ميسي لم يرغب بمغادرة مأساوية للسيرك العالمي

السيرك الحقيقي هو ليونيل ميسي نفسه. إنه عالم من المتع فشلت الستائر في أن تنسدل عليه، رغم رغبة النيجيريين في ذلك. أيها الفرنسيون احذروا، إنه لم يغادر بعد.
هذا ما كتبه رئيس بعثة صحيفة تلغراف البريطانية بول هيوارد في تقرير له بعنوان "ميسي أثبت أنه لا يرغب في مغادرة السيرك العالمي بطلا لمأساة".
ميسي ودييغو مارادونا لا يجمع بينهما جامع، فهما بعيدان تماما في زمانيهما ومزاجيهما، لكنهما كشخص واحد عند إشهار الأسلحة والتحديق في السماء الصافية لاستيعاب لحظة الدهشة.
إثارة طاغية
مارادونا كان على المنصة والانفعال الشديد باديا على عينيه ويداه متصالبتان على صدره، وفجأة يمد يديه وهما متشابكتان إلى الأعلى قبل أن يتمتم بكلمات غير مفهومة (لاحقا خضع لفحص لضغط الدم، كان يعيش حالة من الإثارة الطاغية).
وبعيدا، أسفل مارادونا، كان ميسي في الملعب، توقف ليشكل هيئة مماثلة لما شكله مارادونا وليتأمل. كان مارادونا يبدو ضائعا تماما. أما ميسي فكان ضائعا في عجز الأرجنتين وفشلها في روسيا.
هدف عبقري
وهدف عبقري في الدقيقة 14 غيّر كل ذلك. فازت الأرجنتين، ولم تتعرض كرة القدم لمأساة وداع ميسي بوصفه لاعبا عالميا حتى الآن. وفرنسا صارمة تجاه مباراتها السبت مع الأرجنتين، لكن ميسي استعاد حيويته لتلك المباراة.
إنه ماركوس روخو، اللاعب الثانوي في مانشستر يونايتد، الذي سجل الهدف الحاسم للأرجنتين قبل أربع دقائق من نهاية المباراة، لكن ميسي هو الذي ضبط الإيقاع.
بعد بضع ثوان فقط من توجيه مارادونا إشارة بأصابعه الوسطى إلى أحد المتفرجين، كان ميسي يتلكأ وكأنه يريد إثبات أن له جانبا شيطانيا.
هذه هي العظمة. دقيقة واحدة وستكون حكاية حزينة تلوكها ألسنة الناس على نطاق العالم، أو محبوب للجمهور وهو يغادر الملعب منكس الرأس. والدقيقة التالية، نراكم في كازان.
تلك أرجنتين أخرى
هل تذكرون سرحان ميسي في مباراة كرواتيا وهو يمسح وجهه وكأنه يعيش مشكلة كبيرة؟ وهل تذكرون بطرسبورغ حيث مُست سمعة عظيمة، وألقت بضغوط كبيرة على نجم كبير جاء فريقه بنقطة واحدة من مباراتين؟
كانت تلك أرجنتين أخرى، وهذه هي الأرجنتين الحقيقية، وكان ميسي لا يرغب في مغادرة المسرح بطلا لمأساة.
كانت بطرسبورغ تعج بالأرجنتينيين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وبدؤوا يطلقون أصواتهم التي هزت الملعب بارتياحها من هدف ميسي.
عقدة مارادونا
لن تغادر عقدة مارادونا الكرة الأرجنتينية بحياة مارادونا. إنه عبقري الكتيبة والمراقب الدائم لميسي. لذلك كانت الكاميرا تسارع لالتقاط إحدى اللحظات التي يكون فيها في أحد أطواره الغريبة. ولا أحد غير مارادونا قد شعر بهدف ميسي بذلك الشعور "الروحاني".
كرة القدم أصبحت تعتمد على ميسي كفنان دائم التجدد وصبور بمستوى لا يستطيعه مارادونا أبدا. ومباراة أمس كانت لها طبيعة مختلفة، إذ كانت شرف الأرجنتين على المحك.