أيها الشباب.. الشيخوخة ليست بذلك السوء

Members of the intermediate seniors ballet class work through some moves at the Queensland Ballet dance studios on May 6, 2018 in Brisbane, Australia. Queensland Ballet has been running ballet classes for seniors every Sunday morning since 2015, with participants ranging from 60 to 85 years of age. A study by Queensland Ballet and the Queensland University of Technology (QUT) released in April found that ballet helped older Australians feel happier, more energetic and h
مسنات في فصل لتعلم الباليه بأستراليا في يونيو/حزيران الجاري (غيتي)

دعونا نعيد تعريف عملية كبر السن أو الشيخوخة لنؤكد أنها مصدر للفرح والبهجة. فقد وجد مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا أن كبار السن هم أكثر فئات المجتمع رضاء بحياتهم وشعورا بالسعادة.

وورد ذلك بمقال للكاتبة جانيت ستريت بورتر بصحيفة إندبندنت، موضحة أنها في الـ 71 من العمر ولا ترى أن عالمها يتقلص، بل تشعر بعكس ذلك، مشيرة إلى أنها لا ترى أمامها غير الفرص وترفض أن تغرق في التفكير الراغب حول جمال الماضي.

وأشارت إلى أنه وفي اليابان يُصنف بعض الرجال والنساء المسنين الذين تفوقوا في الفنون والحرف التقليدية كـ "كنوز وطنية حية" وهو تشريف يعترف بمساهماتهم المتميزة للمجتمع، وهي فكرة تعزز الوعي الإيجابي لكبر السن خاصة بالنسبة للشباب الذين ينظرون للشيخوخة برعب.

وبالطبع، أن يكبر الشخص أمر حتمي مهما امتلكنا من تكنولوجيا متطورة أو كريمات تجميل غالية السعر.

هل الشيخوخة نقص؟
لكن كثيرين منا يتحدثون عن الشيخوخة باعتبارها نقصا في كل شيء مما يقلل من متعة الحياة: نقص في الصحة والحركة وعدد الأصدقاء والمال والذاكرة وفي الوقت المتبقي لنا في الدنيا. وحتى لو لم نتحدث بهذا الوضوح فإن هذه الفكرة مستبطنة عميقا لدى أغلبنا.

كلمة "شيخوخة" تنطوي على كثير من المحمولات السلبية والتمييز في الوعي الجمعي، ومن الممكن أن تكون أسوأ من التمييز العرقي والجنسي.

تقول الكاتبة "نحن بحاجة -ولأسباب عملية تماما- لإعادة تعريف كبر السن. فالأطباء يؤكدون أن الميول السلبية يمكنها انتزاع ما يصل إلى سبع سنوات من أعمارنا المتوقعة، كما يمكنها أن تؤدي إلى تدهور صحتنا".

والخوف من أن الحياة ليس أمامها إلا أن تصبح أسوأ يؤدي إلى ضعف احترام الذات ومجموعة من المشاكل الصحية.

إعادة تربية وتعليم
ومن المعلوم أن منظمات الصحة العامة بمجتمعاتنا مهووسة بـ السمنة، لكن الكاتبة تقول إن الأفضل أن تصب هذه المنظمات تركيزها على ميولنا وتوجهاتنا إزاء الشيخوخة وعملية التقدم بالسن. نحن بحاجة لعملية إعادة تربية وتعليم كبيرة تبدأ من مستوى المرحلة الابتدائية.

كثيرون منا يتحدثون عن الشيخوخة باعتبارها تقلل من متعة الحياة ونقصا بالصحة والحركة وعدد الأصدقاء والمال والذاكرة، وفي الوقت المتبقي لنا في الدنيا

ولفتت ستريت بورتر الانتباه إلى أن الجمعية الملكية البريطانية للصحة العامة نشرت تقريرا يلقي الضوء على حجم مشكلة النظرة الاجتماعية للشيخوخة.

وتضمن التقرير أن ثلث المجتمع يعتقد أن العزلة أمر حتمي مع التقدم في العمر. ولجيل الألفية أكثر الاعتقادات سلبية تجاه الشيخوخة، إلى حد أن اثنين من كل خمسة يعتقدون أن الخرف حتمي مع التقدم في العمر.

ويفيد التقرير أيضا أن الاعتقادات السلبية حول الشيخوخة موجودة حتى لدى صغار السن الذين لم يتجاوزوا السادسة من أعمارهم، وتتعزز كلما تقدموا في العمر.

لكن في الواقع -تقول الكاتبة- ينظر المسنون لأنفسهم بشكل مختلف. فقد اكتشف المكتب الوطني للإحصاء أن هذه الفئة الأكثر رضا بحياتها وشعورا بالسعادة.

حلول
وتتساءل الكاتبة عن كيفية تشجيع التفاعل بين الأجيال في بريطانيا حتى لا يتم تهميش المسنين وحصرهم للعيش فقط مع مقدمي الرعاية ونظرائهم المسنين مثل الحيوانات بحديقة الحيوان، إذ لا يتم التعامل معهم إلا لتنظيفهم ومسح أفواههم من بقايا الطعام، مشيرة إلى أنه وفي المجتمعات التي تعيش بها الأسر الممتدة معا تنخفض مشاكل الشيخوخة بشكل كبير.

ويتضمن تقرير الجمعية الملكية للصحة العامة أفكارا جيدة مثل الدمج بين دور الحضانة والمدارس الابتدائية في مواقع بها مساكن للمسنين.

وتختتم ستريت بورتر مقالها بأن التغيير الذهني يتطلب حلولا عملية وليس اللعب باللغة، وطالبت الصحفيين بالتوقف عن الإشارة إلى الناس بأعمارهم، ومنع صناعة منتجات التجميل من استخدام كلمة "مضاد للشيخوخة". واعتبرت مثل تلك الأمور جزءا من الضغوط لأجل أن يبدو كل الناس شبابا. 

المصدر : إندبندنت