هل يدعم الناخبون المسلمون بأوروبا أحزاب اليسار؟

COTTBUS, GERMANY - FEBRUARY 03: A participant holds a sign 'I'm fed up' in an event organized by the right-wing group 'Zukunft Heimat' (Homeland Future), gather to protest against the high number of mostly Muslim refugees who have moved to Cottbus over the past two years on February 3, 2018 in Cottbus, Germany. State authorities recently halted sending newly-arrived refugees to Cottbus following heightened tensions in the city. In one incident a Syrian teenager wa
أنصار إحدى الحركات اليمينية يتظاهرون في كوتبوس الألمانية احتجاجا على تدفق مهاجرين مسلمين لمدينتهم (غيتي)

بدأت الأحزاب السياسية في أوروبا تنظر إلى أكثر من مليون مسلم لجؤوا إلى أراضيها في السنوات القليلة الماضية على أنهم أصوات انتخابية يمكن أن تؤثر على المشهد السياسي في القارة العجوز.

وترى مجلة "فورين أفيرز" الأميركية أن تدفق هذا الكم الهائل من اللاجئين لا سيما المسلمين منهم قوّى من عضد الحركة الشعبوية اليمينية مما حدا ببعض الأحزاب المحافظة الرئيسية أن تجنح للتطرف إزاء قضية الهجرة حتى لا تفقد نصيبها من أصوات الناخبين.

ومع أن أزمة اللاجئين أحدثت تحولات نحو اليمين، فإنها سلطت الضوء كذلك على مشكلة إستراتيجية تواجه الأحزاب اليسارية، وهي كيفية التعامل مع موضوع الهجرة وأصوات المهاجرين دون أن تدير ظهرها لقاعدتها من الطبقة العاملة.

ويواجه اليسار معضلة تتمثل في أن الأحزاب التي تنتمي إليه ظلت طوال العقود الماضية تستمد التأييد من ناخبي الطبقة الوسطى المتحررين من عقدة الأجانب الذين يؤمنون بالتنوع، لكن شريحة عريضة من الطبقة العاملة التقليدية تنفر من الهجرة والمهاجرين لا سيما القادمين من الدول ذات الأغلبية المسلمة.

غير أن المشكلة الرئيسية لليسار الأوروبي تكمن في أن مجاميع كبيرة من المهاجرين الذين تزداد أعدادهم بوتيرة سريعة ينحدرون من بلدان إسلامية، وغالباً ما يصطحبون معهم عاداتهم وتقاليدهم المحافظة.

وتنبع المشكلة من أن الأحزاب اليسارية أعادت صياغة نفسها كمدافعة عن العلمانية والعالمية والمساواة بين الجنسين لكي يتسنى لها استقطاب مزيد من المنتسبين للطبقة الوسطى المتحررة إليها.

وكانت النتيجة أن تورطت تلك الأحزاب في صراع للقيم، وتجلى ذلك في الغالب الأعم بالمدن حيث أعادت الجاليات المسلمة استنساخ طبيعة العلاقات في القرى والقيم الأبوية والشعائر الدينية لبلدانها الأصلية.

غير أن جمهور الناخبين الأوروبيين ليس جميعهم على قلب رجل واحد. فهناك بعض الناخبين المتحررين اجتماعيا والعلمانيين الذين يشعرون بأن جذورهم الثقافية ذات خلفية دينية، وآخرون لا ينتابهم إحساس بأي صلة لهم مع دينهم على الإطلاق. ومن هذا المنطلق، فإن الأحزاب تجد نفسها إزاء شرائح وإستراتيجيات عريضة لتختار من بين هؤلاء مرشحين وناخبين مسلمين.

وقد توصلت المجلة الأميركية إلى استنتاجاتها تلك بعد تحليلها آلاف الحملات الانتخابية بقرابة ثلاثمئة مدينة في ألمانيا والنمسا وبلجيكا والمملكة المتحدة، وخلصت إلى أن الأحزاب هناك تنتهج خططا متباينة استنادا إلى حجم أصوات الناخبين المسلمين وأهميتها الإستراتيجية.

المصدر : فورين أفيرز