ما نوفيتشوك الذي استخدم للتخلص من سكريبال؟

Des policiers sur les lieux de l’empoisonnement de Sergueï Skripal et sa fille Youlia, à Salisbury (Royaume-Uni) le 4 mars. ANDREW MATTHEWS / AP
عناصر من الشرطة في موقع تسميم سيرغي سكريبال (أسوشيتد برس)
يعرف غاز نوفيتشوك بأنه مادة كيميائية نادرة للغاية ذات آثار مدمرة وغير قابلة للشفاء تقريبا، طُورت بشكل سري من قبل الاتحاد السوفياتي في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، وصممت بشكل يجعلها عصية على الاكتشاف.

وينتمي نوفيتشوك (ومعناها بالروسية "الوافد الجديد") إلى عائلة من غازات الأعصاب الخطيرة للغاية، وهو أشد فتكا بعشرة أضعاف من السارين، الذي استخدمه رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد معارضيه، ومن "أف أكس" الذي استخدمه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للتخلص من أخيه غير الشقيق العام الماضي في ماليزيا.

يقول البروفيسور غاري ستيفنس خبير الصيدلة في جامعة ريدينغ البريطانية لرويترز "تسبب هذه المادة تباطؤا في معدل ضربات القلب، وانسدادا لمجاري التنفس؛ مما ينتج عنه اختناق يفضي إلى الموت".

سائل عديم اللون
وما يقوم به هذا السم -بشكل أدق- أنه يشل إنزيم الكولينستريز الذي يسمح للجهاز العصبي بالتواصل مع العضلات، وبسبب هذا النقص في "التواصل" تجد الضحية نفسها عاجزة عن التنفس.

وإذا كان العلاج في حالات الطوارئ يمكن أن ينقذ الشخص قبل توقف قلبه، فإن هذه المادة يمكن أن تسبب نقصا في الأكسجين يؤدي إلى ضرر في الدماغ لا يمكن إصلاحه.

وتظهر الأعراض الأولى لهذا الغاز السام بين ثلاثين ثانية ودقيقتين، حسب نوعيته، ويأتي نوفيتشوك، حسب المختصين، على شكل سائل عديم اللون يمكن إضافته للطعام أو رشه على الجلد، كما يأتي على شكل مادة صلبة فيكون مسحوقا متناهي الصغر يستنشق عن طريق الأنف، أو قطعا يمكن لصقها على الجلد.

أما كيف طُور هذا الغاز، فإنه -حسب المراقبين- كان استجابة لتحد إستراتيجي كبير واجه الاتحاد السوفياتي في السبعينيات والثمانينيات، وتمثل في كيفية الجمع بين الامتثال لمطالب المجتمع الدولي بحظر الأسلحة الكيميائية وبين تطوير سلاح كيميائي سري فتاك للغاية ومقاوم لكل أشكال الترياق الموجودة.

ويتكون نوفيتشوك من عنصرين مصرّح باستخدام كل منهما على حدة؛ إذ إن سميتهما لا تظهر إلا عند الجمع بينهما، وهذه في الواقع ميزة مزدوجة؛ إذ تسمح بنقلهما كل على حدة إلى المكان الذي سيستخدمان فيه بعد خلطهما، كما أن هذه المادة غير قابلة للاكتشاف من قبل المحققين الدوليين في حالة التفتيش، ولم يكتشف العالم وجود هذا الغاز إلا أوائل التسعينيات من خلال منشقين من دول الاتحاد السوفياتي السابق فروا إلى الدول الغربية.

لكن، هل روسيا هي التي تقف خلف تسميم العميل المزدوج الروسي البريطاني السابق سيرغي سكريبال؟

وفقاً لخبراء تحدثوا إلى وكالة أسوشيتد برس، فإن إنتاج نوفيتشوك يتطلب خبرة وتدابير أمان لا يمكن العثور عليها عادة إلا في المختبرات الحكومية فقط، ومن ناحية أخرى -وفقاً لأندريا سيلا أستاذ الكيمياء غير العضوية في جامعة لندن– فإن روسيا ليست الدولة الوحيدة القادرة على إنتاج نوفيتشوك، ويمكن لتحليل العينات الموجودة على سيرغي سكريبال وابنته أن يحدد المختبر الذي أنتج الغاز العصبي، وبالنسبة لأليستر هاي، مختصة علم السموم البيئية في جامعة ليدز، فإن "لدى وكالات الاستخبارات والحكومات القدرة على تحديد مختلف العمليات وأساليب التصنيع المستخدمة من قبل كل بلد".

المصدر : لوموند