مخيمات اللاجئين بأفريقيا.. الجنس مقابل الغذاء

Returning Ivorian refugees wait in line to be screened as they arrive from Liberia in the village of Prolo, Ivory Coast, May 20,2016. REUTERS/Luc Gnago
لاجئون من ساحل العاج يصلون قرية برولو عائدين إلى بلادهم من ليبيريا في 20 مايو/أيار 2016 (رويترز)
تضطر النسوة والفتيات والأطفال إلى الفرار من مناطق النزاع والاضطراب واللجوء إلى مخيمات طلبا للمأكل والمشرب والمأوى، لكن هؤلاء الضعاف لا يدرون ما قد ينتظرهم من انتهاكات واستغلال جنسي على أيدي موظفي بعض المنظمات المحلية والدولة، حتى إنه قيل في هذه المجتمعات "الجنس أولا مقابل أي غذاء أو دواء أو خدمة أو مساعدة".

في هذا الإطار، يصف سيان أونويل في تقرير تحليلي بصحيفة ذي تايمز البريطانية ما يجري في هذه المخيمات بأنه فضيحة جنسية خيرية، ويقول إنه في هذه المجتمعات لا يستطيع أحد أن يحصل على الطعام دون ممارسة الجنس أولا.

ويقول الكاتب إن فريقا من الباحثين قام بجولة لمدة ستة أسابيع في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2001 في مخيمات اللاجئين في دول نهر مانو غرب أفريقيا، مثل غينيا وليبيريا وسيراليون، وذلك للتحقق من مدى الاستغلال الجنسي الذي يتعرض له الأطفال في مخيمات اللاجئين؛ وأعد تقريرا صادما.

جمع الباحثون الأطفال والأمهات والعاملين في مجال الرعاية الصحية معا، وغالبا ما كانوا يجلسون تحت الأشجار في الظل، وطرحوا عليهم الأسئلة بهدوء، لكن الباحثين أصيبوا بالفزع جراء ما استمعوا له من إجابات وروايات فظيعة.

لاجئون في أحد المخيمات غربي ساحل العاج قرب الحدود مع ليبيريا (رويترز)
لاجئون في أحد المخيمات غربي ساحل العاج قرب الحدود مع ليبيريا (رويترز)

روايات صادمة
تقول كريستين ليبهار المشاركة في إعداد التقرير "لقد صُدمنا بعد أول تقرير في ليبيريا"، مضيفة أن الفريق عندما وصل إلى غينيا وبدأ يستمع إلى الحكايات نفسها عن الشيء نفسه، تضاعفت صدمته وباتت أكبر.

وتضيف ليبهار أن ما يبعث على الشعور القوي بالخجل والعار هو ما يتمثل في تورط موظفي المنظمات الإنسانية في هذه الانتهاكات الشائنة، خاصة أنها كانت هي نفسها عضوا في هذه المنظمات الخيرية.

وأخبرت النساء في أحد مخيمات اللاجئين في غينيا فريق البحث بأنه "لا يمكن لأحد في هذا المجتمع الحصول على مزيج فول الصويا قبل ممارسة الجنس أولا"، ويوضحن أنه ينبغي على المرأة أن تخضع لممارسة الجنس أولا مع موظفي الإغاثة قبل أن يمنحوها كيلوغراما واحدا من هذا الفول، "كيلوغراما مقابل الجنس".

وقالت فتاة مراهقة في ليبيريا: إن هؤلاء العاملين في المنظمات غير الحكومية يعدون أذكياء، فهم يستخدمون الغذاء كطعم ليتسنى لهم ممارسة الجنس أولا.

لاجئون من سيراليون في طريقهم إلى أحد المخيمات في كينيا (غيتي إميجيز-أرشيف)
لاجئون من سيراليون في طريقهم إلى أحد المخيمات في كينيا (غيتي إميجيز-أرشيف)

الجنس أولا
ولا يتعرض الأطفال والنساء لانتهاكات جنسية مقابل الحصول على الغذاء فحسب، بل إن موظفي الإغاثة يطالبونهم بممارسة الجنس إذا كانوا يرغبون في الانضمام إلى الصفوف التعليمية أو الحصول على الكتب المدرسية أو أقلام الرصاص أو الصابون أو الأحذية والمواد اللازمة للملاجئ والوظائف المؤقتة.

وكانت بعض الفتيات أحيانا لا يحصلن سوى على مبالغ ضئيلة من المال يعادل عشرة سنتات أميركية، مقابل الخضوع للممارسة الجنسية.

يقول أحد مسؤولي اللاجئين في غينيا لفريق الباحثين: إذا رأيتم فتاة صغيرة تمشي وهي تحمل على رأسها قطعة من المشمع الواقي من المطر، فيمكنكم توقع كيف حصلت عليها.

ويشير الكاتب إلى أنه تم تسليم تقرير الباحثين الكامل المكون من 84 صفحة إلى إدارة مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 2002، لكنه لم يرَ النور أبدا، مضيفا أن سبب عدم النشر قد يعود إلى كونه يعتبر شديد التدمير لقطاع يعتمد على التبرعات العامة.

وفي حين حصلت صحيفة تايمز على نسخة من التقرير، أشارت إلى أن نسخة أخرى وصلت إلى يد لجنة التنمية الدولية التابعة لمجلس العموم التي تدرس الاستغلال الجنسي في القطاع الإنساني.

وتحدث فريق الباحثين في 2001 عن 1500 شخص، ووثقوا مزاعم الاستغلال والإساءة ضد 67 شخصا آخرين، وركز التحقيق على المخيمات القائمة حيث كان المشردون من ليبيريا وسيراليون يسعون للحصول على الأمان والمأوى.

قوة وصمت
ووجد الباحثون أن قوة غير مسبوقة تركزت في أيدي موظفي المنظمات غير الحكومية المعنيين محليا، في حين نادرا ما غادر المسؤولون الدوليون مقار عملهم.

ويكشف التقرير أن العاملين في الوكالات من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وكذلك وكالات الأمم المتحدة، هم من بين المستغلين الجنسيين الرئيسيين للأطفال اللاجئين الذين غالبا ما يستخدمون المساعدات الإنسانية والخدمات كأدوات لهذا الاستغلال.

ويشير التحقيق إلى أن الموظفين الوطنيين من الذكور يتاجرون بالسلع والخدمات الإنسانية، بما فيها الأدوية والنفط والبرغل والأغطية البلاستيكية والدورات التعليمية والتدريب على المهارات واللوازم المدرسية وغيرها، مقابل ممارسة الجنس مع الفتيان دون سن 18 سنة.

وقد تم توثيق الادعاءات ضد مجموعة واسعة من المنظمات والأفراد فور ظهورها بشكل غير متوقع ولكن بشكل منهجي خلال فترة الدراسة.

كما تحدث التقرير عن "قانون الصمت" بين عمال الإغاثة الذين لم يبلغوا عن أي اعتداءات جنسية أو استغلال من جانب زملائهم، كما لا يستطيع اللاجئون الإبلاغ عن الانتهاكات لأنهم سيضطرون إلى المرور عبر الجناة.

وتشير الصحيفة إلى استمرار بعض العاملين في المجال الإنساني باستغلال الضعفاء جنسيا، وسط غضب دولي ومطالب بإصلاح سلوكيات بعض موظفي بعض المنظمات الدولية المعنية.

المصدر : الجزيرة + تايمز