صراع برأس السلطة.. ماذا جرى للجيش المصري؟

Egyptians put a huge poster on a new building for Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi which reads "Sisi is lion of this stage, we nominated for a second term" for the upcoming presidential election in Cairo, Egypt, January 29, 2018. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
ملصق كبير بأحد البنايات الجديدة بالقاهرة كتب عليه "السيسي أسد المرحلة، رشحناك لولاية ثانية" (رويترز)

أكد الباحث السياسي الفرنسي جان-بيار فيليو، في مدونته بموقع صحيفة لوموند، أنّ قادة الجيش المصري بدؤوا عرض خلافاتهم بشكل علني غيرِ مسبوق، وهو ما يُشير إلى هشاشة سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحدّة الصراعات من أجل السلطة.

وكشف فيليو عن توترات غير مسبوقة ضد السيسي، قبيل انتخابات الرئاسة المقررة الشهر المقبل، مشيرا إلى أنّ المسؤولين في الجيش المصري ليسوا كتلة واحدة خلف الرئيس المرشح الأبرز للانتخابات المقبلة.

وفي مدونته التي نشرت أمس الأحد، قال المؤرخ والأستاذ الجامعي إن الانتخابات المقبلة، التي كان من المفترض أن تكرّس سلطة السيسي مع إعادة انتخابه المتوقع في مارس/آذار المقبل، بصدد التحوّل إلى أزمة مفتوحة، لأنّ سباق الرئاسيات أيقظ طموح البعض وأثار معارك مع آخرين، حتى على رأس المؤسسة العسكرية.

‪قبيل الانتخابات الرئاسية تعيش مصر على وقع توترات غير مسبوقة‬ (رويترز)
‪قبيل الانتخابات الرئاسية تعيش مصر على وقع توترات غير مسبوقة‬ (رويترز)

دكتاتورية رئاسية
الكاتب الذي عرض تفاصيل تاريخية عن وصول السيسي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري، وما أعقبه من حملة قمع غير مسبوقة واستخدام منظم للتعذيب والاختفاء القسري، اعتبر أن ما أسماه الاستفتاء المقرر الشهر المقبل سيكون إدراجا لديكتاتورية السيسي في الزمن الرئاسي.

وبيّن أن انتخابات الرئاسة المصرية التي كان من المفترض أن تكون مجرد صيغة توافقية، كشفت للنظام المصري عن سباق محفوف بالأخطار.

وبحسب فيليو، فإن "الفصل الأكثر إرباكا في هذا المسلسل هو اعتقال الفريق سامي عنان، لافتا إلا أن جريمة الأخير تتمثل في التجرؤ على الترشح لسباق الرئاسة؛ مما أوقعه في دائرة الاتهام بزرع الانقسام بين الجيش والشعب.

ويوضح الكاتب أن عنان اعتقل على الرغم من أنه دفع عقب سقوط نظام حسني مبارك في فبراير/شباط 2011 لدخول السيسي إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وبحسب الكاتب الفرنسي، فإن السيسي كان أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومسؤولا عن الاستخبارات العسكرية، ليجد نفسه وزيرا للدفاع في أغسطس/آب 2012، بعد أن عينه مرسي مع منح عنان تقاعدا ذهبيا.

ولفت الكاتب إلى أن اعتقال عنان جاء بعد اعتقال العقيد أحمد قنصوة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إثر إعلانه اعتزام ترشحه لانتخابات الرئاسة.

‪الانتخابات تمثل رهانا بالنسبة للسيسي‬ (رويترز-أرشيف)
‪الانتخابات تمثل رهانا بالنسبة للسيسي‬ (رويترز-أرشيف)

سباق ورهان
ولم يغفل الباحث السياسي الفرنسي عن إدراج ما حدث لرئيس الوزراء السابق في عهد الرئيس المخلوع مبارك الفريق أحمد شفيق الذي اضطر للانسحاب من السباق الرئاسي.

كل هذه العوامل جعلت الكاتب يستنتج أن السيسي بدا "أقل أريحية" تجاه الشخصيات العسكرية الرفيعة، مقارنة بما كانت عليه "جماعة الإخوان المسلمين" في عهد مرسي.

وفي سياق قراءته للوضع السياسي الحالي في مصر، اعتبر فيليو أن الانتخابات الرئاسية ورغم طابعها الشكلي، أصبحت رهانا مهما للسيسي ليتعامل بصرامة تجاه الذين يكبرونه سنا بالمؤسسة العسكرية مثل عنان وشفيق.

الباحث الفرنسي الذي ذكّر القارئ بتطورات المشهد الانتخابي الرئاسي في مصر، ألقى الضوء على تطورات بدت أهم من ذلك الطرد العنيف لعدد من المواقع الأكثر إستراتيجية في القوات المسلحة.

عنان وجد نفسه معتقلا بسبب إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة (رويترز-أرشيف)
عنان وجد نفسه معتقلا بسبب إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة (رويترز-أرشيف)

عصر الاضطرابات
ومن هذه الإقالات المفاجئة، عزل السيسي رئيس قيادة الأركان محمود حجازي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رغم العلاقات الوثيقة مهنيا وعائليا بينهما، فضلا عن إقالة اللواء خالد فوزي مدير المخابرات الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بالسيسي.

وبحسب فيليو، فإن جهاز الاستخبارات العامة -الذي يمثل العمود الفقري للنظام المصري- بلا رأس حتى الآن، ولم يعيّن السيسي سوى مدير مكتبه عباس كامل، وهو فراغ يعزز تأثير محمود السيسي، الابن الثاني للرئيس المصري، الذي تتعدّى سلطته رتبته العسكرية كضابط.

ويخلص الكاتب إلى أن مسلسل الانتخابات الرئاسية يمكن أن يؤدي إلى خلافات حادة، قائلا: من المؤكد أن مصر، وخلف واجهة "الاستقرار" القمعية، دخلت -من جديد- في عصر الاضطرابات.

المصدر : لوموند