ميدل إيست آي: مئات الروهينغيا محتجزون في السعودية بظروف سيئة

BALUKHALI, BANGLADESH - AUGUST 27: Women and children are seen waiting to be treated in the Médecins Sans Frontières/Doctors Without Borders (MSF) clinic on August 27, 2018 in Balukhali camp, Cox's Bazar, Bangladesh. UN investigators said on Monday that Myanmars army had carried out genocide against the Rohingya in Rakhine state and that its top military figures must be investigated for crimes against minorities across the country. The UN report accused Myanmars military for murders, imprisonments, enforced disappearances, torture, rapes and other forms of sexual violence in Rakhine state, all of which constitute crimes against humanity, as a wave of violence forced more than 720,000 Rohingya to flee into the Coxs Bazar district of Bangladesh one year ago. (Photo by Paula Bronstein/Getty Images)
نساء وأطفال من الروهينغيا ينتظرون تلقي العلاج بأحد المخيمات بكوس بازار في بنغلاديش أغسطس/ آب الماضي (غيتي)

كشف تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن السعودية تحتجز مئات من مسلمي الروهينغيا دون توجيه تهم ضدهم ولآجال غير محددة، في ظروف بالغة السوء بمركز احتجاز الشميسي بجدة.

 وأورد تقرير استقصائي في الموقع أن الروهينغيا المحتجزين الذين قدموا للمملكة كعمال غير نظاميين عام 2011 بعد مغادرتهم ميانمار، بينهم نساء وأطفال من جميع الأعمار.

وفي إطار التقرير الاستقصائي الذي استغرق إعداده أربعة أشهر، تحدث معدّ التقرير إلى معتقلين سابقين وحاليين من مسلمي الروهينغيا في كل من السعودية ومخيمات اللاجئين في بنغلاديش، حيث أكدوا أن المئات منهم تم اعتقالهم في السعودية.

آجال غير محددة
وأفاد محتجزون سابقون فروا إلى بنغلاديش أن عددا كبيرا منهم ظل محتجزا في مركز الشميسي بجدة لفترة تتراوح بين سنة وست سنوات، حيث لم يكونوا قادرين على المغادرة.

وباستخدام هاتف مهرّب، قام أبو عبيد -المحتجز حاليا في المركز والذي لم يقدم اسمه الحقيقي لحماية نفسه- بشرح الأوضاع داخل الشميسي، قائلا إن كل ما يرغب فيه جميع المحتجزين هو مغادرة المكان، إذ قالوا "نحن نشعر بالإحباط والخوف لوجودنا هنا".

وأضاف أبو عبيد أن كثيرين تم احتجازهم لدخولهم البلاد بجوازات سفر مزورة، متسائلا: "ما الذي يتوقعون منا فعله؟ إن حكومة ميانمار ترفض مدنا بأي نوع من الوثائق فضلا عن جواز السفر. نحن نشعر بالخوف من أن نظل هنا لفترة طويلة، وألا نكون قادرين على المغادرة والعيش بحرية".

‪عشرات الروهينغيا يعيشون في ازدحام شديد بمركز الاحتجاز السعودي الذي يُدعى الشميسي بجدة‬ عشرات الروهينغيا يعيشون في ازدحام شديد بمركز الاحتجاز السعودي الذي يُدعى الشميسي بجدة (صورة من موقع ميدل إيست آي)
‪عشرات الروهينغيا يعيشون في ازدحام شديد بمركز الاحتجاز السعودي الذي يُدعى الشميسي بجدة‬ عشرات الروهينغيا يعيشون في ازدحام شديد بمركز الاحتجاز السعودي الذي يُدعى الشميسي بجدة (صورة من موقع ميدل إيست آي)

الأكثر اضطهادا بالعالم
وتوصف أقلية الروهينغيا التي تعاني اضطهادا منهجيا يمارسه جيش الميانمار منذ عدة عقود، بأنها من أكثر الأقليات المضطهدة في العالم، حيث اضطر عدد كبير من أفرادها للفرار من ميانمار عام 2016 عقب تصاعد أعمال العنف ضدهم.

وأشار التقرير إلى فرار أكثر من سبعمئة ألف لاجئ من منازلهم عام 2016، وأنهم أصبحوا يعيشون الآن أوضاعا إنسانية مزرية داخل مخيمات في بنغلاديش.

والمحتجزون بالشميسي قدموا للسعودية باستخدام جوازات سفر مزورة حصلوا عليها من بنغلاديش والهند وباكستان ونيبال، في محاولة للفرار من الاضطهاد في ميانمار والبحث عن عمل بالمملكة.

