رقصة آل كوشنر بالقدس على جثث الفلسطينيين

كومبو يجمع ايفانكا وصورة شهيد في غزة
إيفانكا تزيح الستار في انفتاح السفارة الأميركية بالقدس المحتلة وفلسطينيون يشيعون شهداءهم بغزة (الجزيرة/وكالات)
بينما كانت الحشود تحتفل بافتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة وكان الموفدون الأميركيون ومستقبلوهم الإسرائيليون يعبّرون عن الفرح والابتهاج بهذه المناسبة، كانت أعداد القتلى والجرحى في المذبحة في غزة تتصاعد، فهل كان المحتفلون بالقدس يرقصون على جثث القتلى بغزة دونما وخزة من ضمير؟

في هذا الإطار، يتساءل مدير تحرير مجلة ذي ميدل إيست آي البريطانية ديفد هيرست في مقاله بالمجلة عن ما يكون قد جرى لضمائر المستشار السياسي للرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر والآخرين، وذلك أثناء الحشد المرح في حديقة القنصلية الأميركية في حي أرنونا بالقدس المحتلة في حفل افتتاح سفارة الولايات المتحدة هناك.

ويعود هيرست إلى الماضي البعيد ليروي أنه بعد أربعة أيام من حفل تتويج قيصر روسيا نيقولا الثاني وزوجته أليكساندرا، فقد تقرر إقامة مأدبة للعامة في حقل خودنكا في موسكو، حيث يتم توزيع رغيف خبز وقطعة من السجق وأخرى من البسكويت المملح وقطعة حلوى بالزنجبيل وكوب تذكاري لكل من يشارك في الحضور.

وما أن انتشر نبأ هذا الاحتفال ومغرياته حتى بدأ مئات الآلاف بالتجمهر منذ مساء اليوم السابق بانتظار حصولهم على الهدايا المجانية.

إشاعات وتدافع
بيد أن إشاعات بدأت في الانتشار في ذلك الصباح الباكر مفادها أن البيرة قد نفدت وأن كل كوب تذكاري يحمل في داخله قطعة نقدية ذهبية، الأمر الذي أدى إلى تدافع الجماهير وتساقط الناس الذين كان يدوس بعضهم بعضا في ظل تكدسهم في أحد الخنادق الكبيرة، وسط حالة من الهلع أسفرت عن مقتل 1389 شخصا.

وعندما وصل الخبر إلى الإمبراطور والإمبراطورة، أراد نيقولا في البداية إلغاء مشاركته في الحفل الراقص الذي كان مقررا في السفارة الفرنسية مساء ذلك اليوم، بيد أن أحد المستشارين الحكماء أشار عليه بأنه لو تغيب فإن من شأن ذلك أن يثير حفيظة الفرنسيين، فمضى الاحتفال بحسب ما كان مقررا.

وزار نيقولا وزوجته موقع التدافع بعد أن تم إخلاء جثث القتلى، وذلك قبل أن يتوجها إلى الحفل الراقص للمشاركة فيه، فاشتهرت تلك الحادثة بفاجعة خودنكا التي كرست تقليدا روسيا قديما من الرقص على جثث القتلى.

ويعود الكاتب إلى الاحتفال الراهن بمناسبة افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة ليقول إنه لا يمكن لكوشنر وزوجته إيفانكا ترامب التعذر بالجهل إزاء الدماء الفلسطينية في غزة، حيث كان عدد القتلى والجرحى منهم على أيدي القوات الإسرائيلية آخذا في الارتفاع.

قتلى فلسطينيون
ويضيف الكاتب أن عدد القتلى الفلسطينيين في غزة كان قد ارتفع إلى 42 (حاليا بلغ العدد 61)، وأن عدد الجرحى كان قد بلغ 1700 (حاليا العدد وصل 2700)، وذلك بطلقات نارية إسرائيلية حية.

ويتساءل: ألم تكن هذه الدماء الفلسطينية كافية للحد من حماسة المجتمعين في القدس المحتلة بهذا الاحتفال، أو أن يخطر ببال كوشنر أن يعدل من نص كلمته التي تعبر عن الابتهاج؟ بل إن كوشنر مضى في كلمته وكأنه رسول جاء ليبلغ الناس.

ويشير إلى أن كوشنر قال بمناسبة افتتاح السفارة الأميركية "أشعر بفخر شديد لوجودي هنا اليوم في القدس، القلب الخالد للشعب اليهودي. نقف معا لأننا كلانا نؤمن بالحرية"، مضيفا أننا "نقف معا لأننا كلانا نؤمن بحقوق الإنسان. نقف معا لأننا نؤمن بأن الديمقراطية تستحق أن يدافع عنها".

ولم يكن كوشنر موجودا في الاحتفال بوصفه ممثلا للرئيس ترامب فحسب، فهو أيضا المكلف بملف السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بيد أنه وصف المذبحة التي كانت تجري في غزة بالقول إن أولئك الذين يثيرون العنف هم جزء من المشكلة وليسوا جزءا من الحل.

آل كوشنر
ويقول هيرست إنه ليس من عذر لآل كوشنر بأنهم كانوا شهودا على كارثة تختلف عن تلك التي نجمت عن تدافع البشر، فلقد كان القتل الجماعي بحق الفلسطينيين في غزة متعمدا ومع سبق الإصرار.

ويضيف الكاتب أن القناصة الإسرائيليين كانوا ينفذون ما يمليه عليهم وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي صرح لصحيفة ذي جيروزاليم بوست الإسرائيلية يوم 8 أبريل/نيسان الماضي بأنه لا يوجد أناس أبرياء داخل قطاع غزة.

ويشير الكاتب إلى إطلاق الجنود الإسرائيليين الرصاص بشكل عشوائي على الفلسطينيين المتظاهرين في مسيرة العودة في غزة، بيد أن الحشد المرح في القدس المحتلة كان يصفق، وحيث هنأ كوشنر والد زوجته بالتخلص من صفقة النووي مع إيران.

وفي حين أن قيصر روسيا وزوجته كانا أبديا ما يدل على الحزن والأسى، فإن سادة الأرض في هذا الزمن لا يبدون شيئا من هذا القبيل.

ويختتم بأنه بينما جرى تدافع خودنكا في 1896، فإن مذبحة غزة تجري الآن بالضبط و"أمام "أعيننا".

المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية