وول ستريت جورنال: مصير مجهول لولي العهد السعودي

Crown Prince of Saudi Arabia Mohammad bin Salman arrives to meet Britain's Prime Minister Theresa May in Downing Street in London, March 7, 2018. REUTERS/Simon Dawson
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (رويترز)

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية مقالا تحليليا للكاتبة كارين إيليوت هاوس تتناول فيه ما تسميه المصير المجهول لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد مقتل جمال خاشقجي، وتقول إنه إذا ما فقد السلطة فإن ذلك سيكون عن طريق تنحيته بهدوء من جانب والده الملك سلمان بن عبد العزيز أو عن طريق انقلاب عنيف.

وتقارن الكاتبة -التي تغطي الشأن السعودي لدى الصحيفة من 32 عاما- بين الانقلاب العنيف الذي قد يتعرض له بن سلمان بما سبق أن حدث للإمبراطور الروماني كاليغيولا، وهو من أشهر الطغاة بالتاريخ والمعروف بوحشيته وجنونه وساديته وقد تولي حكم روما من 37 إلى 41 ميلادية.

وتشير إلى أنه في الوقت الذي تتصارع فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إذا ما كانت ستقبل التفسير السعودي المتأخر والمرتبك إزاء مقتل خاشقجي، فإن زميلا سعوديا أخبرها بالقول إنه "بغض النظر عن الأخلاق، فإن السؤال الحاسم إنما يتعلق بالصحة العقلية وبنهج كاليغيولا خاصتنا".

تصميم يجمع محمد بن سلمان وجمال خاشقجي (الجزيرة)
تصميم يجمع محمد بن سلمان وجمال خاشقجي (الجزيرة)

وحشية وإسكات
وتقول إن مقارنة بن سلمان بالإمبراطور الروماني الوحشي وغير المتوازن الذي حكم في القرن الميلادي الأول قد تكون قاسية، غير أنها "ليست غير دقيقة بشكل كلي".

وتوضح أن كلا الحاكمين تسلل إلى السلطة في عمر صغير جدا، فقد تسلمها كاليغيولا بينما كان في عمر 25 عاما بينما يتسلمها بن سلمان وهو في عمر 30 عاما. وأن كليهما أحب توفير وسائل ترفيه لمواطنيه الذين يشعرون بالملل، وإقامة مشاريع باهظة التكلفة، وأن الأهم أن كليهما كان يذل أتباعه بالتفنن في إسكاتهم.

وفي حين سبق للإمبراطور كاليغيولا أن أجبر بقسوة أعضاء مجلس الشيوخ الروماني إلى الركض أمام عربته إذا ما أرادوا النجاة بأرواحهم، فإن ولي العهد السعودي بن سلمان شن حملة اعتقالات ضد أقاربه الأمراء، وضد الوزراء ورجال الأعمال البارزين واحتجزهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض إلى أن وافقوا على إعادة ما يقرب من 100 مليار دولار من المكاسب التي تبدو ظاهريا غير مشروعة.

وتعود الكاتبة إلى الوقت الراهن لتضيف أن بن سلمان يلقي باثنين من أتباعه المقربين ليحملا وزر هذه الجريمة الشنعاء، المتمثلة في قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله في القنصلية السعودية في إسطنبول، مشيرة إلى أن كاليغيولا كان يحب التصريح بالقول إن "لدي الحق في فعل أي شيء بحق أي أحد".

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والإمبراطور الروماني كاليغيولا (الجزيرة)
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والإمبراطور الروماني كاليغيولا (الجزيرة)

حرس وخطورة
وتقول الكاتبة إن بن سلمان يستمتع حتى الآن بنفس السلطة الكاسحة، مشيرة إلى إجباره رئيس الوزراء اللبناني الزائر على الاستقالة عبر التلفزيون السعودي، وإلى تدميره مجلس التعاون الخليجي بفرضه حصارا على قطر، وإلى قيام بعض أتباعه المقربين وعدد من حراس أمن البلاط الملكي بقتل خاشقجي.

وتضيف أنه إذا لم يعاقب هؤلاء الأتباع والحراس على الأدوار التي يُزعم أنهم قاموا بها في مقتل خاشقجي، فإن الكونغرس الأميركي -والكثير من دول العالم– لن يعودوا للتعامل مع السعودية كالمعتاد.

وتقول الكاتبة إنه إذا أُعدم قتلة خاشقجي فإن أفراد الحرس الملكي التابع لولي العهد قد يشعرون بأنهم أصبحوا عرضة للخطر وقد يتعرضون بعضهم لبعض، وهو ما دفع بأفراد بالحرس الإمبراطوري الروماني إلى التعاون مع أعداء كاليغيولا وتسهيل اغتياله في سن التاسعة والعشرين.

وتضيف أنه يمكن للكونغرس الأميركي تجاوز الرئيس دونالد ترامب ومعاقبة السعودية على مقتل خاشقجي، وأن بن سلمان يواجه تهديدا إضافيا يتمثل في المعارضة القوية داخل عائلة آل سعود المالكة، حيث عرّض الكثير من أفرادها للإذلال والتشتيت.

وتشير إلى أن بن سلمان عرّض الإصلاحات التي شرع بها للخطر إلى جانب تعريضه سمعته وحكمه أيضا.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الطفل في حضن والده الملك سلمان (مواقع التواصل الاجتماعي)
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الطفل في حضن والده الملك سلمان (مواقع التواصل الاجتماعي)

سخط وتآمر
وتعود الكاتبة لتؤكد أنه إذا ما فقد ولي العهد السلطة، فإن ذلك سيكون على يد أبيه بهدوء، أو على الطريقة العنيفة الدموية التي فقد بها كاليغيولا سلطته، والمتمثلة في التعاون والتآمر ضده بين الأمراء الساخطين وحراس الإمبراطور.

وتنسب إلى بروس ريدل الباحث في معهد بروكينغز الذي قضى 30 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) تحذيره بالقول إنه إذا كان الملك يقف إلى جانب محمد بن سلمان "فأعتقد أن هناك تآمرا جاريا للإطاحة بولي العهد بشكل عنيف".

وتشير إلى اهتمام ولي العهد بأمنه من خلال العدد المتزايد من الليالي التي يقضيها على يخته في البحر الأحمر، وذلك بوصفه أكثر أمانا من القصور.

وترى الكاتبة أنه إذا ما قام الملك سلمان بتنحية نجله محمد، فإنه قد يختار نجله رائد الفضاء سلطان بن سلمان أو ابن أخيه خالد الفيصل (78 عاما) الذي يحظى باحترام واسع، وأن السيناريو المحتمل هو الأول.

وحسب الكاتبة ففي حالة السيناريو العنيف ستختفي كل الرهانات، حيث يمكن أن يؤدي اغتيال بن سلمان إلى صراع على السلطة على نطاق واسع، وذلك ليس فقط بين فروع عائلة آل سعود نفسها، ولكن بمن في ذلك الأصوليون الدينيون الذين يسعون إلى إلغاء الإصلاحات واستعادة القيود الاجتماعية الصارمة التي نزعها منهم ولي العهد.

وتختتم بأنه إذا كان لدى الرئيس ترامب القدرة على التأثير في الأحداث بالشأن السعودي في ظل الأزمة الراهنة إثر مقتل خاشقجي، فإن السيناريو الأول يبقى أفضل من السيناريو الثاني بكثير.

المصدر : الجزيرة + وول ستريت جورنال