مسجلون بجوازات مزوّرة
وتقوم سلطات الهجرة السعودية بحفظ بصمات جميع الأشخاص الذين يحملون جوازات سفر أجنبية، في إطار نظام بدأ تفعيله منذ 2010 لمنع الأجانب من تجاوز فترة إقاماتهم في البلاد، وهو ما يعني أن لاجئي الروهينغيا مسجلون الآن بجوازات سفرهم المزورة.

المحتجزون بالشميسي قدموا إلى السعودية باستخدام جوازات سفر مزورة حصلوا عليها من بنغلاديش والهند وباكستان ونيبال، في محاولة للفرار من الاضطهاد في ميانمار والبحث عن عمل بالمملكة

ويشير الموقع إلى أنه في السابق، عندما كان يتم اعتقال أحد مسلمي الروهينغيا في مركز الشميسي، كانت السلطات تلجأ إلى مجموعة من الروهينغيا المقيمين في المملكة السعودية لمساعدتها في التحقق مما إذا كان الأفراد المحتجزون هم فعلا من الروهينغيا، أما الآن، فتقوم باعتقال أفراد من الروهينغيا على افتراض أنهم ينتمون إلى البلدان التي حصلوا منها على جوازات سفرهم المزورة.

وفيات واضطرابات عقلية
ويضم مركز الشميسي -في العادة- قرابة ثلاثين ألف عامل من مختلف دول العالم محتجزين لعدم امتلاكهم وثائق رسمية. وغالبا ما يتم ترحيل العديد منهم بعد بضعة أيام من احتجازهم، لكن السعوديين اختاروا إبقاء مسلمي الروهينغيا في المركز إلى أجل غير مسمى عوضا عن إرسالهم إلى ميانمار، حيث من المتوقع أن يتعرضوا للاضطهاد من جديد.

وأظهر عدد من الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها بعض المحتجزين السابقين في مركز الشميسي أنهم يعيشون في ظروف سيئة، إذ أصيب بعضهم باضطرابات عقلية نتيجة احتجازهم لفترات طويلة، كما توفي عدد آخر منهم.

وفي هذا السياق صرح أحد نشطاء الروهينغيا -ويُدعى ناي سان لوين- بأن المحتجزين أبلغوه بأن هناك عدة غرف داخل المركز كانت تضم مسلمي الروهينغيا فقط، وفي كل غرفة 64 فردا.

لا ترد على التساؤلات
وأفاد لوين أن السعودية تجاهلت مطالبه المتكررة بعقد اجتماعات لمناقشة محنة هذه الأقلية، ولم ترد السفارتان السعوديتان في كل من بريطانيا وأميركا على طلبات الإدلاء بتعليق، في حين قالت وزارة الخارجية البنغالية إنها ستعلق بعد نشر هذه القصة.

وقال المحتجزون في المركز حاليا إن العديد من الأشخاص حاولوا الانتحار للتخلص مما في ذلك المكان، كما أن عددا من الأطفال باتوا يعانون من نوبات هلع وأصبحوا يتحدثون إلى أنفسهم.

ونظمت عائلات المحتجزين الموجودة في مخيمات الروهينغيا في بنغلاديش احتجاجات مطالبة بإطلاق سراح ذويهم وأصدقائهم.

ولم تكن السعودية من البلدان الموقعة على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، التي تعترف بـ"حق اللاجئين في العمل" وتمنح اللاجئين جوازات سفر.

تغيّر السياسة
وكان السفير السعودي في تركيا وليد الخريجي قد قال العام الماضي إن بلاده وقفت إلى جانب شعب الروهينغيا على مدى السنوات السبعين الماضية.

وعلق معد التقرير الاستقصائي في موقع ميد ل إيست آي بأن هذا التصريح يتناقض مع الاحتجاز الجماعي الحالي للروهينغيا، وأن السياسات السابقة للمملكة السعودية تجاه الأقلية المضطهدة قد تغيّرت تماما.

وأبلغت جماعات حقوق الإنسان موقع "ميدل إيست آي" أن السعودية تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال احتجاز لاجئي الروهينغيا لفترة زمنية غير محددة.

وقالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش هبة زيادين إنه لا يمكن للسعودية احتجاز مسلمي الروهينغيا بمبرر أنهم سيتعرضون للاضطهاد بعد عودتهم إلى بلدهم، كما لا يمكنها الادعاء بأنها لا تزال تدعمهم.

المصدر : ميدل إيست آي