سوزان رايس: بن سلمان شريك لا يمكن لواشنطن الاعتماد عليه

midan - ترمب ومحمد بن سلمان
رايس تقول إنه يجب إعادة تقييم سياسة أميركا بما يخدم مصالحها الوطنية وليس مصالح ولي العهد السعودي (غيتي)

في مقال بعنوان "شريك لا يمكننا الاعتماد عليه" كتبت مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أن الأزمة في العلاقات الأميركية السعودية التي عجل بها القتل الوقح لجمال خاشقجي تطرح سؤالا حرجا تحاول إدارة ترامب تجنبه بوضوح، ألا وهو: هل تستطيع الولايات المتحدة مواصلة تعاونها مع محمد بن سلمان؟ وأضافت أن إدانة الأمير الشاب شبه المؤكدة في مقتل خاشقجي تؤكد على "تهوره وفجوره الشديدين"، بينما تكشفه كشريك خطير وغير موثوق به لدى الولايات المتحدة.

وقالت سوزان رايس في مقالها بصحيفة نيويورك تايمز إن أي مراقب حصيف لا ينبغي أن يفاجأ باكتشاف أن الأمير محمد قادر على القيام بهذا العمل. وأضافت "نعم قد نشعر بالصدمة من مدى شناعة قتل خاشقجي ومن مدى وقاحة الأكاذيب الكثيرة التي قالها السعوديون.. وبالطبع فإن العديد من الأميركيين، من وادي السليكون إلى افتتاحيات الصحف الأميركية الكبرى، أثلجت صدورهم وعود ولي العهد بالإصلاح والتسويق الماهر لقيادته..ولكن بالنسبة للراغبين في رؤية ما وراء هجومه الساحر فقد كشف الأمير محمد بن سلمان بالفعل عن شخصيته الحقيقية من خلال العديد من التصرفات المتهورة والوحشية".

وأوضحت أن أبرز دليل دموي على ذلك هو الحرب في اليمن، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وقتلت عددا لا يحصى من المدنيين، بما في ذلك الأطفال، لأن السعوديين يرفضون بغطرسة استخدام أساليب استهداف مسؤولة.

سلسلة من الجنون
أما داخليا، تقول رايس، فقد سجن ولي العهد نشطاء المجتمع المدني وسجن لعدة أشهر المئات من أفراد العائلة المالكة وغيرهم من الأشخاص المتنفذين في مقابل دفع مبالغ ضخمة لإطلاق سراحهم، كما طرد منافسيه وذويه المقربين بما في ذلك ولي العهد السابق محمد بن نايف. وكما تلمح قضية خاشقجي فقد تولى كبر عملية تطهير عالمية للمعارضين السعوديين أينما كانت إقامتهم.

كما تظهر سلسلة من الجنون أن الأمير محمد لم يعد من الممكن اعتباره شريكا موثوقا أو عاقلا للولايات المتحدة وحلفائها

وتستمر الكاتبة "لم يكتف الأمير محمد بذلك، فقد اختطف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ونفى ذلك، وفرض حصارا حقودا وكاملا على دولة قطر المجاورة، وهي شريك أميركي مهم آخر، وسعى إلى دفع الولايات المتحدة إلى الصراع مع إيران". وبعد انزعاجه من تغريدتين انتقاديتين معتدلتين لوزيرة الخارجية الكندية خفض فجأة العلاقات الدبلوماسية مع أوتاوا وأخرج 7000 طالب سعودي من الجامعات الكندية وقيد روابط النقل والتجارة.

وتقول الكاتبة "وكما تظهر هذه السلسلة من الجنون فإن الأمير محمد لم يعد من الممكن اعتباره شريكا موثوقا أو عاقلا للولايات المتحدة وحلفائها. وإذا فشلنا في معاقبته مباشرة واستهدفنا من حوله فقط فإن ولي العهد سيتجرأ أكثر على اتخاذ إجراءات متطرفة. وإذا كنا عازمين على معاقبته، وهو ما يجب أن يكون، فمن المرجح أن يتصرف الأمير محمد، العدواني والمتكبر، بشكل أكثر تهورا لإثبات استقلاليته وانتقامه الصارم ضد شركائه الغربيين السابقين. وفي كلتا الحالتين يجب على إدارة ترامب افتراض أن الأمير محمد سيستمر في توجيه بلاده وعلاقتنا الثنائية نحو الهاوية".

‪مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس (يمين) أثناء إدارة اوباما (رويترز)‬ مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس (يمين) أثناء إدارة اوباما (رويترز)
‪مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس (يمين) أثناء إدارة اوباما (رويترز)‬ مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس (يمين) أثناء إدارة اوباما (رويترز)

وللأسف، تضيف رايس قائلة، يبدو أن الملك سلمان غير راغب أو غير قادر على كبح جماح ابنه المارق، ومع خنوع المنتقدين وإزاحة المنافسين جانبا لا يوجد بديل واضح في الأفق يمكن أن يقدم للمملكة قيادة تتسم بالرصانة والمسؤولية. ومع غياب أي تغيير في القمة علينا أن نعد أنفسنا لمستقبل تكون فيه السعودية أقل استقرارا وأكثر صعوبة في الحكم. ومع هذا السيناريو ستكون المخاطر المحتملة كبيرة على الأمن الأميركي والمصالح الاقتصادية.

تهميش ولي العهد
وقالت رايس إن الولايات المتحدة أخطأت بتوريط نفسها مع بن سلمان وستكون أكثر حماقة في مواصلة القيام بذلك. واقترحت أن تعمل واشنطن مستقبلا على تخفيف المخاطر التي تهدد المصالح الأميركية. وأضافت أنه لا ينبغي لواشنطن أن تمزق علاقتها المهمة مع المملكة، ولكن يجب أن نوضح أنه لا يمكن أن تكون الأمور كالمعتاد طالما أن الأمير محمد لا يزال يمارس سلطة غير محدودة، وينبغي أن تكون سياسة الولايات المتحدة، بالاشتراك مع حلفائها، هي تهميش ولي العهد من أجل زيادة الضغط على العائلة المالكة لإيجاد بديل أكثر رصانة.

وتقترح رايس أن تبدأ واشنطن بقيادة الضغط من أجل تحقيق دولي محايد في مقتل خاشقجي و"يجب أن نكون متسقين وعلنيين في حكمنا بأن الولايات المتحدة تعتقد أن القتل لم يكن ليحدث بدون مباركة الأمير محمد أو، على الأرجح، بأمره". وثانيا ينبغي علينا إنهاء جميع الدعم العسكري لحملة اليمن المضللة والضغط على السعوديين للتوصل إلى تسوية تفاوضية، وينبغي علينا فورا تعليق جميع مبيعات الأسلحة الأميركية للمملكة وأن تجرى مراجعة دقيقة وشاملة لأي شحنات مستقبلية، وأن نوقف كل ما عدا تلك التي نحددها، بالتشاور الوثيق مع الكونغرس، لتعزيز مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة. وأخيرا يجب أن نتوقف عن اتباع الأمير محمد في الطرق المسدودة والاحتفاظ بشكوك صحيحة في تعاملاتنا معه، خاصة تلك التي تتطلب الاعتماد على كلمته أو حكمه.

وختمت رايس مقالها بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى التوقف عن تفضيل علاقة جاريد كوشنر بولي العهد السعودي وأن تملأ فراغ منصب السفير الخالي في المملكة للتواصل مع مجموعة أوسع من كبار المسؤولين السعوديين، كما يجب أن ينتهي هذا الافتتان الذي لا يمكن تفسيره للرئيس ترامب بالأمير محمد ويجب عليه إعادة تقييم السياسة الأميركية بما يخدم مصالحها الوطنية وليس مصالحه الشخصية أو مصالح ولي العهد السعودي.

المصدر : نيويورك تايمز