الشعبوية لها سبع أرواح

Italy's former Prime Minister Silvio Berlusconi gestures as he attends the taping of the television talk show
رئيس وزراء إيطاليا السابق سيلفيو بيرلسكوني أثناء ظهوره ضيفا على برنامج حوار تلفزيوني الشهر الماضي (رويترز)
الحركات الشعبوية في الغرب تمرض ولا تموت، ولا أدل على ذلك من عودة الأحزاب اليمينية إلى السلطة أو إلى دائرة الضوء مرة أخرى كما حدث في عدد من بلدان العالم كإيطاليا وبولندا وبيرو.

ففي إيطاليا على سبيل المثال، أطاح الناخبون في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 برئيس الوزراء الشعبوي سيلفيو بيرلسكوني بأمل في تغيير نحو الأفضل.

لكن بعد أقل من سبع سنوات تبدد ذلك الأمل فكان أن شهدت إيطاليا عودة حزب بيرلسكوني للواجهة ثانية ليتحول الرجل إلى "صانع ملوك" بعد أن كان هو الملك.

وقرع اثنان من خبراء السياسة في الولايات المتحدة جرس إنذار لأعداء الرئيس دونالد ترمب لأخذ حذرهم وعدم الاكتفاء بمحاولة عزله وإخراجه من البيت الأبيض.

يقول جوردان كايل وياسشا مونك في مقالهما المشترك بصحيفة واشنطن بوست، إن الأمر يقتضي من معارضي ترمب أن يولوا اهتماما بظاهرة عودة الحركات الشعبوية بعد أن ظن الناس أنها اندثرت.  

فالشعبوية كما اتضح لها القدرة على البقاء على قيد الحياة. فقد أظهرت عودة بيرلسكوني خطأ الفرضية القائلة إن الحركات التي تتبنى ذلك الفكر تختفي من المسرح السياسي بعد أن يسقط أبرز قادتها في الانتخابات، أو حينما يحاكمهم القضاء كما حدث لبيرلسكوني.

ولعل هذا الحال ينطبق ليس على إيطاليا وحدها بل على خارجها أيضا. فالمعركة التي تدور رحاها في أميركا ضد الرئيس ترمب بسبب لغته السياسية "الرعناء" ضد النخب تشبه إلى حد كبير لهجة بيرلسكوني، حسب رأي كايل ومونك.

وحتى إذا خسر الشعبويون الانتخابات، فإنهم قادرون على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار، بل حتى لو انهارت حركة شعبوية ما، فإن سياسيين آخرين من الشاكلة ذاتها باستطاعتهم البناء على نجاحاتها.

وإذا أراد الأميركيون التصدي لهجمات ترمب على مؤسسات الدولة كوزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) وخطره الأكبر على الحكومة الدستورية التي يمثلها، فإن عليهم أولا وقبل كل شيء إدراك الكيفية التي تعين الشعبية على البقاء على قيد الحياة بل والانتشار في بلدان أخرى.

إن تجارب دول مثل بيرو وإيطاليا وتايلند هي بمثابة إنذار للأميركيين بألا يقللوا من شأن قدرة ترمب على الاستمرار في الحكم. ولإلحاق الهزيمة بنمط إدارة الحكم الذي يمثله سيقتضي أبعد من إسقاطه عبر صناديق الاقتراع.

وفي سبيل تلك الغاية، فإن الأمر يستوجب علاج الداء بتحديد أسباب خيبة أمل الأميركيين المتعاظم إزاء مؤسساتهم الديمقراطية وتأكيد التزامهم مرة أخرى بالمبادئ الأساسية لبلدهم، وليس الاكتفاء بمكافحة أعراض الداء فقط، على حد تعبير مقال واشنطن بوست.

المصدر : واشنطن بوست