هل بدأت أميركا تشديد لهجتها تجاه السعودية والإمارات بشأن حرب اليمن؟

A man carries Buthaina Muhammad Mansour, believed to be four or five, rescued from the site of a Saudi-led air strike that killed eight of her family members in Sanaa, Yemen August 25, 2017. REUTERS/Khaled Abdullah/File Photo SEARCH
الأطفال والمدنيون يشكلون غالبية ضحايا الحرب التي تقودها السعودية على اليمن منذ سنوات (رويترز)

نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية مقالا للكاتبة أرمين عريفي تساءلت فيه: هل بدأت الولايات المتحدة بتشديد لهجتها تجاه السعودية والإمارات بشأن حرب اليمن؟

وتضيف الكاتبة أن الولايات المتحدة دعت السعودية والإمارات لوقف القصف على اليمن، بينما لا تزال فرنسا تكتفي بالمطالبة بوقف الأعمال العدائية، مشيرة إلى فحوى الرسالة التي وجهها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء إلى السعودية وإلى جماعة الحوثي في اليمن بهذا السياق.

وتشير الكاتبة أيضا إلى التحالف الذي تقوده السعودية في حرب على اليمن منذ مارس/آذار 2015، الذي يهدف إلى إعادة فرض سلطة الرئيس عبد ربه منصور وطرد جماعة الحوثي المدعومة من إيران من العاصمة صنعاء التي سبق أن دخلوها في سبتمبر/أيلول 2014.

تصاعد الدعوات الدولية إلى وقف الحرب في اليمن (الجزيرة)
تصاعد الدعوات الدولية إلى وقف الحرب في اليمن (الجزيرة)

أزمة إنسانية
وتضيف الكاتبة أن هذه الحرب التي تعصف باليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات باتت تمثل مأزقا حقيقيا، وبأنها تسببت في نشوب أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة، وذلك حيث أسفرت عن أعداد هائلة من الضحايا المدنيين.

ويتمثل السبب الأساسي لهذه الخسائر البشرية في القصف الجوي الذي تشنه السعودية والإمارات المتهمتان بالضلوع في العديد من المجازر.

وتشير إلى أن قصفا جويا استهدف مصنعا لتعليب الخضار في محافظة الحديدة أواخر الشهر الماضي أدى إلى مقتل أكثر من 20 مدنيا، حسب مصادر أممية.

كما يتهم محققون أمميون جماعة الحوثي أيضا بارتكاب جرائم حرب، كما استهدف الحوثيون في عدة مناسبات الأراضي السعودية باستخدام صواريخ يعتقد أنهم حصلوا عليها من إيران.

وتؤكد الكاتبة على أهمية التصريحات الأخيرة للولايات المتحدة إزاء الحرب على اليمن، خاصة أن واشنطن طالما تمسكت بالدفاع عن التحالف الذي تقوده السعودية، لكن وزير الخارجية بومبيو صعّد من لهجته يوم الثلاثاء، حيث دعا في بيان إلى "وضع حد لإطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار التي تأتي من مناطق سيطرة الحوثيين نحو الأراضي السعودية والإمارات، وشدد في الوقت نفسه على ضرورة وقف الضربات الجوية للتحالف في كل المناطق المأهولة باليمن".

وتشير إلى أن السفير الفرنسي السابق لدى اليمن جيل غوتييه يعد تصريحات الوزير الأميركي هامة، و"من شأنها أن تغير مجريات الأحداث ضمن هذا الملف، لأنها المرة الأولى التي تتخذ فيها الولايات المتحدة مثل هذا الموقف، حيث كانت تدعم سياسة تدخل السعودية بشكل مطلق، وذلك باسم التصدي للنفوذ الإيراني والدفاع عن شرعية الحكومة الموجودة في الخارج، التي فقدت سيطرتها على الأوضاع على الأرض".

وتضيف الكاتبة أن الولايات المتحدة تعد من أبرز مصدري الأسلحة إلى السعودية، وأن الرياض تعتمد كثيرا على الدعم العسكري الأميركي بأشكاله المختلفة في حربها على اليمن.

الملك سلمان يعزي ابن خاشقجي في قصره الملكي (مواقع التواصل الاجتماعي)
الملك سلمان يعزي ابن خاشقجي في قصره الملكي (مواقع التواصل الاجتماعي)

مقتل خاشقجي
وتضيف الكاتبة أن جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول كان لها دور في تغير الموقف الأميركي، حيث سبق لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن أعرب عن أن اغتيال الصحفي السعودي في إسطنبول يثير الكثير من المخاوف لدى الولايات المتحدة.

فقد أدت هذه الحادثة لإضعاف الاستقرار في الشرق الأوسط، وتركت أثرها على ثقة واحترام الولايات المتحدة لحليفها السعودي. كما تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا متزايدة من الكونغرس، وذلك من أجل فرض عقوبات على السعودية، وسط تضييق الخناق على البلاد.

وتشير الكاتبة إلى أن الموقف الفرنسي أيضا شهد تطورات مماثلة، حيث صرحت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي بأن الوقت قد حان من أجل وقف هذه الحرب، وأن تحسين الوضع الإنساني وإيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن يعتبران على رأس أوليات فرنسا بهذا السياق.

وتعود الكاتبة إلى تصريح السفير غوتيه، المتضمن قوله إن "الوقت قد حان لاتخاذ موقف أقوى، والاستفادة من العلاقات مع السعودية للضغط عليها لوضع حد لهذا الصراع"، مؤكدا أنه يعد "من الضروري أن تنشط الدبلوماسية الفرنسية وتساهم في وقف الأعمال القتالية، لأن السعوديين لن يتمكنوا أبدا من كسب هذه الحرب".

وتشير الكاتبة إلى أن السعودية شكّلت ثاني أكبر مشتر للصناعات العسكرية الفرنسية في 2017، حيث دفعت لباريس 1.382 مليار يورو أو نحو (1.573 مليار دولار أميركي)، وإلى أنها تستخدم هذه الأسلحة في حربها على اليمن، مما يمثل انتهاكا لمعاهدة تجارة الأسلحة، وخرقا للموقف الموحد للاتحاد الأوروبي إزاء هذا النوع من الصفقات.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الفرنسية