هل تستخدم أميركا القوة لمنع الأسد من تدمير الغوطة؟

وجوه السياسات الأميركية في سوريا
مطالب في واشنطن بتدخل أميركي في سوريا لمنع الأسد من ارتكاب مزيد من الفظائع (الجزيرة)

تتعالى أصوات داخل واشنطن تدعو الإدارة الأميركية للتدخل عسكريا لإرغام الرئيس السوري بشار الأسد على الكف عن تدمير الغوطة الشرقية وارتكاب مذابح للمدنيين هناك.

وجاءت هذه النداءات بعد أن بدأ الوضع في الغوطة يخرج عن السيطرة. وتعتبر الغوطة الشرقية هي المنطقة الكبرى الوحيدة التي بقيت في يد المعارضة المسلحة رغم أنها لا تبعد سوى نصف ساعة فقط بالسيارة من القصر الرئاسي في دمشق.

ومنذ 2013 ظلت صواريخ وقذائف وقنابل النظام وغازاته السامة تنهال على ساكنيها دون تمييز، مما أسفر حتى الآن عن 1400 قتيل، بحسب تقديرات أجهزة المخابرات الأميركية.

ولعل أقل ما يمكن أن يوصف به هذا العنف أنه "مفجع"، على حد تعبير الباحث والمحلل في شؤون الجغرافية الإستراتيجية دانييل دي بتريس، الذي كتب مقالا في مجلة ذي ناشونال إنتريست أثار فيه من الأسئلة حول الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري على الغوطة أكثر مما أجاب عنها.

واستند الكاتب في الحجج، التي ساقها لتصوير مأساة الغوطة واقتراحه تدخلا أميركيا، على ما طالب به الأسبوع الماضي فريد هوف منسق الشؤون السورية في عهد الرئيس باراك أوباما بضرورة أن تدرس الإدارة الحالية إمكانية استخدام القوة العسكرية لردع الأسد عن ارتكاب مزيد من الفظائع في بلده.

كيف سيكون رد فعل روسيا وإيران إذا ما هاجمت أميركا عملاءهما بالوكالة؟ وكيف يتأتى للولايات المتحدة التأكد من أن المعارضة المعتدلة وليس الجماعات المتطرفة هي التي ستجني الفائدة من وجود جيش سوري ضعيف؟

وثنّت إيفلين فاركاس -نائبة مساعد وزير الدفاع للشؤون الروسية والأوكرانية وأورو آسيا في إدارة أوباما- على اقتراح هوف، إذ كتبت في مجلة ذي أتلانتيك هذا الأسبوع قائلة "إن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج وهي تشاهد مأساة رواندا تتبدى مجددا بالحركة البطيئة".

ومثلما أوقفت واشنطن الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش عن الاستمرار في حملة التطهير العرقي في البلقان، فإن بمقدورها التأكد من أن اتفاق هدنة بإشراف الأمم المتحدة يجري تطبيقه، كما ينبغي عليها -إذا دعت الضرورة- التلويح باستخدام القوة العسكرية ضد نظام الأسد إذا أخفق في التقيد بوقف إطلاق النار.

وقال الكاتب إن "دعاة استخدام القوة ضد الأسد لوضع حد لعمليات القتل يريدون منا أن نصدق أن هذه سياسة صحيحة وسهلة التطبيق.. ذلك أن إسقاط قنابل زنة خمسة آلاف رطل على المطارات السورية وتدمير الطائرات الرابضة بها (..) سيبين لدمشق بجلاء أن مزيدا من القصف سيحدث إن هي انتهكت قرارات مجلس الأمن الدولي"، مضيفا أن الرئيس السوري سيفهم التلميح، كما أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيعيد النظر في سياسته تجاه سوريا.

وأثار دي بتريس جملة من الأسئلة تحمل في ثناياها إيحاءات بما قد تؤول إليه الأوضاع في سوريا، مثل كيف سيكون رد فعل روسيا وإيران إذا ما هاجمت أميركا عملاءهما بالوكالة ممن عملتا على تسليحهم ودعمهم طيلة السنوات السبع الماضية؟ وكيف يتأتى للولايات المتحدة التأكد من أن المعارضة المعتدلة وليس الجماعات المتطرفة هي التي ستجني الفائدة من وجود جيش سوري ضعيف؟

ويستمر المحلل والباحث الأميركي في تساؤلاته قائلا: هل سيستغل بوتين أي ضربة جوية أميركية ذريعة لتصعيد عملياته هو الآخر؟ وكم من المدنيين سيلقى حتفه جراء عملية أميركية افتراضية أو لا تمنح وفيات المدنيين الدعاية التي ظل يتطلع إليها النظام؟ وماذا لو أن الأسد رفض التسوية واختار أن يقاتل حتى آخر رجل؟ وكم عدد السوريين الذين سيُقتلون في هذه الحالة؟

وخلص الكاتب إلى أنه بعد 16 عاما من ارتكاب الخطأ تلو الخطأ في السياسة الخارجية، فليس بوسع الرئيس الأميركي أن يغض الطرف عن الأسئلة الصعبة ويدع المشاعر الجياشة تملي عليه متى يقود البلاد إلى الحرب.

وختم بالقول إن على أميركا التفكير مليا وبجدية قبل أن تطلق العنان لحملة ما تلبث أن تجعلها تتورط عسكريا في سوريا.

المصدر : الصحافة الأميركية