسلامية في الجزء الشرقي من سوريا تتوافق مع أولوية النظام السوري المتمثلة في إلحاقه الهزيمة بالمتمردين في الجزء الغربي من البلاد.

ويوضح الكاتبان أن النظام السوري قبل عمليات الولايات المتحدة والسيطرة الفعلية في شرقي سوريا، في حين تخلت واشنطن عن المعارضة السورية المناوئة للأسد غربي البلاد، وذلك تدريجيا في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ثم بشكل سريع مع مجيء الرئيس ترامب.

ويضيف المقال أن هذا الترتيب غير المكتوب أصبح الآن غير مكتمل، حيث يقوم الطرفان بتحويل أهدافهما، إذ يسعى الأسد وحلفاؤه للتوصل إلى "سوريا المفيدة"، بينما تضع إدارة ترامب نصب عينيها "طرد إيران من سوريا".

ويقول الكاتبان إنه على الرغم من أن النفوذ الأميركي في سوريا تقلص إلى حد كبير بفضل المكاسب الأخيرة التي حققها نظام الأسد، فلا تزال هناك فرص أمام واشنطن وموسكو للتوصل إلى تسوية تحافظ على بعض المصالح الأميركية في البلاد.

‪مقاتلون من قوات حماية الشعب الكردية تحتفل باستعادة مدينة الرقة من سيطرة تنظيم الدولة في أكتوبر/تشرين الأول 2017‬ (رويترز)
‪مقاتلون من قوات حماية الشعب الكردية تحتفل باستعادة مدينة الرقة من سيطرة تنظيم الدولة في أكتوبر/تشرين الأول 2017‬ (رويترز)

رغبة روسيا
ولا ترغب روسيا في مواصلة حملتها الجوية في سوريا لأجل غير مسمى، وذلك لأن من شأن ذلك أن يدعم نتيجة تخدم مصالح الأسد وإيران في نهاية المطاف، ولهذا فإنه يتوقع من موسكو دعم تسوية سياسية تفي بمآربها في سوريا التي تتمثل في عدم تغيير النظام وعدم وجود عسكري أميركي دائم في سوريا.

وأما إدارة ترامب فترغب في منع عودة ظهور الدولة الإسلامية، وحرمان إيران من حرية توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وذلك في اللحظة التي تشعر فيها روسيا بالقلق من السماح لإيران بالسيطرة على سوريا، وفي عدم وجود مصلحة لموسكو بالسماح لتنظيم الدولة الإسلامية بالازدهار.

كما أن لأقرب شركاء واشنطن في خط المواجهة في سوريا المتمثلين في إسرائيل والأردن أهدافا مماثلة؛ فهاتان الدولتان تعارضان بشدة وجود أي قوات متحالفة مع إيران تعمل في محيطهما.

ويضيف المقال أن الحال الراهنة في سوريا تشكل أرضا خصبة للتسوية، وأنه لمن الجيد أن تبادر إدارة ترامب إلى استغلالها.

ويضيف أنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تنجح فإنه يجب على إدارة ترامب أن تجعل شرط أي انسحاب مستقبلي لها من شرق سوريا مرهونا بالالتزامات الروسية بتقييد النفوذ الإيراني في البلاد.

ويقول الكاتبان إنه رغم هذه التحديات، فإن هناك كل الأسباب لاختبار الاقتراح القائل إن روسيا ستكون منفتحة على اتفاق ينهي إراقة الدماء ويحفظ بعض الحكم الذاتي لشرق سوريا، ويمنع البلاد من السقوط الكامل تحت السيطرة الإيرانية، بل ويسمح بمواصلة جهود مكافحة الإرهاب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ويختمان بأنه إذا استطاع ترامب إقناع بوتين بالالتزام بمثل هذا الترتيب في قمتهما المرتقبة، فإن هذا سيكون إنجازا كبيرا.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي