ستراتفور: لماذا لم تحرق تركيا الجسور مع السعودية بعد مقتل خاشقجي؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبينهما جمال خاشقجي
تصميم يجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والصحفي جمال خاشقجي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان (الجزيرة)
يتساءل موقع ستراتفور الأميركي: لماذا لا تقوم تركيا بحرق الجسور مع السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول؟
 
ويرى الموقع في تقييم تحليلي أن تداعيات جريمة مقتل خاشقجي تؤكد على وجود معركة أكبر بين تركيا والسعودية، وذلك في ظل محاولة كل منهما بسط النفوذ والتأثير في العالم الإسلامي السني، وأن هذا التنافس سيستمر ويمتد إلى المجالات الدينية والسياسية والاقتصادية.

ويشير إلى أن أنقرة قد تحاول استخدام ردها المبسط لإقناع الرياض بوقف تعاونها مع الأكراد العراقيين والسوريين، أو ربما للحد من الضغط السعودي على دولة قطر التي تعتبر الحليف الإقليمي الرئيسي لتركيا.

ويضيف الموقع أن من شأن الروابط الدفاعية والاقتصادية التي تنمو ببطء بين البلدين التخفيف من فرص حدوث قطيعة كاملة بين أنقرة والرياض.

الملك سلمان يعزي ابن خاشقجي في قصره الملكي (مواقع التواصل الاجتماعي)
الملك سلمان يعزي ابن خاشقجي في قصره الملكي (مواقع التواصل الاجتماعي)

خطاب وتسريبات
ويضيف ستراتفور أن خطاب السلطات التركية وتسريبها المتواصل للمعلومات المتعلقة بجريمة مقتل خاشقجي من شأنهما تعزيز الرأي القائل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول أن يضغط على السعودية بشكل صارم، خاصة أن الرؤية السعودية تتعارض مع السياسات الإقليمية لتركيا.

غير أن الموقع يستدرك بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يخاطر بتدمير العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل احتمال خروج بن سلمان من هذه الفضيحة.

ويرى موقع ستراتفور أنه إذا ما زاد الضغط الدولي على ولي العهد السعودي فإن الرئيس أردوغان يعتبر في وضع جيد للانضمام إلى الحملة.

ويضيف الموقع أن تركيا تسعى في الوقت الراهن إلى تغيير التوازنات داخل العائلة المالكة السعودية، وذلك من خلال التأكيد على أن الملك سلمان بن عبد العزيز شريك موثوق به، غير أنها في الوقت نفسه تسأل بصراحة عمن حرض على القتل، وذلك دون ذكر بن سلمان بالاسم.

‪ولي العهد السعودي محمد بن سلمان‬  (رويترز)
‪ولي العهد السعودي محمد بن سلمان‬ (رويترز)

تنافر قيادتين
ويشير الموقع إلى كون التنافر بين ولي العهد السعودي والرئيس التركي يعتبر متبادلا، حيث سبق لمحمد بن سلمان أن وصف تركيا وإيران و"الإسلام السياسي" بـ"محور الشر".

ويشير الموقع إلى أصل الصراع الأساسي بين تركيا والسعودية، وإلى تباين رؤيتيهما من الناحية السياسية إزاء تزعم العالم السني، ويقول إن السعودية -بوصفها بلاد الحرمين- تنظر إلى التحدي التركي على أنه يشكل هجوما على شرعية حكم عائلة آل سعود، في حين تشكل جريمة مقتل خاشقجي فرصة لتركيا -التي كان سلاطينها في يوم من الأيام يحكمون المنطقة ذاتها- لتأمين القوة الناعمة في العالم الإسلامي لعقود مقبلة.

ويضيف الموقع أن السعودية تظهر نفورا من حركات إسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي تحمل وجهات نظر مماثلة لتركيا، والتي حصلت على حماية سياسية من أنقرة، وذلك في أعقاب استيلاء الجنرال عبد الفتاح السيسي على السلطة في مصر بعد انقلابه على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي.

ويستدرك الموقع بأن كلا البلدين تركيا والسعودية يرى في نفسه القوة السنية البارزة في العالم الإسلامي، وعليه فإنهما يبدوان متقاربين في العديد من قضايا السياسة الخارجية، مثل محاولة احتواء السعي الإيراني للهيمنة على المنطقة، ومحاولة مكافحة الإرهاب، حيث إن أنقرة والرياض ملتزمتان إلى جانب الولايات المتحدة بمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية.

تنافس وانقسام
كما تحدث الموقع عن بعض القضايا الأخرى التي يلتقي أو يختلف بشأنها البلدان، خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية.

ويضيف أن التنافس بين البلدين أسهم في تقسيم الدول السنية الإقليمية بين معسكري أنقرة والرياض، موضحا أنه لكون النموذج السياسي التركي مرفوضا من دول مثل مصر والإمارات فإن هاتين الدولتين أيدتا الجهود السعودية الإقليمية، غير أن دولا أخرى مثل قطر أصبحت أقرب إلى تركيا بعد الحصار الذي تقوده الرياض ضد الدوحة، ويحاول عدد قليل من البلدان مثل الأردن ولبنان الاستفادة من المعسكرين.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية