مجلة بريطانية: قضية طارق رمضان اختبار لفرنسا مهد الحرية

epa05227635 Swiss philosopher and professor of Contemporary Islamic Studies Tariq Ramadan speaks during a panel session 'How can religion contribute to fight against extremism?', at the Geneva Press Club in Geneva, Switzerland, 23 March 2016. EPA/SALVATORE DI NOLFI
طارق رمضان معتقل منذ مطلع فبراير/شباط الماضي (الأوروبية)
لا يزال المفكر الإسلامي طارق رمضان يقبع في سجن فرنسي منذ أربعة أشهر بتهمة الاغتصاب، وثمة مخاوف حقيقية من أنه لم يعط فرصة للدفاع عن نفسه، مما يعد "خرقا لمبدأ الحرية الذي طالما تشدقت فرنسا بأنها هي التي اخترعته".

هذا ما كتبه الصحفي البريطاني المرموق بيتر أوبورن في مدونته بمجلة ذي سبكتيتور، محذرا فرنسا من أنها إن لم تتشبث بهذا المبدأ في قضية رمضان الحالية فإنا ستخيب آمال العالم.

وشبه نائب رئيس تحرير الصحيفة اعتقال رمضان بالسجن الظالم الذي تعرضت له شخصية جان فالجين في رواية "البؤساء" لفيكتور هيغو، والتي أصبحت تجسد في مخيلة الفرنسيين ذلك الشخص الذي حرم من الكثير وسجن لأتفه الأسباب، ولكنه ظل كالشمعة التي تضيء للآخرين.

أوبورن -الذي كان إلى وقت قريب كبير معلقي صحيفة ديلي تلغراف البريطانية- شدد على أنه ينبغي ألا يفلت رمضان من العقاب إذا كان فعلا قد ارتكب تلك الأفعال الجنسية الشنيعة التي يتهم فيها، لكنه نبه إلى أن ينبغي أولا أن يمنح رمضان فرصة للدفاع عن نفسه حتى لا تخيب فرنسا آمال من ينظرون إليها باعتبارها مهدا للحرية.

نقطة تحول
واستغرب الكاتب رفض السلطات القضائية الفرنسية إطلاق سراح رمضان بكفالة بدعوى أنه قد يهرب من البلاد أو يمارس ضغوطا على اللائي يتهمنه لسحب شكواهن قائلا إن رمضان الذي سلم نفسه طواعية إلى العدالة الفرنسية لم يكن ليهرب، كما أنه ليس الشخص الذي سيحاول ابتزاز ضحاياه المزعومين لأنه يدرك جيدا أن ذلك سيدمر أي أمل له بالخروج من هذه المحاكمة بأقل الأضرار.

والأدهى والأمر -حسب أوبورن- أن رمضان زج به في حبس انفرادي، وتلك إهانة مخصصة عادة لعتاة المجرمين لا لأساتذة أوكسفورد المرموقين، بل إنه حرم حتى وقت قريب من التواصل هاتفيا مع زوجته وأطفاله أو من السماح لهم بزيارته.

وتطرق الكاتب إلى الوضع الصحي الحرج لرمضان منبها إلى كونه لم يعد يستطيع المشي دون مساعدة.

وقال إن محامي رمضان اعتبر رفض القضاء الفرنسي شكوى امرأة رابعة ضد موكله بأنه "نقطة تحول" في هذه القضية، خصوصا أن ذلك تزامن مع تغيير الشاكية الأولى هند عياري مكان وزمان حادثة الاغتصاب التي تتهم فيها رمضان، ومع تفسير المشتكية الثانية المعروفة باسم "كريستل" تناقضات روايتها بأنها بسبب وقوعها تحت تأثير النبيذ الذي شربته.

"كل هذا غير طبيعي" على حد تعبير أوبورن، إذ إن رمضان ليس الرجل الوحيد في فرنسا المتهم بالتحرش الجنسي، فهناك وزير المالية الفرنسي جيرالد دارمانيان ووزير البيئة نيكو هيلو، وكلاهما متهمان من أكثر من امرأة بأنهما تحرشا بهن، فهما -على عكس رمضان- ينتظران مصيرهما في حرية كاملة بعد أن استجوبا لوقت قصير، ويمارسان أعمالهما الوزارية وكأن شيئا لم يكن.

الكيل بمكيالين
من الواضح -حسب الكاتب- أن هذا كيل بمكيالين، بل ثمة الكثير من الأدلة على أن رمضان يعامل بهذه الطريقة المهينة لا لشيء إلا لكونه مسلما.

ولتأكيد ما ذهب إليه يبرز الكاتب هنا علاقة المشتكيتين كريستل وعياري باليمين المتطرف ومناهضي الإسلام في فرنسا، قبل أن ينفي عن رمضان كونه إسلاميا "بل هو مثقف مسلم بارز يصر على أنه لا تعارض بين القيم الإسلامية والغربية، وأنهما يمكن أن تتعايشا في وئام".

وشدد الكاتب على أن رمضان هو في واقع أمره ذاك الإصلاحي المسلم الذي يحتاجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إذ إنه من جيل من علماء الإسلام المعتدلين الذين لا يخشون تحدي علماء الدين التقليديين الذين يرون أن المسلمين لا يمكن أن يكونوا أوروبيين.

وهذا ما جعلني -يقول أوبورن- أنا وعدد من الأكاديميين والصحفيين والسياسيين والعلماء ومحامي حقوق الإنسان نوقع عريضة دولية نطالب فيها بمعاملة رمضان معاملة عادلة، وعلى بريطانيا التي عاش فيها هذا المفكر وأمدها بعلمه الغزير أن ترمي بثقلها خلف هذه الدعوة، على حد تعبير الكاتب.

المصدر : الصحافة البريطانية